نجم الغناء العراقي محمد عبد الجبار لـ “الشبكة”: صوتي لا يتكرر وليس بوسع أحد أن يعيد أغنياتي!

1٬935

أحمد سميسم /

صوت له نكهة خاصة وخصوصية جعلته مميزاً في الأغنية العراقية، وعُرَب صوتية تكاد تكون منفردة في نوعها لغزارة شجنها ودفئها.

أجاد، بطريقة مبهرة، جميع الأطوار الغنائية الجنوبية ووصل بها الى العربية، لاسيما تميزه في طور (البيات) الغنائي المعروف الذي اشتهر به أسطورة الغناء الريفي الفنان الراحل (داخل حسن). دقيق في اختياراته، لذا فهو فنان صعب في قبول الألحان أو الكلمات التي تعرض عليه ما جعله يرفض عروضاً كثيرة من ملحنين عراقيين وعرب. مجلة “الشبكة” التقت المطرب “محمد عبد الجبار” خلال زيارته بغداد في حوار صريح كشف خلاله معلومات جديدة وحصرية تنشر لأول مرة.

هذه هويتي

* بداياتك كانت في فرقة (دانة) مع الأغاني ذات الإيقاع السريع لكن سرعان ما هجرتها واتجهت الى الأغاني الطربيّة، هل وجدت نفسك بعيداً عن هذا اللون؟

– أنا مطرب الأغاني الطويلة الثقيلة الطربية، حيث وجدت نفسي بهذا اللون وأصبح هويتي الفنية المعروفة بين المطربين.

* لونك الغنائي قريب إلى حد ما من طور الفنان الراحل رياض أحمد، هل هذا التوارد مقصود أم صدفة؟

– في بداياتي الفنية قلدت الفنان الكبير الراحل رياض أحمد واقتربت من طريقة أدائه، لاسيما في المواويل، لكن بعدها ابتعدت عن هذا الأسلوب ورسمت لوناً خاصاً بمحمد عبد الجبار لا يشبه أحداً، أما صوتي فإنه قريب من صوت الفنان الراحل علاء سعد بل حتى نتشابه معاً في الشكل لكنه أطول مني.

* قلت ذات مرة “إن أغنياتي لا يمكن لأحد أن يغنيها غيري”، هل هذا صحيح ولماذا؟

– هذا صحيح، أغنياتي لا يمكن لأحد أن يغنيها غيري، وسبب ذلك هو (سر إلهي) في عُرَب صوتي الذي له خصوصية يختلف بها عن بقية الأصوات، لذا كثير من المطربين يخفقون عندما يحاولون أن يؤدوا أغنياتي، وأذكر أن هنالك حادثة حصلت في البرنامج العربي(عرب آيدل) الذي يعرض من على شاشة قناة (MBC) عندما حاولت مطربة أن تغني إحدى أغنياتي، فوقعت في الفخ وأخطأت في أدائها من حيث وزن اللحن والكلمات ولم تستطع إكمال الأغنية.

أغانٍ راسخة

* يقال أنك من الصعب أن تقتنع بلحن وكلمات معينة إلا بعد تدقيق وفحص عميقين؟

– أكيد، لأني أرفض أية كلمات أو ألحان لا تؤثر بي، وأصل لدرجة أن أعيش طقوس وبيئة الأغنية كي أشعر بها وتظهر بالشكل اللائق والإحساس العميق، لذا لا أتردد في رفض عروض كثيرة من ملحنين وشعراء عرب كبار تربطني معهم علاقة جميلة إن لم أكن مقتنعاً بالعمل، وحصل مرات عديدة أن يبعثوا لي (كايدات) ألحان لكنها لم تلامس ذائقتي وأيضاً تكون بعيدة عن منطقتي الفنية.

* برأيك لماذا بقيت أغنية (تانيتكم) راسخة ومؤثرة في ذاكرة الناس لحد الآن بالرغم من غزارة أعمالك الفنية؟

– الأغنية بقيت راسخة في ذاكرة الجمهور لأنها ولدت في ظروف صحيحة وبيئة مناسبة، وسبب خلود (تانيتكم) أنها تمتلك شجناً عالياً في اللحن والكلمات، وأصبحت الأغنية وكأنها ماركة عالمية مرتبطة باسمي حيثما حللت، ولها جمهورها عراقياً وعربياً.

* لديّ معلومة بأن أغنية (تانيتكم) كانت نتاج قصة حب حقيقية عشتها في تسعينات القرن الماضي؟

– نعم هذا صحيح، ولأول مرة أتحدث عن هذا الموضوع في الصحافة، الأغنية كانت عن قصة حب عشتها في التسعينات لكن القدر كان أقوى حيث توفيت تلك الفتاة، رحمها الله، التي كان يجمعني بها كل الحب والإخلاص، وأيضاً في تلك الفترة توفي صديق لي في حادث سيارة حين كنا ذاهبين معاً الى مكان معين وتعرضنا لحادث أثناء السير أدى الى وفاته في الحال، هاتان الحادثتان تركتا أثراً كبيراً في داخلي.

* كونك اشتهرت وأجدت غناء المواويل بطريقة احترافية، لذا هل يصح أن يطلق عليك لقب (مطرب المواويل)؟

– نعم لمَ لا، أنا أجيد كل الألوان الطربية الغنائية، لدي قدرة أن أحول ما يكتب في الصحف إلى نصوص غنائية! ليست لدي مشكلة في ذلك.

* كنت على وشك توقيع عقد مع شركة روتانا الغنائية العربية لكنك رفضت ذلك ومن ثم وافقت، حدثنا عن ذلك؟

– كان ذلك في عام 2015 ولي الفخر أن أعمل مع شركة روتانا العريقة، لكن لم أتفق حينها على بنود العقد لأن ما عرض عليّ شيء والتنفيذ كان شيئاً آخر، حيث كان العقد يتضمن أن أتحمل نفقات الألبوم الأول والألبوم الثاني، والثالث تتحمله الشركة، لذا لم نصل الى اتفاق.

* بماذا تميزت عن أبناء جيلك من المطربين؟

– باعتقادي تميزي عن أبناء جيلي من الفنانين هو أن اختياراتي كانت صحيحة، ولا تخرج أعمالي الفنية للجمهور إلا بعد فحص عميق من كل الجوانب، وبكل صراحة، وليس غروراً، أنا الصوت الذي لا يتكرر وبشهادة نجوم الفن ومن يرى غير ذلك فليأتني ببرهان.

* على ما يبدو أنك عانيت من جرح الأصدقاء والقريبين منك؟

– نعم، عانيت من جرح وغدر الأصحاب ممن كنت أعتبرهم المقربين لي، وبعضهم من نجوم الوسط الفني حالياً بدون ذكر أسماء، إذ تمت محاربتي منذ بداية دخولي الفن، لكن الحمد لله استطعت أن أتخطى هذا الحاجز بعملي وإصراري على النجاح وتقديم الأفضل وبشهادة من كانوا يتحدثون عني بسوء.

* هنالك هاجس خطير يطاردك دائماً اسمه (الاعتزال) الفني، هل ما زال يراودك؟ ومن المنتصر في النهاية أنت أم هو؟

– نعم دائماً يراودني قرار الاعتزال بين الحين والآخر لكن بالنهاية أنا المنتصر وسرعان ما أغادر هذه الفكرة.

* أحد مواويلك تقول فيه ( اذا الجناح هو يعلي الطيور، اكو ناس علت من غير جنحان)، هل هناك حادثة مرتبطة بهذا النص؟

– هذا الموال كتبه الشاعر حامد الغرباوي في زمن النظام السابق وقال لي لن تستطع غناء الموال لحساسية كلماته، قلت له بل سأغنيه مهما كان الثمن، وفعلاً سجلته في عمان عام 2002 وانطلق بشكل واسع وأصبح يطلب في كل مكان إذ كان مجازفة كبيرة في ذلك الوقت.

* لديك تصريح تقول فيه سيكون هناك تعاون بيني وبين الفنان كاظم الساهر، هل حصل ذلك فعلاً أم لا؟

– هذا صحيح، فقد وعدني الفنان كاظم الساهر بذلك لكن لم يتم التعاون بيننا بسبب انشغاله بأعماله وكثرة ترحاله بين البلدان، لكنني طلبت منه أغنية قديمة اسمها (بكل سهولة تريد أسامح) لإعادة توزيعها وغنائها لكنه رفض وقال لي أترك هذه الأغنية وسأعوضك عنها بعمل جديد.

* هل تحب الانعزال؟

– أنا انطوائي بشكل كبير، لا أحب الظهور في الأماكن العامة والمزدحمة بالناس، ودائماً أفضل لقاء الأصدقاء والأحباب في البيت أو أحد الأماكن الهادئة.

*هل ندمت على أغنية معينة؟ قد تكون أغنية (الشيشة) مثلاً؟

– لا ليس كذلك، أغنية (الشيشة) غنيتها في حفلة معينة لأنها تطلب في مثل مناسبات كهذه لخفّة لحنها، لكن مستحيل أن أغنيها في المسرح، لكن هناك أغنية ندمت على تقديمها اسمها (ولك عيني ولك كافي) لم تعجبني حينها.

*ما الذي يثير غضبك؟

– شيئان يثيران غضبي برغم هدوئي، هما الغلط بغير وجه حق، وعندما شخص ما يأخذ حقي بالباطل.

*ما الصفة التي تتمنى التخلص منها؟

– طيبتي التي سببت لي المشاكل.

*هل من بقايا أُمنية مازالت معلقة بنبضك؟

– أن أصل بنجوميتي إلى أبعد نقطة في العالم.

* لديّ معلومة مفادها أن هناك كثيراً من الفقراء من الذين يعانون شظف العيش يترددون على حفلاتك أو أي مكان تتواجد فيه سراً، حدثنا عن هذا الموضوع؟

– نعم، حصل ذلك أكثر من مرة، هذه القضية مرتبطة مع الله سبحانه وتعالى، ولا أحب التحدث عنها لولا أنك سألتني عنها، ساعدت الكثير من العوائل المحتاجة فعلاً الى مساعدة وليس ممن يدعون الفقر وهم أغنياء ولديهم القدرة على العمل والكسب ممن نراهم يجوبون الشوارع، هؤلاء لن أتصدق عليهم مطلقاً لأنهم ليسوا فقراء.
“ليش راجع”

* حدثنا عن ألبومك الحالي وما جديدك؟

– ألبومي لهذا العام يتميز بكونه عراقياً عربياً الذي حمل اسم (ليش راجع)، ويضم (12) أغنية متنوعة بالتعاون مع ملحنين عرب وعراقيين، قمت بإنتاجه على حسابي الخاص وكلفني ما يقارب الـ (280) ألف دولار.

وقريباً سيتم إنجاز أوبريت غنائي وطني كبير بمشاركة فنانين عراقيين وعرب، أنا والفنانين حاتم العراقي وحسام الرسام، ومن العرب الفنانة الأردنية ديانا كرزون والفنان ملحم زين وآخرون، من ألحان علي بدر سيتم تسجيله في ستديوهات مصر، إن شاء الله، وأيضاً لدي عمل فني (فيديو كليب) قريباً مع المخرج العربي حسين دعيبس.