ابني يسرقني…ماذا أفعل؟

955

ترجمة: آلاء فائق/

لدى بلوغ الطفل عامه الثالث أو الرابع، يحثه أبواه على التمييز بين ما هو “لي” وبين ما هو “لك”. انطلاقاً من هذا المفهوم يتوجب على الطفل عدم تخطي حدود غيره دون موافقتهم. فعندما يرغب أي شخص باستخدام حاجيات غيره، يجب عليه أولاً أخذ موافقته، حيث أن أخذ شيء دون استئذان هو خرق لحقوق ملكية الشخص الآخر. أخلاقياً، فإن أخذ أشياء غيرك دون علمه هو “خطأ”، ويطلق عليه “سرقة”، وبفعلتك هذه ستشعر هذا الشخص بمرارة فقدانه لشيء يعتز بامتلاكه.

تصرف طفولي

لكن ماذا لو أمسكت يوماً بابنك الصغير وهو يسرق منك أو من أي شخص آخر قريب لكم؟ هل وجدته مثلاً يستخدم بطاقة الائتمان الخاصة بك للعب على الانترنت، أو أخذ المال من محفظتك أو من حقيبة والدته دون إذنكما، وقد لا يتردد حتى في أخذ عملات نقدية عالية.
يشير كارول بانكس، ماجستير بالعمل الاجتماعي ومرشد تربوي، وهو يتحدث أون لاين مع أي شخص يطلب مساعدته: إن الغضب وخيبة الأمل وعدم الثقة التي ستشعر بها حينها يمكن أن تكون مدمرة لعلاقتك بابنك، ولكن مع هذا عليك أن تتمهل وتهدئ من روعك.
إذا ما أمسكت بطفلك وهو يسرق منك، قد تتساءل: “لماذا أقدم على هذه الفعلة المشينة بعد كل أسس التربية الصحيحة التي غرسناها فيه أنا وأمه؟” ويشكك كثير من الآباء بمدى قدراتهم بالتربية ويتساءلون عن الثغرة الخاطئة التي أوقعت ابنهم بشرك السرقة. صحيح هي حالة مخيبة للآمال ومحبطة للآباء عندما يقدم طفلهم على سرقتهم، لكن علماء النفس يعتقدون أنه أمر لا يتطلب قدراً كبيراً من القلق لأنه غالباً سلوك طفولي يمكن تغييره بمرور الوقت.

لمن نغفر ولمن لا نغفر؟

أعتقد أنه من المهم أيضاً أن ندرك وجود فرق كبير بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات اذا ما أخذوا شيئاً، مقارنة بالأطفال الأكبر سناً. فالأطفال الصغار لم يتولد لديهم بعد الإحساس بالصواب والخطأ حول هذه المسألة حتى الآن، فأدمغتهم لم تتطور بعد بما فيه الكفاية للتفكير خارج مساحة أنفسهم والتفكير بما قد يسببونه من أذى نفسي للآخرين اذا ما أخذوا حاجياتهم دون علمهم. إذا ما أخذ طفلك الأصغر سناً أشياء تخصك، ركز على تعليمه مهارات المشاركة، اسأله عما يود امتلاكه من أغراضك وأمتعتك، وتناوب معه في ذلك. عندما يكبر طفلك قليلاً، تحتاج حينها لتدريبه على قول: “أنا آسف، ما كان ينبغي علي أخذ ذلك دون أن أطلب منك.” لكن لا تجعله يشعر وكأنه شخص سيئ ، ولا تصنف الحالة كسرقة. بدلاً من ذلك، أوضح له أن أخذ شيء من دون طلب هو أمر خاطئ.

الأطفال الأكبر سناً

يقول جيمس لهمان، معالج نفسي، إذا كان طفلك يبلغ من العمر تسعة أعوام أو أكثر، وقام بأخذ شيء منك أو من غيرك، هنا يجب التعامل مع المشكلة بجدية أكثر. “قبل أن تساورك الشكوك حول تصرفه الغريب، افهم أن طفلك لجأ للتفكير الخاطئ، ظناً منه أن ذلك وسيلة متاحة لحل مشكلته”.

المشكلة” ببساطة أن طفلك البالغ من العمر 10 سنوات أراد شراء لعبة فديو جديدة، ولم يتوفر له المال الكافي، وأراد “حل” مشكلته عن طريق أخذ المال من محفظتك دون أن يعلمك. ربما قاده تفكيره الخاطئ: “أنا بحاجة لهذا المال وأمي لا يمكنها ملاحظة ذلك”. عندما تضبطه يأخذ منك، يمكنك أن تقول له:” فقط لأنك أخذت شيئاً تافهاً، لا يهم أنك أخذته دون أن تطلب مني ذلك”. بعدها اسأله:” ماذا يجب عليك فعله بالمرة القادمة؟”

من المهم أيضا أن لا تسمح لطفلك بالاحتفاظ بما أخذه منك أو من الآخرين؛ عليه أن لا يستفيد أبداً وبأي شكل من الأشكال من أخذ شيء من شخص آخر. والأب هنا لا يتوجب عليه تسديد خطأ سرقة ابنه.

السرقة من السوبر ماركت

يتصل كثير من الآباء بالعديد من بلدان العالم بالرقم 1-1 الإرشادي والتوعوي، عندما يقدم طفلهم على سرقة أحد معروضات السوبر ماركت، فكثيراً ما يقلقهم سلوكه الغريب، لاسيما لو رفعت إدارة المتجر دعوى قضائية ضده بحال مسكه متلبساً بالسرقة، كما يقررون معاقبة طفلهم بمنعه مثلاً من مشاهدة التلفاز، لكنهم يسمحون له بالاحتفاظ بالمادة المسروقة، فقط كي يرجعها بنفسه مرة أخرى لإدارة المتجر.
قد يكون قراراً معقداً، يعتمد على عمر طفلك والمكان الذي تعيش فيه، لكن عليك اتخاذه بعد دراسة جميع النتائج المحتملة. وفي حال قرارك عدم إرجاع طفلك للمادة المسروقة، تأكد من عدم إفلاته من العقوبة، عاقبه بالمنزل، ولا تسمح له بالاحتفاظ بها. علِّم طفلك أننا عندما نلحق الأذى بالآخرين، يجب علينا فوراً تعديل موقفنا تجاههم.

ماذا تفعل لو استمرت السرقة؟

إذا كان طفلك لا يمكنه التوقف عن السرقة، تحتاج هنا لموازنة الأمور بمعرفة السبب وراء تكرار سرقاته. عليك أيضا تأمين محفظة نقودك وغيرها من المواد الغالية بمكان آمن بجميع الأوقات حتى يتمكن طفلك من تعلم كيفية حل مشاكله بشكل أكثر ملائمة.

حتى لو كنت قلقاً بشأن شخصية طفلك، لا تدعه يعتقد أنك تشعر بأنه شخص سيئ، بل بدلاً من ذلك، قل له إن علينا وضع الأمور في نصابها الصحيح. لو سيطرت عليك فكرة أن ابنك سيئ ولا يمكن اصلاحه سيؤثر ذلك على شخصيته كما سيؤثر ذلك على علاقتكما معاً، لا تدع طفلك يفقد الأمل بقدرته على تغيير سلوكه الخاطئ.

حرمان عاطفي

أما إذا استمر طفلك بالسرقة، سوف تحتاج هنا لمعالجة تفكيره الخاطئ بحزم أكثر. قد يكون هناك حرمان عاطفي أو اندفاع ما يحركان سلوكه على نحو خاطئ.

العديد من العوائل في البلدان الأوروبية يعانون من سرقة أبنائهم بالتبني. ففي بعض الأحيان تجد أن الأطفال الذين يعانون من خلفيات مؤلمة قد يواجهون صعوبة بالثقة بالآخرين كي يلبوا احتياجاتهم، لذلك يأخذون المواد الغذائية وغيرها من المواد ويكتنزونها عندهم.

عندما ينكر طفلك السرقة

عادة ما يخبر المعالج النفسي “جيمس لهمان” الأبوين: “إذا كنتما على يقين أن طفلكما قد سرق شيئاً، ابتعدا عن الانفعال وتصرفا بحكمة معه، فقط قولا له: “نعتقد أنك استخدمت بطاقة الائتمان الخاصة بنا لأنك أردت تحميل بعض الأغاني من موقع النغمات الإلكتروني. اطلبا منه التكفير عن فعلته، أما إذا لم تكونا على يقين من سرقته وطفلكما نفى ذلك، لا أعتقد أن بإمكانكما بعدها الوصول معه لنتيجة ملموسة.
بمثل هكذا حالة ليس بمقدوركما اتهامه بشيء انتما غير متأكدين منه، خوفاً من مردودات النتائج العكسية على علاقتكما، اللهم، إلا إذا أمسكتماه بالجرم المشهود، عندها ستقدران اذا ما كنتما ستعاقبانه أم لا.

صحيح أن الآباء سيشعرون بالضرر والخيانة بعد سرقة ابنهم لهما، لكن عليهما أن لا ينظرا للمسألة من زاوية شخصية. ثقا أن المسألة ليست لها علاقة بشخصيكما او بتربيتكما له بقدر ما لها علاقة بطفلكما وبالطرق غير الملائمة التي اختارها لحل مشاكله بالوقت الحاضر.