سلالمُ موسيقية للترويض والاستمتاع معاً
جواد غلوم/
هناك من العادات والسلوكيات المعتادة لدى الأفراد من الصعب تغييرها الاّ ببواعث ومحفزّات جمالية وفنيّة تلامس الحواس فتؤنسها وتُشعرها بالمتعة ومن هذه المحفزات إشاعة الموسيقى لتغيير أنماط الحياة الرتيبة.
عادةً ما يميل الناس الى ما هو أسهل وأكثر راحة واستخداما بحيث لا يسبب الإنهاك والتعب، وكم من أصناف البشر عزفوا عن بعض الممارسات النافعة والممتعة ومنها الرياضة برغم فوائدها الكثيرة على صحة الأبدان والعقول ومالوا الى الكسل والهوان والدعة والارتخاء.
ولأجل تغيير النمط السائد؛ لابد من ابتكار وسائل جاذبة ومسلية ومفيدة معاً وهذا ما لاحظته بلدية استوكهولم حين لاحظت ان الكثير من الناس يفضلون الصعود الى الأدوار العالية في الأسواق الكبيرة كالمولات والأبنية العالية وناطحات السحاب بواسطة المصاعد والسلالم الكهربائية ولا يقربون المدرجات العادية مع انها ذات فائدة لترويض الجسم وتحريك عضلات السيقان والحوض طالما ان غالبية السكان لا يمارسون الرياضة اليومية.
هنا لجأت بلدية استوكهولم بالتعاون مع شركة إنشائية المانية تختص بصناعة وتحسين مصاعد البنايات العالية وتأثيثها بأجهزة موسيقية في مسعى غاية في الجمال والجاذبية اذ تم الاتفاق على تأثيث كل عتبة مدرج عادي بمحسسات صوتية تستشعر وقع أقدام السابلة؛ فما ان يدوس الإنسان الصاعد بقدمه على ايّة عتبة تنبعث منها موسيقى تشعرك بالسعادة والرضا والابتهاج وكلما صعدت السلّم أعلى فأعلى تتنوع الموسيقى بدءا من وصلة بيانو الى معزوفة كمان أو نفثة ناي تُريح الأعصاب، وما ان تصل الى هدفك حتى تمتلئ نشوة وانسجاما وتسلية ومرحا وبنفس الوقت يزداد جسمك نشاطا وتأخذ قسطا من الترويض وأنت تقضي حاجاتك في التسوق وتمارس حركاتك الاعتيادية اليومية.
ومنذ ان بدأ تشغيل هذا المشروع الرياضي الفنيّ حتى عزف الناس عن الاعتماد على المصاعد والسلالم الكهربائية للارتقاء وأخذوا يفضّلون الصعود على عتبات السّلّم العادي في مؤانسة جميلة بين الرياضة والفنّ. فترى السلّم الموسيقي طوع أمرك ويرافقك وأنت تصعد على سلالم البناية والمول وناطحة السحاب.
هكذا يتم تهذيب وتمرين وتحسين جسد الإنسان وتشذيب ذائقته وإراحة أعصابه وتطييب روحه وتمرير شيء من نسائم السعادة في كيانه وكأننا نرمي عصفورين بحجر واحد فنصيبهما ونروّض أجسادنا صعودا على السلالم ونبهج أرواحنا غذاءً موسيقياً في وقت واحد.