رئيس التحرير سرمد عباس الحسيني/
في الغالب.. عندما نصف أي شيء لا قيمة حقيقية له، نصفه بالفارغ المساوي لـ.. صفر
وعندما نمد يدنا إلى جيبنا نهاية كل شهر.. لا تخرج لنا بيضاء من غير سوء.. بل تخرج فارغة القيمة المساوية لـ.. صفر.
وإذا مررنا قرب قطارٍ.. وتناهت إلى أسماعنا جلبة عرباته.. نعلم حينها أنها فارغة.. وأن قيمة ما تحمله يساوي.. صفر.
والصفر بقيمته المجردة المفردة، لا يشكل أية قيمة، إلا أنه لا يمكن لأي نظام حسابي التخلي عنه، إذ تكون له قيمة كبرى إذا ما وضع إلى يمين أي رقم حسابي.. وعكسه يصح.
وفي العموم.. وبعد ما تقدم باختصار، يفهم أن أي شيء مجرد لا قيمة له.. يساوي صفر.
وأي أداء غير مقنع أو جهدٍ غير مجدٍ.. يساوي صفر.
وأية آلة لا تؤدي وظيفتها.. تكون عبارة عن (خردة) بمخرجات أداء مهام تساوي.. صفر.
وعندما تحاول أن تمسك الريح بيدك العارية، يكون ما كسبته بعد فتح اليد.. يساوي صفر.
وإن كررت المحاولات وأقنعت نفسك بالنصر على الهواء وطواحينه في لحظات تجلٍّ دون كيشوتية.. يكون (النصر) هنا هو محض وهم مخيلة.. وحسابات عقلٍ موهوم تختلف بالمطلق عن حسابات البيدر.
فحسابات البيدر هي من أطاحت بحسابات (كاسر الريح) أو (منظومة تروفي) الإسرائيلية المضادة لصواريخ الـ(RBG) والصواريخ الموجهة المضادة للمدرعات التي دخلت الخدمة لديهم عام (2009).
إذ تعمل هذه المنظومة (حسب متابعين عسكريين) على تدمير أي صاروخ يدخل مدى المنظومة أوتوماتيكياً، بعد أن تقوم (بتحليل) الصاروخ (المعادي) على مستوى (المسافة-السرعة-الاتجاه)، وتبقيه تحت مراقبتها ومتابعتها الرادارية، ولتقوم بعد ذاك بتغذية حاسوب المنظومة بالمعلومات المحدثة لكل مراحل انطلاق وسير المقذوف القادم باتجاه المدرعة، ولتعطي الحاسوب، بشكل مباشر، أوامر الجهوزية إلى مكامن الإطلاق، وتجهيز منصتها بمقذوفات الرد والتصدي للصاروخ القادم آلياً، وبنسبة نجاح تصدٍّ تصل لغاية 95% (حسب التسويق الدعائي لها).
هذه المنظومة الملقبة بـ (كاسر الريح)، التي توضع على أطراف برج (الميركافا) بواقع أربعة رادارات، تعمل بشكل مركزي، وبزاوية مراقبة 360 درجة أفقياً، وهو الأمر الذي يتيح لها استشعار أي تهديد موجه نحو المدرعة (حسب متابعين).
هذه التقنية المتطورة، وعالية الكلفة (قيمتها تتجاوز المليون دولار للمنظومة الواحدة)، اصبحت خاوية على (عروش) أبراج (الميركافا).
إذ رجح الخبراء العسكريون أن سبب فشل هذه المنظومة يعود إلى الرقم (صفر)، الذي أدخله مقاومو غزة في معادلات حسابات البيدر قسراً.
فالمنظومة تعمل بأساسها في المناطق المفتوحة، وتستخدم بفاعلية في الحروب التقليدية، وهذان الأمران غير موجودين في عملية (طوفان الأقصى)، المعتمدة على حرب العصابات والشوارع والمدن، وهو الأمر الذي أصابها (المنظومة) بالعمى، وبنتيجة أداء تساوي.. صفر.
الصفر.. كاسم، ونتيجة، ورقم، ومخرجات، هو ذاته في قيمة المسافة ما بين المقاوم وعبوة (شواظ) وقذيفة (الياسين)، وهدفه من آليات العدو، ولا يهم حينها إن وضع (الصفر) على يمين المدرعة أو يسارها، إذا ما دخلت المدرعة الصهيونية في الحسابات الرياضية المتعارف عليها، لكن من غير المتعارف عليه ما قام به مقاومو غزة من كسر لخوارزمية الأرقام والرجولة هنا، وأفرغوا (كاسر الريح) المُنكَبة على أبراج (الميركافا) من مضمونها.. وأذهبوها أدراج الرياح، التي صفّرتها على خيبتها كأعجاز نخلٍ خاوية، بعد أن أثبت مقاومو غزة أن للصفر قيمة جديدة لا يعرفها إلا من نصر الله بقلب سليم.