طب الأعشاب الصيدلية الخضراء تنقذ جيوب الفقراء!

728

آمنة عبد النبي/

يسمونه طب العائلة الفقيرة والمنقذ لجيوبها المحدودة من الافلاس الحتمي مابين عيادات السونار ومختبرات التحليل ووصفات الصيادلة الكفيلة بتسريح الراتب قبل انتهاء نصف الشهر، أما الطب العام فيعد انّ منافسه العشبي المخادع ليس بأكثر من أكذوبة طبية منتحلة هوية الطب، وهرولة خلف تراث عتيق لاينسجم مع حاضر الانسان وثورته المعلوماتية.
وهنا نتساءل وما الدوافع التي تجعل الناس يتجهون إليه ويعزفون عن الطب العام والممنهج وفق آليات علمية لاتقبل المجازفة بحياة المريض في أقل تقدير؟
خداع وبدائل
رحلة عشبية مكثفة بدأتها (نرمين عدنان ٣١ سنة) بعد انّ اهدرت قبلها سنوات مابين تحاليل وسونارات ووصفات طبية بآلاف الدنانير شراءً لصحتها ولكن من دون جدوى، تقول بهذا الشأن: بدأت مشكلتي مع البشرة الجافة التي أعاني منها، لم اترك علاجاً طبياً كالمراهم الصحية والكريمات حتى جربت حقنها بابر فيتامين ميزوثيرابي، أعترف أن العلاج أخذ مفعوله لفترة ولكن سرعان ماتعود حالة التخشب لوجهي وكأن شيئاً لم يكن، لذلك استعضت عن تلك العلاجات الكيمائية بعصارة عشبية خاصة بفاكهة الفراولة وايضاً اضفت لها كريم الصبار المخصص لتنقية البشرة، ابتعتها من محل خاص لبيع الاعشاب، الكلفة هنا بسيطة ولايمكن مقارنتها بما كنت اهدره داخل عيادات الأطباء.
امّا مشكلة القولون الذي لازمني طوال اربع سنوات كنت اراجع فيها امهر الاخصائيين،واعالجه بعدة علاجات طبية متنوعة مابين اخذ حبوب معينة اضطر احياناً لشرائها بثمن مضاعف خوفاً من الغش والتقليد،ناهيكِ عن عشرات الاشعة والسونارات والتحاليل التي في كل مرة تشخص علة معينة تختلف عن الاخرى،لذلك اضطررت وقبل سنتين تقريباً ان استعين ايضاً بعشاب ماهر،وصف ليّ علاج العسل والزنجبيل كبديل عن تلك الاكداس العلاجية وفعلاً لاحظت تحسن واضح.
فراغات وتساقط
امّا طالبة الكلية (هناء محمود ٢٠ سنة) فتعاني من مشكلة تساقط الشعر وماادراك ماتساقط الشعر مصيبة كل فتاة على حدِ قولها: لقد اضطررت باحد المرات انّ احقن براسي بابرٍ طبية لتنشيط البويصلة وايضاً لم ألاحظ مايقنعني وهنا استبدلت العلاجات الكثيرة للتساقط بدهن فراغات التساقط بزيت الثوم، لاحظت الفرق شيئاً فشيئاً بعد انتهاء الشهر الثاني من الاستعمال اليومي، فضلاً عن اسناده وتقويته بشامبو عشبي بعد انّ مللت اهدار الاموال والتجارب دون فائدة.
دجل وخزعبلات
الطبيب الصيدلي ( محمد عدنان ) اعترض بشدة على استبدال قرون التحديث العلمي بخرعبلات نباتية شائعة، قائلاً: بصراحة نحتاج وعي مجتمعي لما نقرأ ونسمع ونصادف من حالات تطببت بواسطة الاعشاب التي تحولت الى مهنة من لامهنة له، خصوصاً وحجة الكثيرين من مروجي هذا الطب بأن اصل الادوية هي الاعشاب، وان الاعشاب خالية من الصناعات الكيميائية، لذلك انّا اعتقد باستثناء امور بسيطة بأنّ طب الاعشاب ومايشاع عنه في الكثير من القنوات الفضائية والمواقع ماهو إلاخرافة ودجل وضحك على الذقون.
الممارس الشعبي
العشاب (محسن عطية) تحدث عن آلية العلاج بالأعشاب وطرائقه المتعددة وأغلب حالات الزبائن بالقول:
تتم معالجة المرضى في هذا المجال بالأعشاب الطبيعية ويكون الممارس الشعبي للعلاج على معرفة بطبيعة الأعشاب ومصادر تحصيلها وطرائق استعمالها ومدى تأثيرها وكذلك معرفة مدة صلاحيتها ويسمى المعالج الشعبي ضمن هذا الإطار باسم المعالج بالإعشاب أو العشّاب وقد يكون العطّار الشخصية التقليدية في هذا المجال، ولدينا أيضاً الطب الشعبي الجراحي وهو طب يختص بمعالجة الكسور وتجبيرها ومعالجة حالات انزلاق الفقرات والرضوض والفسوخ وغيرها من الأمور المتعلقة بالجانب الجراحي.
رخص وسهولة
الاعلامية (جنان حسين) تطرقت من جانبها الى إن العامل الاقتصادي يؤثر تأثيراً بالغاً على المريض من حيث اختياره للممارس العلاجي كبديل عن الطبيب وتكاليفه الباهظة، قائلة: إنّ طبيعة الأمراض من حيث حدتها واستمرارها لها خطورتها من الناحية الاقتصادية بالنسبة للفقراء أيضاً فالعامل والأجير عندما يصاب بمرض يتطلب علاجه تكلفة كبيرة تفوق راتبه وأياماً عديدة يلزم فيها شراء الدواء فليس هناك بدّ من أن يدفع هذا العامل أجر عمله بالكامل لقاء ذلك. علماً انّ البسطاء والقرويين لايخامرهما الشك مطلقاً في كفاءة الأساليب العلاجية التقليدية. إذ إن الطب الرسمي في نظرهم عليه مآخذ كثيرة الى جانب ضخامة اجوره فالطب الحديث أو الرسمي لايتعامل إلا مع الأعراض الظاهرة للمرض على نحو يتسم بالآلية والسرعة والدرامية ولا يأخذ في حسبانه العلاقات الوثيقة التي تربط بين المرض وبين القيم الثقافية والأبنية الأخلاقية والاجتماعية فهو أحياناً بنظرهم طب لاأخلاقي نظراً لما ينجم عنه من آثار جانبية لاتحسب عواقبها.
علاجات وزبائن
الباحث الاجتماعي ( شهيد حسين ) اشار الى تطور الطب ووصل إلى ما هو عليه اليوم بصورته الحديثة تطورت معه سبل الوقاية وطرائق العلاج إلى ما نعرفه اليوم من طبٍ متخصص. وفي الجانب الآخر كان الطب الشعبي قد أخذ مكانه في ميدان الممارسة العلاجية الشعبية قائلاً: اختلفت صور الدواء وطرائق العلاج بالامس عن اليوم فعرف الإنسان كيف يقي نفسه من الأمراض وكيف يطببها وذلك من خلال طرائق عديدة قد تختلف في الشكل (جراحي، دوائي، نفسي) ولكنها تشترك في الهدف وقد تكونت طرائق التطبيب هذه لدى الإنسان عن طريق الموافقة “الصدفة” فالتجربة ثم إلى المعرفة فالاختصاص. ومما لاشك فيه أن شكلها الأول أعتمد على المتوافر من منتجات الطبيعة لذلك أصبح الحيز الذي تشغله العلاجات العشبية في تفكير الناس بتزايد وابسط صوره التي تتمثل بالمعالجة المنزلية عند أغلب العوائل فيما يخص الأمراض الشائعة، فضلاً عن نوعٍ آخر يمارسه أناس متخصصون أطباء شعبيون وهو ما يمكننا تسميته الطب الشعبي الاحترافي، فهناك محترفون في ميدان الطب الشعبي نجحوا من خلال الممارسات والتجارب المتراكمة فضلاً عن ما توارثوه من المعالجات الشعبية كمهنة فعادت عليهم بتلك الخبرة والكفاءة التي حققت لهم بعض النجاح في معالجة الأمراض وجعلت الناس يتجهون إليهم بعد ثقتهم بقدراتهم وإمكانياتهم العلاجية.