ترنيمة الأعياد.. تعزف إيقاع النصر

1٬242

إيفان حكمت/

لا تغادر ذاكرتي صور وجوههم المبتسمة التي تبشرنا بأمل جميل تحمله لنا السنة الجديدة، أصوات عجلاتهم محتفلة والأشرطة والأعلام تزينها، وضحكاتهم الجميلة رافقتني طوال طريق عودتي من محل وظيفتي الى محل سكني. هذه كانت الحُلّة الأولى التي زينت شجرة السنة الجديدة، أول هدية حصلنا عليها في هذه السنة هي انتصارنا الكبير وجمال ابتسامات أبناء الجيش والشرطة والحشد الشعبي وتلويحهم لنا بالنصر والحب والأمل.

شجرة الكرسمس واللون الأحمر وترنيمة انتصارنا، ألحان دافئة تجمّل كل زوايا شوارعنا، إقبال أعداد كبيرة من العوائل على شراء الزينة والأردية الحمراء وكل ما يتعلق بالكرسمس بشكل كبير ربما لتمردهم على مفردات الطائفية والتعصب التي حاول البعض زرعها بين ثنايا تربتنا النقية، وربما لرغبة العوائل في أن تعيش أياماً تنعش أنفاسها أجواء الاحتفالات والسلام والطمأنينة، وربما لمناجاتهم استجابة السماء لأمنيتهم العيش بأمان وأن تتحسن ظروف البلد على جميع الصعد مع مطلع السنة الجديدة.

بدأ تبادل الأمنيات والإشعارات الملونة الخاصة بالكرسمس على مواقع التواصل الاجتماعي مبكراً جداً هذه السنة، كما تزينت المحال والمولات وجميع المباني التجارية في كل شوارع بغداد بزينة العيد مبكراً أيضاً، ألوان وإنارات وأشجار تضيء عيون أطفالنا وتزرع في قلوبهم الغضّة شهقة الفرح.

سنة جديدة لنبذ الطائفية

سارة أحمد، (25 عاماً)، طالبة في كلية الفنون الجميلة تتجول في أروقة أحد المراكز التجارية في منطقة الكرادة، مع صديقتها آن كوركيس، عبّرت عن رأيها “للشبكة” قائلة: “اعتدنا على تزيين الشجرة في منزلنا كل سنة وأن نحتفل مع الأقارب والأصدقاء في ليلة رأس السنة وبشكل خاص لا سيما أن لديّ من الأصدقاء المسيحيين ما يكفي لنجتمع معاً ونحتفل، لا أستطيع أن أتصور كيف يفكر البعض بتلك الطائفية واعتبار أن من الخطأ الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة”،
تؤكد سارة أن “المسيحيين لطالما كانوا وبحق إخوة المسلمين وأن لا فرق بين مسيحي ومسلم فكلهم عراقيون ، ولا أتخيل طعماً للسنة الجديدة دون استقبالها مع صديقتي آن.”

وختمت قائلة إن “علينا أن نحتفل جميعا مع إخواننا المسيحيين بهذه السنة الجديدة خاصة وأنها تزينت بانتصارنا الكبير، علينا أن نرسم الفرحة والحب والسلام في قلوب الجميع وأن ننبذ كل ما يمت بصلة الى الطائفية.”

آن كوركيس تقول في حديثها لـ”الشبكة” إن “الكرادة لطالما كانت عراقاً مصغراً تحمل في أزقتها جميع أطياف الشعب العراقي، ولطالما ترافقت أصوات أجراس الكنائس مع أصوات المؤذنين وهم يمجدون اسم الله في المساجد”، مضيفة أن “العراق شهد حقبة ظلامية بوجود داعش الإرهابي في الأعوام القليلة الماضية، ولطالما أوضح مسيحيو العراق للمسيحيين في العالم أن داعش لا يمثل الإسلام والمسلمين، وأننا لطالما عشنا وتعايشنا في البلد دون تفرقة أو مشكلة.”

وتتمنى آن “أن تكون السنة المقبلة سنة انتصار وسنة عراق خالٍ من الإرهاب، وأن يحيط بنا جو مضاعف من التفاؤل والإحتفال.” وتضيف بابتسامة كبيرة “ما جعلنا نضاعف إنفاقنا على زينة الشجرة والعيد.”

كرسمس يعيد الذاكرة بعد الغياب

لينا رشيد (45عاماً)، ابتسامة شفافة تختبئ بين شفتيها الحزينة: “كنا قد اعتدنا في سنوات مضت أن نزيّن شجرة الميلاد في منزلنا كل سنة، بل أن والدي جعله تقليداً عائلياً حيث يجتمع في منزلنا الأقارب ونسهر ونحتفل مع بعض طوال مدة احتفالات السنة الجديدة، انتقل أبي الى رحمة الله وغادر معه هذا التقليد، ومضى كل أخ وأخت منشغلاً بمنزله وعائلته وانغمسنا جميعا بتوالي الصدمات والأحداث البائسة على رأس بلدنا وانشغلنا بظرف البلد وما يمر به ونسينا تقليد الوالد، وغاب احتفالنا السنوي”، تضيف لينا في حديثها “للشبكة” بابتسامة كبيرة، ظهرت الآن من مخبئها: “ها قد عدنا الآن بأمل جديد لنزرع ذكرى جميلة حيث أننا الآن نشتري الشجرة وزينتها ونستقبل السنة الجديدة بابتسامة كبيرة كما يبتسم لنا البلد في أيام انتصاراته وانتصار المسيحيين من أبناء بلدنا وتحرير مدن العراق وفرحة أهله بجميع مكوناتهم.”

إقبال مختلف هذه السنة على شراء الزينة

أنور عبد الله(35 عاماً) بائع في أحد المحال التجارية: “على الرغم من أنها كانت سنة صعبة جدا على الصعيد المالي، على البلد ككل، ولكن بالمقابل نرى إقبالاً كبيراً من العوائل على شراء الأشجار وزينتها. اضاف أنور “للشبكة”: “كما أن تجار الجملة قد وسعوا هذا العام تشكيلة مستلزمات العيد بشكل كبير ومتنوع أكثر حتى من أية سنة سبقت.”

شموع العيد وأضواؤه

زيد متي (25 سنة) سائق تكسي من مدينة الموصل سكن في بغداد مؤخراً يقول “للشبكة” إن “الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي هم شموع هذا العيد وضوؤه، سنحمل الزهور لمن يحرس أيامنا، وسنشعل الشموع لأرواح الشهداء الذين حرسوا أحلامنا من كوابيس الإرهاب.”