هند الصفار/
الدكتور بسام البزاز، كاتب ومترجم عراقي، بدأ دراسة اللغة العربية وانتهى بدراسة الإسبانية في مدريد، حيث حصل على الدكتوراه فيها من جامعة غرناطة، ويقوم تدريسها بكلية اللغات في بغداد، ثم في جامعة الجزائر الثانية. لم تسلط عليه الأضواء الإعلامية المحلية إلا أن محافل الجوائز العربية احتضنته حتى حصل في عام 2023 على جائرة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي عن مجمل إنجازاته.
بدأ الترجمة متأخراً مع رواية (الكوخ) لـ (بلاسكو ايبانيث) عام 1993، ثم بعد سبع سنوات ترجم رواية (الطريق) لـ (ميغيل ديليبس) وتوقف بعدها. يسمي فترة التوقف تلك بالسبات لمدة 16 سنة، ليستأنف مشواره الترجمي والتأليفي الى يومنا هذا. مجلة “الشبكة العراقية” التقت الدكتور بسام البزاز فكان معه هذا الحوار:
*لنبدأ من الجوائز، وآخرها جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها التاسعة عام 2023 عن فئة الإنجاز، كيف جرى الترشح للجائزة؟
ــ جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تمنح سنوياً في حفل يقام في شهر كانون الأول بعد فترة تقديم وترشح تمتد بين بداية آذار ونهاية تموز من كل عام، تتداور فيها اللغات سنة بعد سنة، عدا الإنكليزية، التي تتكرر كل سنة.
بدأت الدورة الأولى عام 2015 باللغة التركية، ثم الإسبانية، فالفرنسية، فالروسية، فالألمانية، فالفارسية، فالصينية، حتى عادت التركية ثانية عام 2022 وبعدها الإسبانية هذا العام. وهكذا، في هذه الدورة مثلاً شاركت، إلى جانب الإنكليزية والإسبانية، اللغات البلغارية والسندية والصومالية.
مؤلفات وتراجم
*ما المؤلفات والتراجم التي نشرت لكم؟
-صدرت لي ثلاثة كتب وما يزيد على عشرين كتاباً مترجماً، أبرز الكتب المؤلفة (رحلة بين الأمثال الإسبانية)، وكتاب (تدوير الزوايا)، وكتاب (دراسات في الأثر العربي في اللغة الإسبانية). أما الكتب المترجمة فهي كثيرة ولا يمكن حصرها، أذكر منها كتاب (الكوخ) وكتاب (الطريق) وكتاب (أزهار غرناطة).
تقييم الجائزة
*كيف تقيم جائزة الشيخ حمد وإلى ماذا تهدف؟
ــ الهدف من الجوائز هو التشجيع والاعتراف والتكريم، هو الدفع باتجاه مواصلة العمل على النحو الصحيح الذي منحت الجائزة وفقه. ومن هنا فإن مسؤولية الجوائز ورسالتها تعني مكافأة المجتهد الحقيقي والعامل المخلص، وإلا انحرفت عن هدفها وأوصلت رسالة معكوسة وفقدت، بالتالي، أهميتها وتحوّلت إلى هدايا تمنح لأصدقاء وأقرباء وأحباب. جائزة الشيخ حمد أثبتت أنها جائزة تتمتع بالكثير من الحيادية والتجرد، وهو ما يمنحها وزنها بين الجوائز العربية، ويجعل الحصول عليها مصدرَ رضا واطمئنان إلى صحة المسيرة.
محطات ومواقف
*ما أبرز المحطات في مسيرتك الأدبية؟
-تنقلت في عملي الأكاديمي على مدى اثنتين وثلاثين سنة بين كلية اللغات / جامعة بغداد (1990 – 2004) والمركز الثقافي الإسباني في دمشق وبيروت (2004 – 2014) وجامعة دمشق (2009 – 2011) وجامعة الجزائر/2 (2014 – 2022). وكانت لكل مرحلة من هذه المراحل سمتها، لكن المرحلة الأخيرة (الجزائرية) هي التي وفرت لي الأجواء المناسبة والوقت للشروع في عملي الترجمي بعد أكثر من عشرين سنة من الانقطاع.
*لماذا تعتبرون أن أجواء الجزائر كانت أفضل؟
-لأن الجزائر بلد هادئ ومستقر، ولا يعاني من الأزمات التي تعاني منها بلداننا، ولا من المشاغل التي تبدد الوقت وتضيع الجهد. لدي دروسي والتزاماتي في الجامعة ولا شيء غير هذا. أما الوقت المتبقي، وهو كثير، فأخصصه للعائلة وللعمل. الحياة في الجزائر أبسط وأهدأ، والوقت فيها أوفر.
مسالة نسبية
*يعتقد كثيرون أنّ دراسة آية لغة، عدا الإنكليزية وربما الفرنسية، هي غير مجدية ودراستها مضيعة للوقت والجهد، كيف ترى ذلك؟
-لا شك في أنّ الإنكليزية والفرنسية لغتان عالميتان بامتياز، وأن من يتقن إحداهما يمتلك حرية أكبر في السياحة والقراءة والاطلاع، ومدخلاً واسعاً للثقافة، لكن مع ذلك فإن للعديد من اللغات الأخرى، ومنها الإسبانية، مكانة كبيرة في عالم الأعمال والثقافة، لأنها لغة مئات الملايين من البشر والعديد من بلدان العالم.
*أيهما تفضلون: التأليف أم الترجمة؟
-لكل منهما متعته وظروف ومتطلبات. مع ذلك أرى نفسي الآن منساقاً إلى الترجمة أكثر لأنها تزاوجُ بين لغة أحبها حد العشق، وهي لغتي العربية، ولغة أخرى تخصصتُ بها وعرفتُ أسرارها. ثم إنّ الترجمة تفتح أمام المترجم والقارئ عوالم جديدة رحبة، أتمنى لو أني أمتلك الوقت الكافي لإنجاز العديد من مشاريع التأليف التي أحتفظ بها منذ وقت بعد أن أنجزت منها جزءاً كبيراً، وأكثرها مشاريع تتصل بالأدب المقارن وبتقنيات الترجمة.
*كيف تختار الكتب التي تترجمها؟
ــ في العادة أكلّف بالترجمة من قبل دور النشر، أرى أن دور النشر أكثر اطلاعاً مني على توجهات القراء ومتطلبات (السوق). لذلك أترك لها هذه المهمّة. مع ذلك فقد ترجمتُ بعض الأعمال التي كانت من اختياري، وما زالت هناك أعمال كثيرة أخرى، هي من قمم الأدب الإسباني، أتمنى أن أترجمها، لكنه الوقت مرة أخرى. أتمنى لو طال يومي ساعات وساعات لأتمكن من إنجاز هذه المشاريع التي طالما حلمت بإنجازها. وربما لاحظتِ أني ترجمتُ خلال السنوات السبع الماضية بمعدل ثلاثة أعمال سنوياً، وهو عدد كبير إذا ما علمنا أن معظم هذه الأعمال طويلة (500 – 700 صفحة) وعلى قدر كبير من الصعوبة والتعقيد.
وبين التأليف والترجمة تبقى إبداعات العراقيين محط أنظار العالم، حاصدة جوائز الإبداع الأدبي والثقافي والفني.