تيتانك.. سفينة المشاهير والأثرياء تعود لمكانها

1٬488

رؤيا الغالب/

تعود لمدينة بلفاست في آيرلندا الشمالية سفينة تيتانك الى الحياة بعد اكثر من مئة عام على تحطمها وتعرض في مكان بنائها الحقيقي وتحديداً في متحف تاريخ العلوم الذي صُمم خصيصاً للاطلاع على تاريخ بناء السفينة الأسطورية ولجذب السيّاح الذين يأتون من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة السفينة والعيش مع أبطالها العالقين في الذاكرة.

عادة مايقوم الزوار بتقليد روز وجاك عندما حاولت روز الوقوف على مقدمة السفينة يحتضنها جاك في مشهد رومانسي يقلده الزوار عادة بمختلف أعمارهم. في زيارة لآيرلندا الشمالية التي تقع غرب المملكة المتحدة كانت زيارتنا لاكتشاف تلك السفينة التي تستقبل زوارها أيام الأحد وتفتح أبوابها من التاسعة صباحاً وحتى السابعة مساءاً وتبلغ قيمة التذكرة نحو 20 باوناً للكبار ومجاناً للأطفال تحت سنّ الخامسة. والسفينة عبارة عن متحف يستطيع الزائر أن يتجول بداخله ويعيش داخل السفينة وأن يكون أحد تلك الشخصيات التي ظهرت في فيلم تيتانك ويرى شخوصها في أبعاد ثلاثية. وربما يشعر بأرواحهم التي تملأ المكان .. فالسفينة بكل تفاصيلها تأخذك بعيداً الى ذلك اليوم الذي غرقت فيه تلك الأرواح الجميلة وكأنهم يصحون من نوم عميق.

تاريخ السفينة

محمد المانع، عراقي مقيم في بريطانيا منذ عشرين عاماً ويعمل دليلاً سياحياً لمرافقة الوفود السياحية التي تزور المملكة المتحدة :إن سفينة تيتانك، التي ظهرت قصتها في الفيلم الشهير الذي جسد مأساة السفينة (تيتانك) او(المارد) للدلالة على الفخامة والجودة العالية لمقاومة تمرد البحار، هي قصة حقيقية لهذه السفينة الانكليزية العملاقة التي تم بناؤها في بلفاست في آيرلندا الشمالية وكانت أكبر باخرة ركاب في العالم تم بناؤها في ذلك الوقت وفي هذا المكان بالضبط. وفي اول رحلة لها عام 1912 من لندن الى نيويورك عابرة المحيط الأطلسي وبعد أربعة أيام من انطلاقها اصطدمت الباخرة بجبل جليدي ما أدى الى غرقها بالكامل بعد ساعتين وأربعين دقيقة من لحظة الاصطدام. وكان على متن الباخرة نحو 2223 راكباً نجا منهم 706 بينما لقي الآخرون حتوفهم. وأضاف أن غرق السفينة كان صدمة كبرى للجميع لأن بناءها تم على أيدي أمهر المهندسين وبأدق التقنيات التي كانت تستخدم في ذلك الوقت. وكانت تذكرة السفينة باهظة تعادل دخل الفرد لعام كامل وضمت نخبة من أثرياء انكلترا وأميركا، ومن أشهر تلك الشخصيات كان الكولونيل جون جاكوب أستور وهو حفيد عائلة أستر الانكليزية الشهيرة بتجارة الفراء. وكان فيها أيضاً الأمير الانكليزي كوزمو وزوجته مصممة الأزياء العالمية وصاحبة أكبر مجلات الأزياء في فرنسا والولايات المتحدة وكان على متن السفينة أيضاً العشرات من العرب منهم لبنانيون ومصريون وأسماؤهم موجودة على لائحة المسافرين .

وأكمل المانع حديثه بالقول إن سفينة تيتانك التي تركت هذا المكان في عام 1912 في أولى وآخر رحلاتها عبر المحيط الاطلسي وعلى رصيف الميناء اصطف آلاف المودعين وهم يتأملون السفينة العملاقة وكانوا يأملون لو كان باستطاعتهم أن يكون لهم مكان على ظهر السفينة حيث بدأت رحلة المارد بأجواء من الفرح والمغامرة والغناء استمرت لأربع ليالٍ كاملة وكانت تقدم لزبائنها أشهر المأكولات وتعزف أحلى الألحان وكأن المسافرين على متنها يعيشون في كوكب آخر .

متحف المارد

تجولنا في هذا المتحف الفريد الذي بني على شكل سفينة تيتانك وفي نفس مكان السفينة الحقيقي قبل مئة عام، بدأ المشروع عام 2005 لجذب السيّاح الى تلك المنطقة وتم إكمال أعمال البناء عام 2012 ووضعت الأفكار بالاعتبار عند بناء السفينة ومنها زيارة الوفود التعليمية لمتحف العلوم والاطلاع على السفينة من خلال قصتها المشهورة التي جسدها الفيلم الذي حمل نفس العنوان (تيتانك) ووصل عدد الزائرين اليها نحو 165000زائر سنوياً من خارج آيرلندا الشمالية. بينما وصل عدد المارّين فقط أمام باب السفينة في السنة الأولى لبنائها وقبل الانتهاء من أعمال البناء نحو 805 زوار وتستقبل السفينة زائريها أيام الأحد وتشاركهم الشاي والكعك على ظهر السفينة مع وجبات خفيفة لمشاركتهم الحياة التي كانت على متن السفينة ما يجعلهم يشعرون أنهم من ركابها ويعيشون نفس القصة والأحداث. وبلغت تكاليف بناء السفينة نحو 77 مليون جنيه استرليني، ويهدي المتحف كارتات تذكارية ويستطيع السائح أن يشتري هدايا خاصة تمثل السفينة وشخوصها .

القصة الحقيقية

يؤكد محمد المانع أن القصة الحقيقية لتيتانك التي جسدها الفيلم هي في معظم أحداثها وشخوصها نفس الأحداث الحقيقية كما هي في واقعة تيتانك بكل تفاصيلها، ماعدا قصة الحب الرومانسية التي جمعت روز وجاك، فهي من مخيلة مخرج الفيلم جيمس كاميرون الذي حاول إضافة قصة حب تجذب المشاهد بنهاية ماساوية ولتظل عالقة في الذاكرة. مشيراً الى أسماء الضحايا في المتحف وصورهم فضلاً عن وجود بعض القطع الأثرية التي وجدت بواسطة فرق البحث عن السفينة الغارقة في عمق المحيط المعروضة أمام الزائرين والتي اكتشفت بعد 73 عاماً على غرقها .

حكاية تيتانك

في عام 1912 انطلقت اكبر سفينة ركاب انكليزية عملاقة عابرة للمحيطات كانت مملوكة لشركة وايت ستار لاين حيث تم بناؤها في بلفاست والتي تعرف الآن بآيرلندا الشمالية وكانت تعتبر أكبر باخرة لنقل الركاب في ذلك الوقت .. وفي أول رحلة لها من لندن الى نيويورك عبر المحيط الأطلسي وبعد أربعة أيام من انطلاقها اصطدمت الباخرة بجبل جليدي في منتصف الليل ما أدى الى غرقها بالكامل. وبعد ساعتين وأربعين دقيقة من الاصطدام لقي آلاف الركاب حتوفهم لعدم تزويد السفينة بقوارب النجاة الكافية للمسافرين مع اعطاء الاولوية للنساء والاطفال في عمليات الإنقاذ، بينما قفز الآخرون الى المياه المتجمدة وبدأت السفينة بالغوص وسط نغمات الموسيقى الحزينة. ولم تمض إلا لحظات حتى اختفت السفينة بالكامل تحت سطح المياه المتجمدة، واستطاعت سفينة تبحر في الأطلسي من إنقاذ الناجين على متن القوارب وبدأت بنقل الركاب وإغاثتهم، وكانت العناية الإلهية معهم حتى تمكنوا من النجاة .. ويقف الآن الضحايا والناجون في متحف السفينة البديلة بصورهم الحقيقية وبتقنية الأبعاد الحقيقية وكأنهم يحكون مأساتهم بشاعرية حقيقية.