إرهاب الفاسدين
د. علي الشلاه/
أتفق تماماً مع الرأي القائل بأن الفساد لا يقل خطراً عن الإرهاب، بل هو جزء مكمل له في نهش الدول وقتل مؤسساتها، وهما يدعمان بعضهما في استهداف قوة الدولة ومواردها، فكما يجبر الإرهاب الأوطان على تخصيص موازنات كبيرة للنواحي العسكرية والأمنية والتسليح، ما يؤثر سلباً على حياة الناس ورفاهيتهم، فإن الفساد يؤدي الغرض نفسه من خلال سرقة تخصيصات المشاريع والخدمات والبنى التحتية وغيرها.
إن انتصار العراق على دولة الخرافة والقتل لن يكتمل إلا بالانتصار على إرهاب الفاسدين الذين استغلوا الظروف والفرص ليسرقوا المال العام والخاص، وليتسلقوا مواقع ليست من اختصاصهم وليسوا أكفاء لشغلها وتسيدوا على ذوي الاختصاص والنزاهة والكفاءة الإدارية.
والأسوأ في أداء هؤلاء أنهم صاروا يمتلكون الوقاحة على مهاجمة الأكفاء والنزيهين لمنعهم من أخذ فرصهم الحقيقية في خدمة الوطن وتحسين أداء مؤسساته.
ولعلّ أسوأ ما في الأسوأ أن يتذرع هؤلاء بالمذاهب والطوائف المحترمة ليهاجموا وينتقصوا من الآخر المختلف طائفياً، وكأن المواطنة لم تعد موجودة وأن الوطن ليس سقفنا الذي نأوي إليه وأن العراق لا يدافع عن أبنائه الشرفاء عندما يتناوشهم الطائفيون المرضى في مواقع التواصل الاجتماعي أو لدى هذا المسؤول أو ذاك.
إن الشجاعة في التصدي لأمثال هؤلاء لا تقل عن الشجاعة في مواجهة داعش ومروّجيها، وعلى المسؤولين في مؤسسات الدولة كافة أن لا يتراجعوا أمام ابتزاز هؤلاء الفاسدين وأن يستمروا بالقرارات الصحيحة واختيار الأكفأ والأصلح أياً كانت طائفته أو دينه، وصبر يوم أو يومين سيفضح هؤلاء ومن يستفيد من طائفيتهم وفسادهم.
وأخيراً لابد من الانتباه إلى أن الفساد ليس له باب واحد ولا يكفي أن تحارب شكلاً واحداً من أشكاله لأن محاربة الفساد جزئياً فساد أيضاً.