عمر الراوي: بغداد منارة لكل الخيّرين
ذوالفقار يوسف/
هو ابن بغداد، لم يتخلّ يوما عن حبه لها، كما لم يتخلّ عن لهجتها المحببة له. يدين لمعشوقته الأبدية ـ بغدادـ، كما يصفها، بكل الذي وصل اليه. هو العراقي المغترب عمر الراوي عضو المجلس البلدي لـ”فيينا” وعضو البرلمان النمساوي، يصف الراوي رحلة غربته داخل المجتمع النمساوي بأنها رحلة اندماج مع المجتمع لا انصهار. فالانصهار بالنسبة اليه هو ضياع للهوية وفقدان واقتلاع من الجذور.
مجلة “الشبكة العراقية” حاورت عمر الراوي الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي حين وقف بحزم مؤنباً نائباً نمساوياً تفوّه على بغداد محاولاً الانتقاص منها:
*بداية حدثنا عن موقفك مع النائب النمساوي الذي حاول المساس ببغداد؟
ـ هاجم النائب النمساوي في كلمته المسلمين واللاجئين العرب وانهى كلامه منتقصا من بغداد، عندئذ قررت ان اخرس هذا النائب بكلمة ارتجالية فطالبته اولا ان يقرأ التاريخ قبل ان يحاول الانتقاص من بغداد، منارة كل الخيرين، وقلت له ان في بغداد جامعة اسمها المستنصرية هي الاكثر قدما من اول جامعة في النمسا بـ 140 عاما.
رحلتي مع السياسة
* كيف تصف لنا رحلتك السياسية في فيينا ودخولك البرلمان النمساوي؟
– كنت عضوا في اتحاد الطلبة النمساوي. وشغلت منصب موظف التكامل في منظمة الهيئة الإسلامية في النمسا منذ العام 1999. كما اني من اوائل السياسيين العرب الذين تألقوا في لجان التخطيط العمراني، وأول عراقي يترأس لجنة النزاهة البرلمانية النمساوية، هذا فضلا عن مساهمتي في صياغة القوانين العمالية الانسانية التي ضمنت التوازن الوظيفي بين العمال الوافدين والمواطنين الأصليين، وأول من فكر بتأسيس منبر الحوار المسيحي الإسلامي وفي العام 2001 أسست مبادرة المسلمين والمسلمات النمساويين مع مجموعة من اصدقائي.
* على عكس الكثير من المغتربين، نراك تتكلم بلغتك الأم.
– لغتي هي وجودي وهي كياني، وهي اللغة التي أدعو الله بها، وعلى الرغم من اجادتي للغة الالمانية بطلاقة إلا أنني لم أنس ولن أنسى لغتي العربية المحببة الى قلبي، ولا اخفيك سرا حين اقول ان تواصلي المستمر مع اصدقائي العراقيين والعرب وقراءتي للقرآن الكريم ساعداني كثيرا في الاحتفاظ بلغتي العربية.
اندماج لا انصهار
* لديك فلسفتك الخاصة في الاندماج بالمجتمع النمساوي، كيف تصف لنا ذلك؟
– اندمجت اندماجاً تاماً وناجحاً بالمجتمع النمساوي لكنني، والحمد لله، لم انصهر فيه، فالانصهار، بالنسبة لي، هو ضياع الهوية وفقدان كل شيء، فلسفتي بالاندماج الإيجابي يمكن تلخيصها بالمشاركة الفاعلة في المجتمع الذي تعيش يومك فيه وان تكون عضواً ناشطاً دون ان تفقد هويتك ولغتك ودينك.
آثار سلبية
* كونك سياسياً كيف تقرأ الوضع السياسي في العراق؟
– عانى الشعب العراقي كثيرا من الدكتاتورية الى الحد الذي انعدمت فيه فكرة الدولة الحديثة، ثم جاءت مرحلة العقوبات الاقتصادية التي تركت آثارا سلبية كبيرة على الشعب العراقي، هذا فضلا عن الحروب المدمرة التي مازال الشعب يدفع ثمنها، لتأتي بعدها مرحلة لم تكن آثارها أقل من سابقاتها، كالأخطاء القاتلة التي حصلت بعد حرب عام 2003، كفكرة المحاصصة وتقاسم المناصب بعيدا عن الكفاءة والمؤهل العلمي والعودة الى القبلية، كل ذلك وغيره كثير جعل العراق بحاجة الى نظام ديمقراطي حديث قادر ان ينتشله من كبواته ويضعه في مصاف الدول المتقدمة.
دعوات
* وجهت اليك عدة دعوات لزيارة العراق متى سنجدك في بغداد؟
– وجهت لي ثلاث دعوات حتى الان، إحداها كانت من أمينة بغداد، لكن لظروف خاصة تتعلق بانشغالاتي الدائمة وعملي المستمر اعتذرت عنها، كما وجهت لي دعوة من رئيس الوزراء لزيارة بغداد اثناء لقائي به على هامش مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق، واعتقد أنه آن الأوان ان ألبي الدعوة.
* للعراق مبدعوه.. ما وجه الشبه بينك وبين زها حديد؟
– اكيد ان لا مقارنة بيني وبين زها، واية مقارنة ممكن ان تضعني فيها مع زها سيكون فيها غبن بحق هذه المرأة العملاقة التي وصلت للعالمية بجدارة، فليس هناك شخص في العالم لم يعرف زها، كما ليس هناك بلد في العالم لا يحمل بصمة مبدعي العراق، أما عمر الراوي فهو سياسي محلي في ڤيينا لم يسمع به سوى أهل النمسا والعراقيين.
شموخ عراقي
* باختصار شديد بماذا يحلم عمر الراوي؟
– أحلم بعالم يسود فيه السلام، والعدالة الاجتماعية، أحلم بزوال الطائفية بألوانها وبخطاب اسلامي وسطي، أحلم بمجتمع متماسك ومتضامن، وزوال الفقر، وأن أرى العراق قد نهض مجدداً، وهو يقف شامخاً في مصاف أكثر دول العالم تقدماً.