المرأةُ الكردية.. حضور مميز

ضحى مجيد سعيد

حالها حال شقيقاتها في بقية أنحاء البلاد، عانت المرأة الكردية ما عانته، بسبب تراكمات الأوضاع الاجتماعية والقبلية والعادات والتقاليد البالية. لذا فإنها كانت على طول الخط ضحية لممارسات بعيدة عن جوهر الدين والقيم الخلّاقة، ناهيك عن معاناتها كزوجة وأم في كل الحروب التي مرت بها البلاد، ولاسيما في الأنفال، حين استهدفت تلك الجريمة الأطفال والنساء بالأسلحةِ الكيماوية.

صمدت المرأة الكردية بصلابة، ولم تترك باباً أو مجالاً، إلا وطرقته وعملت فيه، ونراها اليوم رئيسة برلمان، ووزيرة في الحكومة، وضابطة في البيشمركة والبوليس، وأستاذة في الجامعة، وقاضية، ومدعياً عاماً وقائممقاماً ومديراً عاماً في معظم وزارات الحكومة.
خطى واثقة
للوقوف على واقع المرأة الكردية، والتحديات التي تواجهها في المجتمع الكردي، التقينا الدكتورة (منى ياقو)، رئيسة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في إقليم كردستان، التي قالت: إن “واقع المرأة الكردية اليوم في الإقليم كما هو حال النساء في عموم العراق، إذ إنها ماتزال تعاني الكثير من المشكلات وتحيطها المعوقات والتحديات، كما كان وضعها في السابق، لأن مجالات مشاركتها في سوق العمل ومراكز القرار كانت محدودة جداً، حتى أن طموحاتنا -نحن- كنساء كانت أقل بكثير، لأن الإنسان ابن بيئته”.
وأضافت: “كنا معتادين أن نتقبل ما يفرضه علينا الواقع حفاظاً على العادات والتقاليد، لكن الانفتاح الذي جرى بعد 1991، وكذلك تأثير المنظمات الدولية، والتوعية التي حصلت في مجال حقوق المرأة، أسهمت بتغيير هذه المعادلة، وهنالك مواد قانونية في الدستور العراقي النافذ لعام 2005، كالمادة 14، التي تنص على حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل، وأيضا المادة 49/ رابعاً التي تنص على حضور النساء في أروقة البرلمان مثلاً، كل ذلك جعلنا نسير بخُطى أكثر وثوقاً”.
واسترسلت قائلة: “للمرأة الكردية اليوم دور في المجتمع الكردستاني، كما للرجل في مختلف مجالات الحياة، إذ إنها خاضت عملياً معترك الحياة السياسية، وتضاعفت مشاركتها بعد الإقرار بمقاعد الكوتا النسائية بنسبة 30 % بالمئة في برلمان الإقليم، فضلاً عن المجالات الأخرى التي تجد المرأة حاضرة فيها بقوة، كالمجالين الوظيفي والاقتصادي، إضافة إلى مشاركتها النوعية في مجال العمل المدني، سواء كقيادية في منظمات تدافع عن المرأة، أو كعضو فاعل في المجتمع، وفي مجالات أخرى”.
نضال المرأة
السيد (دلوفان محمد صالح)، ناشط في مجال حقوق الإنسان يسكن أربيل، يتفق مع السيدة (منى ياقو) حول مكانة المرأة الكردية ويقول: “واقع المرأة في إقليم كردستان لا يختلف كثيراً عن وضعها في بقية مناطق العراق، ولاسيما أن المجتمع يعاني من ذات المشكلات الاجتماعية، مع فارق أن مسيرة المرأة في الإقليم بدأت قبل بقية مناطق العراق، لذلك نلاحظ أن الكثير من المعوقات والتابوهات المسكوت عنها بدأت تظهر في الإقليم قبل بقية مناطق العراق، بحكم أن العمل في مسيرة نضال المرأة من أجل الحصول على حقوقها المشروعة بدأ في وقت سابق.”
مضيفاً أن “واقع المرأة اليوم تغير عما كان عليه في السابق، وهذا حصل نتيجة النضال والعمل المستمر من قبل النساء في إقليم كردستان، هذا النضال الذي يجب أن ننظر إليه بكثير من التقدير والاحترام، فلو قارنا واقع المرأة اليوم في إقليم كردستان بكثير من المجتمعات حولنا فإنه سيكون في المقدمة، لكن لا يزال هنالك الكثير مما يجب أن يتحقق لتكون المرأةُ في المرتبة والمستوى اللذين يجب أن تكون فيهما”.
مشاركة فعالة
بدورها، ترى السيدة (شه نگ شوان داودي)، التي تعمل محامية وتسكن أربيل، أن “نساء كردستان، عبر التأريخ، شاركن بفاعلية في الانتفاضات والثورات في المراحل كافة.”
وأضافت: أن “الأحـزاب السياسـية في كردستان جميعها، سـواء أكانـت ماركسـية أم علمانية أم إسلامية، بكل اتجاهاتها، كانت تتعامل بنفس المستوی مع قضية المرأة، التي استطاعت من خلالها أن تتبـوأ بعـض المناصـب الحزبيـة والقياديـة، وبشـكل تـدریجي”.
دور كبير
أما الصحفية (په ری محمد مامه سێنی) – 28 عاماً – من محافظة أربيل، فقالت: “المرأة ليست نصف المجتمع، بل هي المجتمع بأكمله، لأنها هي الأم والأخت والزوجة، كما أن المرأة الكردية -على مر التأريخ- كان لها دور ومكانة خاصين في المجتمع الكردي، في جميع مراحل الحياة، إذ إنها قد بذلت جهوداً وناضلت من أجل الحياة والأسرة، ناهيك عن أنها لعبت دور الأب داخل الأسرة في ظل غياب الرجال، وتكفلت بمسؤولية إدارة أسرتها وأطفالها.”