مصوِّر يحوّل بيته إلى أكبر متحف للكاميرات في العالم!

1٬020

 حسين محمد عبد فيحان /

أكثر من 1500 موديل كاميرا متنوعة في صناعاتها بينها الإنكليزية، الألمانية، الروسية، اليابانية، الصينية، وسواها من الدول التي اهتمت بصناعة الكاميرات، تمكن الصحافي والمصور خليل الطيار من جمعها، وأقام بها أول متحف كبيرلانظير له عربياً وعالمياً، حسبما يقول الطيار.

يؤرخ متحف الطيار لصناعة الكاميرات منذ العام 1898 والى عهد متقدم في الصناعات الحديثة في فترة السبعينات من القرن الماضي، ويحتوي على مجموعة من أقدم الكاميرات الصندوقية بدائية الصنع ومن مادة الخشب وذات العدسات السطحية الثابتة، ومجموعة من أقدم الكاميرات ذات التمدد الخرطوشي وكاميرات البوكس ذات العدسات المزدوجة. كما يعرض مراحل صناعة الفلاشات القديمة ويضم مجموعة من أقدم العدسات المتنوعة التي تدخل في صناعة أجزاء الكاميرا.

يحتوي المتحف على مجموعة من أقدم ملحقات التصوير الجانبية كأجهزة قياس المسافة وأجهزة قياس الضوء وأجهزة طباعة الصورة ومجموعة نادرة من أقدم الكاميرات السينمائية المتنوعة الأحجام: 8 ملم و16 ملم 35 ملم ومجموعة من أقدم كاميرات التصوير الشمسي، فضلاً عن مجموعة من أقدم كاميرات التجسس، وكاميرا التصوير الجوي وكاميرات تحت الماء.

وبسبب فقر الإمكانات المتاحة لإقامة متحف دائم لهذه المجموعة النادرة، ناشد الطيار جهات حكومية بيد أنه يعتقد أن تلك الجهات لم تقدِّر حجم الإرث الذي يمكن أن تستفيد منه الأجيال والباحثون فيما إذا نجحنا في العمل على وضعه تحت مسمى متحف تاريخ العراق المصور حيث يكون للكاميرات جناح خاص ومهم فيه لأنها هي المسؤولة عن هذا التوثيق.

وبالرغم من عجزه عن تحقيق هذا الحلم إلا أنه لم يعدم وسيلة لإقامة معارض لمجموعته بين فترة وأخرى بالتعاون مع الجمعية العراقية للتصوير واتحاد المصورين العرب. ونظراً لشحّ الإمكانات اللوجستية لحفظ هذه الكاميرات وتخزينها وأرشفتها والتنقل بها من مكان لآخر، كان يضطر الى تخزينها في منزله تارة، وتارة في مخزن صغير داخل استوديو التصوير الذي يمتلكه في مدينة كربلاء.

ويشكو الطيار من أن التخزين كان بدائياً وبأسلوب ارتجالي ووسائل بسيطة (العلب الورقية ورقائق النايلون والفلّين العازل) ولم تراعى فيه المعايير العلمية في حفظ هذه المجموعة النادرة من المعدات ومتطلبات تخزينها.

وبسبب الأحداث المؤلمة التي اجتاحت العراق بعد العام 2003، وبعد انتهاء آخر معرض أقامه في العاصمة بغداد العام 2002، خزن بعض موجودات المتحف بمخزن خاص في محل التصوير الذي يمتلكه. وعلى إثر المواجهات الدامية بين القوات الأجنبية وبعض الفصائل والمجاميع المسلحة تعرض المخزن الى الاحتراق بسبب اختراق إطلاقات حارقة لمكان المخزن تسببت بنشوب حريق هائل فيه.

ولشدة الاشتباكات، في حينها، منعت القوات الأجنبية المرابطة في كربلاء، وكانت قوات بلغارية، السماح لسيارات الإطفاء من الوصول الى مكان الحادث لإخماد الحريق في الوقت المناسب، ما أدى الى احتراق الاستوديو والمخزن بالكامل والى خسارته مجموعة من أندر أنواع أجهزة عرض السلايدات الألمانية ومجموعة من اقدم عارضات السينما البدائية ومجموعة من الكاميرات الألمانية وأهمها كاميرات “لايكا 1″ و”لايكا 3 ” وكامرا نادرة هي “لينهوف”، ولم يستطع تعويض هذه الموديلات الى اليوم، كما خسر في الحادث أندر أنواع الفلاشات منها فلاش كاربوني يعتبره واحداً من أفضل موجودات متحفه.

ويقول الطيار إن “هذا الحادث تسبب لي بجرح مؤلم لم يندمل الى الآن، وحين استذكر هذا الحادث عبر بعض الصور التي وثّقت بها الحادث كنت أقول حقاً إن الحروب دائما تستهدف القيَم والجمال في الحياة، وهذه المرة استهدفت مجموعة كاميراتي لأنها كانت شاهدة على عصر مضى كان وطني فيه زاخراً بالأحداث وأرادو إخراس الوسيلة التي سجلت حضارة إنسانهِ ونتاجه فوقع فعلهم الشرير على مجموعة كاميراتي كي تموت ولا تستطيع النهوض لتنطق مجدداً بتسجيل ما سببته مآسي الحروب القذرة!

وحتى اؤلئك الذين جاءوا من خارج الحدود واجتاحوا بلدي بهدف إسقاط نظامه الدكتاتوي وفرض السلام والحرية فيه، فشلوا في معالجة هذا الضرر وأداروا ظهورهم عن تعويضي لهذه الخسارة. وظل التقرير الموثق بالصور الذي طالبوني بتقديمه، والذي احتفظ بنسخة مصورة عنه، مجرد مستند وضعته قوات التحالف التي كانت مسؤولة عن حفظ الأمن في كربلاء في خزانتها بلا جدوى!”

وتابع: “لكن هذا الحادث كانت له آثار إيجابية أيضاً فقد استفزّني وحمّلني مسؤولية تكثيف جهودي في البحث عن سبل إنقاذ هذ المجموعة، وبدأت رحلة المناشدات للجهات الرسمية مجددا ومنها الاتصال بمتاحف العالم والمنظمات العالمية وبعض الأصدقاء ومازلت أواصل المشوار من أجل أن تستقر هذه المجموعة تحت سقف متحف ثابت في مكان ما يكون شاخصاً وذا فاعلية تحكي موجوداته للأجيال تاريخ وعظمة بلدنا وسر قيمة الكاميرا في توثيقه.”

والطيار إعلاميٌ أكاديمي , عشق آلة التصوير ومادتها, فصار محترفاً وأستاذٌاً فيها، حيث تخرّج على يديه عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين سواء عندما كان أستاذا بقسم الصحافة في كلية الآداب بجامعة اهل البيت او عبر دورات إعلامية وتصويرية خاصة.

ويعتقد أن الزاوية المعرفية لجوهر قيمة الكاميرا، التي يعتبرها كائنات حية، هو سبب اهتمامه بجمع تاريخ صناعة الكاميرات وانه تاريخ حافل بالتنوع والشغف والسحر والجمال.

ويؤكد الطيار أن علاقته بالكاميرا بدأت منذ 30 عاما، وتحديداً في العام 1984 فيذكر “بدأت أدرس فن التصوير على يد صديق مهندس هو (مؤيد صالح) وكان محترفاً ودارساً لفن التصوير ومطلعاً علمياً على آفاقه الواسعة، وكانت تجربتي الاولى معه قد أكسبتني خبرة علمية وعملية لعلم وفن التصوير الضوئي ومجالاته المتنوعة. ومن هنا توطدت علاقتي بآلة الكاميرا وأبهرني سحر تنافس الشركات على تطوير تكنيك هندسة صناعتها وغرابة تكنيك وميكانيكية عملها وتنوع أحجامها وأجسامها وعدساتها.”