فايزة أحمد: قاتلتُ لأنني لم أرد ان أكون “كومبارسا” في الحياة!

1٬192

ارشيف واعداد عامر بدر حسون /

نذ ان بدأت.. منذ ان شعرت بنفسي وبصوتي.. ادركت ان مستقبلي كفنانة هو الشيء الوحيد الذي يجب ان استعد له..

ومنذ ان سمعت اول آهة اعجاب يتداولها الناس وهم يستمعون الي، وأول موجة من التصفيق تقدم تحية لي.. قررت وصممت ان أحيا لهؤلاء الناس..
بدون غرور.. بدون كبر.. ابتدأت اخط معالم طريقي.. وسأقول هذه الكلمة للناشئات اللواتي يدغدغ شعورهن المستقبل الفني:

“لقد تعبت وشقيت، ووجدت امامي كثيراً من الحواجز والمصاعب، وفي كثير من الظروف كنت أقترب من اليأس.. على ان تصميمي استطاع ان يحطم كل هذه الحواجز.. وكلما شعرت بالتعب كنت استمد من إيماني بالفن وإيماني بنفسي قوة جديدة.. وقدرة جديدة.. أجاهد بها.. حتى شعرت بأنني وصلت الى اول الطريق.. وصلت الى نقطة جديرة بالانطلاق..”

ثم سكتت

او.. ثم بدأت.. تحكي.. وهي تبحث في قصة لها من الماضي كل الماضي.. ومن الحاضر وما يخلفه الماضي من آثار ودروس وتجارب.. وتابعت فايزة احمد حديثها.. انما بكثير من الهدوء:

– كان كل من يسمعني يقول بأني أملك صوتاً نادراً، وكنت لا أشك بعد آلاف الآراء التي سمعتها، ومن كبار الفنانين بهذا الأمر.. انما استغرب: لماذا لا يحتل هذا الصوت النادر مكانه..

وبدأت اتساءل: أليس هناك من يفهم هذا الصوت؟

وكنت وقتها أعمل في الملاهي والكباريهات وعلى اني كنت اشعر بأن المجال ضيق جدا.. وان الشهرة لا تأتي من هنا..
وانطلقت أطوف البلدان..

وسمعني الناس في الإذاعات.. وكانت بطاقات الإعجاب تتوارد من كل فج.. من كل مكان.. وبقي الثناء.. كلاماً.. بل وبدأت اتلقى الثناء من كل مدير اذاعة.. ومن كل فنان كبير.. وفي عدة مرات كانت الفرص تسنح.. فأغني امام المنتجين والمخرجين.. وأخرج بنفس النتيجة:

صوت نادر جذاب ذو امكانيات هائلة.. انما.. يا حرام.. ليس هناك من يفهمه.. من يعطيه.. من يقدره.. وبعد سنين.. بعد فترة خيل الي انها قرون طويلة.. وجدت بقدرة قادر.. من استطاع ان يفهم هذا الصوت.. ومرة أخرى سألت فايزة:

* من وكيف؟

– كنت اعمل في حلب.. وكان من جملة المعجبين بصوتي ملحن اسمه نديم الدرويش، فلحن لي اغنية مطلعها “قولوا لي فين الدوا” وغنيتها في اذاعة حلب.. ولأول مرة شعرت بأني اغني بمزاج.. وشعرت بأني استعير صوتي الحقيقي.. أقصد استعمل صوتي الأصلي.. بكل امكانياته.. وبعد اذاعة الأغنية تلقت محطة حلب اتصالات هاتفية مستعجلة تطلب حضور صاحب الصوت “الحلو” كما سموه الى اذاعة دمشق فوراً.. وحينما وصلت الى اذاعة دمشق، وجدت ان المدير العام وكان وقتها “أحمد عسه” قد طلب استنفار جميع القوى الفنية في الاذاعة لتقدم لي اقوى ألحانها.. وكان ان سجلت في ظرف ستة ايام فقط.. ستة ألحان جديدة وبدأت الإذاعة تقدم هذه الألحان باستمرار.. ثم بدأ اسمي يصعد باستمرار ايضاً..

* اذن فأنت تعتقدين ان للإذاعة السورية فضلاً؟

– بدون شك.. هي التي قدمتني.. هي التي كانت نقطة الانطلاق.. ومن ثم بدأت.. بلوني الأصلي الجديد..

وسكتت فايزة.. وكأنها غابت عن الوجود.. ثم ابتدأ جهادي من جديد في سبيل الوصول الى مصر.. وبدأت هنا عقبات جديدة.. ونضال جديد..
ذهبت الى مصر عدة مرات ثم عدت وكأننا يا بدر.. لا رحنا.. ولا جينا..

لقيت من البعض تشجيعاً نادراً.. ومن البعض الآخر تشويها نادراً وهجوماً أروع.. ومع ذلك فلم يؤثر ذلك على ايماني بثلاثة اشياء: بالله.. والفن.. وصوتي.
ومرة اخرى لا أدعي ان هناك غروراً.. أو كبراً..

وكل ما في الأمر: الناس الذي قالوا: آه.. وكبار الملحنين الذين أبدوا إعجابهم.. بصورة مستمرة.. ثم حدثت المعجزة..
المعجزة التي سمعها الجميع..

* تقصدين محمد الموجي؟

– يا سلام عالذكاء.. أقصد محمد الموجي بالفعل، والمعجزة هي التقائي به.. سمعني الرجل الفنان.. واعطاني وكان ان انطلق الصوت واللحن.. وكانت الفرصة.. التي اعتبرتها في ذلك الوقت مفتاح الشهرة.. الشهرة من بابها الكبير.. لا من نوافذها الضيقة..
وشكرا لله على هذه النعمة..

* ماذا تريدين من المستقبل؟

– أريد ان اصل الى هدفي.. اقصد من الصعب ان يحدد هذا الهدف.. المهم في قصة المستقبل ان يبقى سير الانسان متصلاً.. ثم عندما يقف يقول: هذا هو الهدف.. وأرجو ان لا أقف حتى حدود مستقبل عريض..

وبعد كل هذا الجهاد.. ما هي الحياة في نظرك؟

– مسرحية الفائز فيها من يحسن تمثيل لحظات بطولته فيها.. والفاشل من يبقى “كومبارس” على طول الخط.. وبدأنا نزدرد القهوة.. بهدوء..
ومضت فائزة تسرح مع احلام الماضي والمستقبل..