هل حقاً …. إنها فقط نهاية العالم؟
مقداد عبدالرضا/
بلقطة مضببة (out of focus ) يفتح لويس باب البيت الذي غادره منذ اكثر من اثني عشر عاما, من هو لويس، ولم عاد في هذا الوقت بالذات؟ هل هو يعاني من سقم مميت حقا وجاء في النهاية الى عائلته ليخبرها برحيله القريب؟ ام انه جاء ليعري هواجس العائلة وتوتراتها؟ هل جاء ليفضح ام ليوضح؟
قد يحدث دائما ان البعض يقول ان لاشيء بامكانه ان يغير العالم (مجنون ذلك الذي يستطيع ان يمحو وجود الانسان من على سطح الارض), لكن الكلمات القليلة والمقتضبة ولقطات الفيلم القريبة والضيقة واليوم الواحد، هو زمن الفليم، أوحت لنا بأن من الممكن ان تكون هناك نهاية للعالم, العائلة كلها تفأجا بالقادم, اغلبهم لايعرفه, كاترين زوجة الأخ للمرة الاولى تلتقي لوي لذلك نجد التوتر والخجل يصاحب سردها وهي تتحدث عن اسرتها الصغيرة, لكن توتر الاخ انطوان يعصف باسترسالها ويزيدها حزنا وتوتراً, ينبري لوي بأنه يحب سماع كاترين وهي تحدثه عن اطفالها على العكس بما صرح به انطوان, انطوان ربما هو الوحيد الذي يعرف نوايا لوي الخفية لذلك تجده حتى نهاية الفليم يقف نداً له مشاكساً ويحاول طرده من البيت الى المكان الغير المعروف اصلا الذي جاء منه, تتصاعد الأحداث ويختلي لويس بسوزان التي يبدو القلق على ملامحها, تحاول رتق الزمن بالحديث عن الماضي وما آل اليه الحال, تحكي له عن الزمن الذي فك أواصر زمنهم, عن ذلك الحنان الرهيف الذي صار الان قطعة من لغو وثرثرة, العالم يثرثر يالويس, العالم ينحر البهجة ويتلفها, لقد كنت صغيرة جدا حينما تركت انت البيت وهذا ربما او انه اكيد يشكل رعشة خوف في داخلي.
يقول المخرج خافيير دولان (انها نهاية العالم حقا, هي مسرحية هزلية كتبها جاك لوك لاجارس الذي رحل بمرض الايدز,, عن سوداوية العالم وفزعنا, لقد جمعت بعض الفنانين الفرنساويين, غاسبار اوليل هو لويس, ناتالي باي هي الأم الأرملة المرحة والثرثارة في الوقت نفسه, نحن نعرف ان غياب الاخر يشكل فراغا يطيح بالصمت, الاخر الحميم, ليا سيدو, سوزان, الاخت التي تبدو هادئة لكنها في الحقيقة تحمل بعضا من شر في داخلها وهي تحترم انجاز لويس, فينسنت كاسيل, انطوان, هو شقيق لويس ذلك المتهور الذي يكون له التاثير الكبير في طرد لويس من البيت,, انه كابوس, انه فليم تشاؤمي عميق, البشر لم يعد متعاضدا ابدا, نحن نقف على حافته _ العالم _ قبل ان ينتهي, انها مؤسسة بل مؤسسات تقف لنا بالمرصاد, شيء لايمكن تحمله ابدا, قد يبدو انه فيلم يحاول ان يقلب الحقائق ويقول لنا يجب الحذر, لكن الحذر ممن؟ كل الأشياء تبدو هلامية مخيفة ولا يمكن لاحدنا ان يمسك بها, عالم مضطرب,, لويس ينظر الى العائلة بشكل شفيف ورهيف لكنهم قطعا لايرونه هكذا,, حرصت من البداية ان تكون كاميرتي ضيقة تماما كي اوضح الفراغ الهائل والضيق وكيف تتهشم العلاقات امام الحاجة الآنية والاستلاب الكوني والوجودي, لعلي نجحت؟) ظل البيت ومرافقه الضيقة, غرفة الأخت او الأم, الحديقة خارج المنزل, المطبخ والقبو الذي اصر لويس على زيارته, ظل هو المحور الأساس لفيلم اليوم الواحد والذي اختصر فيه دولان زمنا كاملا, المشاهد الخارجية جاءت قليلة, يقرر لويس المغادرة, مغادرة البيت, البيت الغامض لنا, يغادر قبل ان يخبرهم سبب مرضه او لم جاء اصلا,, (قبل سنوات شاهدت فيلم الغضب لباوزليني وكم اقترب فيلم “انها حقا نهاية العالم” من فيلم باوزليني, شاب يدخل الى اجواء عائلة ويقلب موازينها او لعله يقول لنا هذا العالم يظل ابدا مضطربا, لعله تناص؟), الموسيقى للموسيقي جابريل يارد كانت احد العناصر المهمة في الفيلم, خلق جو من التوتر والغموض,, احيانا يجد الانسان نفسه وحيدا ازاء العالم وما يدور حوله من صخب وفوضى, يشعر ان ثمة ضرورة في التصدي الذي يمنح مصل المناعة ضد الموت, السلب, الاغتراب النفسي والوجودي , وهو (لويس أنموذجا) ازاء هذا يقوم بمحاولة خلق علاقات انسانية مع الاخر, لكن هل الاخر, الاخر الغامض يحس بذات الوقت بهذه الضرورة ,,؟ نشك, ننفعل, نتردد, لذا تبقى النفس في اغلب حالاتها وتوتراتها وحيدة وحزينة, الاخر لايمكن له ان ينقذني بشكل مطلق, لذا نجد ان الروح البشرية تظل معذبة ووحيدة ازاء ما يحدث من شرور واستلاب.. حصل الفيلم على جائزة كان الكبرى في العام 2016 , خافيير دولان يبلغ من العمر 26 عاما,, الحرية اندفاع محكم …