زياد عيتاني.. أن يسقط الفنان في مستنقع الخيانة!

791

جبارعودة الخطاط/

صدمة من العيار الثقيل والمفاجئ شكلها خبر اعتقال الفنان المسرحي اللبناني المعروف زياد عيتاني نهاية شهر تشرين الثاني بتهمة التخابر مع العدو الصهيوني، وخرجت الأيام الفائتة تسريبات التحقيقات معه وتوريطه من خلال تواصله مع حسناء سلبت لبه مدعية أنها سويدية، قبل أن تخبره بعدما اوقعته في الفخ بأنها ضابط في جهاز الموساد الإسرائيلي، الحسناء الإسرائيلية كان من المفترض أن تدخل إلى الأراضي اللبنانية بجواز غير إسرائيلي مزور! هذا ما اعترف به عيتاني في التحقيقات كما أفادت مصادر الأمن اللبناني، عيتاني الذي عرف برفع الشعارات المناصرة للقضايا القومية وبقربه من الأوساط اليسارية في لبنان، أقر بأن اتصالاته مع الموساد تضمنت التخطيط لعمليات اغتيال شخصيات سياسية وأمنية لبنانية، وأن الحسناء-الضابطة الموسادية قد طلبت منه جمع المعلومات اللازمة لمخطط باغتيال وزير الداخلية نهاد المشنوق، والوزير السابق عبد الرحيم مراد، مؤكداً استلامه لمبالغ مالية اليه بشكل شهري.

صدى سقوط عيتاني

الكثيرون من فناني، وإعلاميي لبنان صعقوا لدى معرفتهم بهذا الخبر الصدمة، فعيتاني طالما رفع شعار الدفاع عن فلسطين، والقضايا القومية! لذا تفاعلت قضية توقيفه على منصات التواصل الاجتماعي، فالمجتمع اللبناني منقسم سياسياً واجتماعياً ويبدو أن هذا الانقسام القى بظله في هذه القضية التي وصفتها الأوساط الإعلامية بالصاعقة! فالموضوع يتعلق بالخيانة والجاسوسية وهو ليس بالأمر السهل! غير أن الكثيرين لا يملكون أمام اعترافات الفنان عيتاني في التحقيقات سوى لعن الغريزة العمياء والمال الذي يجر من ينصاع لمنطقهما إلى مالا يحمد عقباه.
اللواء طوني صليبا المدير العام لأمن الدولة اللبناني أكد “متابعة الملف منذ أربعة أشهر مع قوى الأمن الداخلي، وكان هناك تنافس إيجابي، وتمكّنا من الإمساك بطرف الخيط الذي أوصلنا إلى المشتبه فيه، ولم نقم بتوقيفه إلا بعد موافقة وإشارة القضاء المتمثل بمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس”.

هذا التصريح جاء عقيب بيان المديرية العامة لأمن الدولة حيال القضية والذي جاء فيه ” تمكنت المديرية العامة لأمن الدولة، من انجاز عملية نوعية استباقية في مجال التجسس المضاد

رصد ومتابعة اتصالاته

وأوقفت اللبناني المدعو زياد أحمد عيتاني، وهو ممثل ومخرج وكاتب مسرحي، من مواليد بيروت عام 1975، بجرم التخابر والتواصل والتعامل مع العدو الإسرائيلي وقامت وحدة متخصصة من أمن الدولة، بعد الرصد والمتابعة على مدار شهور داخل لبنان وخارجه، وبتوجيهات وأوامر مباشرة من المدير العام اللواء طوني صليبا، بتثبيت الجرم فعلياً على المشتبه به”.

وأعرب حسن نجل الوزير السابق عبد الرحيم مراد عن صدمته وذهوله فالفنان المتهم كان من أقرب أصدقائه وهو كان كثير التواجد في بيت مراد في البقاع الغربي، حتى اعتبر كما يقول حسن واحدا من أصحاب الدار! فيما علق المسرحي يحيى جابر على ذلك “أنه حزين ومصدوم مما آل إليه حال صديقه المقرب زياد العيتاني” بينما دافع في موقف لافت السياسي فارس سعيد عن عيتاني واعتبر القضية مسيّسة وأنها تستهدف من اسماهم (احرار لبنان)! هذا الرأي استهجنه الكثيرون، وعدوا القضية تتصل بالأمن الوطني اللبناني ولا تساهل بمثل هذه الحالات.

وقائع السقوط المدوّي

الصحفي رضوان مرتضى سرد ما جرى من وقائع قضية زياد عيتاني بقوله “أوقعت بزياد فتاة حسناء، وصفها عيتاني بأنّها شقراء طويلة شعرها أسود وعينين خضراوين اسمها كوليت فيانفي كما عرفته عن اسمها ، تعرّف عليها عبر الفايسبوك منذ عام ٢٠١٤ قالت له أنّها سويدية” ويضيف رضوان “استمرّت العلاقة لغاية عام 2015 قبل أن يزوّدها برقم هاتفه وايميله، كانت أحاديثهما تقتصر على العلاقة الحميمة، والأوضاع العامة في لبنان والعالم و في أوائل عام 2016، نجحت كوليت التي اتّضح أنّها ضابط في الموساد في تجنيد عيتاني، تنوع الاتصال بينهما لتعتمد على ماسنجر، وعلى واتساب وجياميل. وكانت الرسائل مشفّرة، بتطبيقات عدة أو تُبعث الرسالة المشفرة عبر أحد التطبيقات، وفك التشفير على تطبيق آخر، وكانت فتاته تطمئن عليه يومياً؛ فقد ذكر عيتاني للمحققين أنها طلبت منه فتح فايسبوك والواتساب يومياً ظهراً، لتتأكد من عدم إلقاء القبض عليه، وأنّه التقى بكوليت شخصياً لأول مرة في آب الماضي في تركيا.

تحويلات مبالغ مالية

كوليت بحسب رضوان طلبت من زياد عيتاني السعي لتطوير علاقاته والاهتمام بمظهره ليتمكن من تيسير مهمته. و كانت تُرسل له شهرياً مبالغ من المال بين ٥٠٠ دولار و١٠٠٠ دولار عبر «ويسترن يونيون» تحت اسم مستعار هو (عارف مرعي)، ويبدو انها كانت تحاول تكريس ثقافة التطبيع مع إسرائيل من خلال الاتصال بالشخصيات السياسية المؤثرة عبر مستشاريهم المقرّبين والإعلاميين الذين يدورون في فلكهم و الغاية جمعهم في تيار فاعل يروّج لثقافة التطبيع، كانت مهمته في البداية باستكشاف آراء الأهداف وتوجهاتهم إذا ما كانت داعمة للفكرة قبل مفاتحتهم بأيّ موضوع.

عيتاني رهن التوقيف الآن وتبين أنه كان يخضع للمراقبة منذ مدة ليست بالقصيرة، ومنذ اعلان خبر توقيفه بدأت الأسئلة الملحة تطرح من قبيل كيف يسقط فنان مثل عيتاني في فخ الجاسوسية؟ وهو الذي كان يرفع شعار الدفاع عن مظلومية الشعب الفلسطيني! ما هي دوافعه؟ وبماذا يمكن للموساد الاستفادة منه؟ هل الأمر يتصل فقط بمسألة التطبيع أم ثمة أشياء أخرى؟ ازدحمت الأسئلة ولعل قادم الأيام كفيل بكشف كل شيء!