أحمد عبد ربه
أعلنت اللجنة المشكلّة من قبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إطلاق برنامج وطني لمراقبة جودة الهواء، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة الحكومة على تقييم مستويات التلوث بدقة، وتحديد مصادره، من أجل وضع ستراتيجيات فعّالة لتحسين الوضع البيئي في العاصمة. هذا البرنامج يعكس التزام حكومة السوداني بحماية البيئة التي تعد أداة حيوية في معركة العراق ضد التلوث الذي يهدد حياة المواطنين وصحتهم.
في خطوة مهمة، أنهى مجلس النواب القراءة الأولى لتعديل قانون حماية وتحسين البيئة، الذي جاء محملاً بمفاهيم جديدة تتناول التدهور البيئي والتغير المناخي، ليكون مرشداً حقيقياً لجهود الحكومة في مواجهة هذه التحديات البيئية المتفاقمة.
وبعد تكرار انبعاث رائحة الكبريت الكريهة في بغداد والمحافظات المجاورة، كلف رئيس الوزراء السوداني بتشكيل لجنة لدراسة حالة التلوث في العاصمة، وقد توصلت اللجنة إلى نتائج وأوصت ببعض الإجراءات الحاسمة.
تحسين جودة الهواء
في حديثه الخاص لمجلة “الشبكة العراقية”، أكد رئيس اللجنة عمار العطا، أن الأيام الأخيرة شهدت تحسناً كبيراً في جودة الهواء، وهو ما يعد انعكاساً مباشراً للخطوات الاستباقية التي جرى اتخاذها، أبرزها إيقاف حرق النفايات في مواقع المطامر وفي الأماكن غير المخصصة لذلك، كما أن الحملات الأمنية الدورية لمراقبة التلوث بجميع أشكاله كان لها الدور الأكبر في الحد من التدهور البيئي. بالإضافة إلى ذلك، جرى تفعيل دور شرطة البيئة بشكل ملحوظ لضبط المخالفات البيئية، ومعاقبة الأنشطة الملوثة التي كانت تسهم في تفاقم الأزمة البيئية.
ويشير العطا إلى أن التوصيات لم تقتصر على إيقاف الأنشطة الملوثة فقط، بل شملت تعديل نوعية الوقود المستخدم في العديد من الأنشطة الصناعية والتجارية، مع توفير مضافات خاصة وفلاتر تسهم في تقليل الانبعاثات الملوثة. هذا التحول الشامل في السياسة البيئية يعد مؤشراً على أن الحكومة بدأت بالفعل في رسم خريطة طريق واضحة نحو بيئة أنظف وأكثر صحة.
وفي إطار سعيها لتحسين الوضع البيئي في العاصمة، أوصت اللجنة بوضع برنامج وطني لمراقبة نوعية الهواء والانبعاثات من مختلف المصادر. يهدف هذا البرنامج إلى تحديد المتطلبات اللازمة لتحسين جودة الهواء من خلال جمع بيانات علمية دقيقة، واستخدام أحدث الأجهزة والمعدات المتطورة لمراقبة التلوث البيئي بشكل علمي ومدروس. كما تضمنت التوصيات ضرورة إحداث تحول جذري في التعامل مع النفايات، من خلال إنشاء مطامر نفايات نظامية تتماشى مع المعايير البيئية الدولية.
إجراءات عقابية
ودعا رئيس اللجنة إلى تشجيع المشاريع الاستثمارية التي تستخدم تقنيات صديقة للبيئة لمعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة مفيدة. هذه الخطوات سوف تسهم بلا شك في إحداث تغيير جوهري في واقع البيئة العراقية.
أما عن قانون حماية وتحسين البيئة، فقد كشف العطا عن الانتهاء من القراءة الأولى لتعديله، الذي تضمن مفاهيم جديدة تشمل (الضرر البيئي)، وحساب تكاليف التدهور البيئي. كما جرى توسيع الإجراءات العقابية للأنشطة الملوثة، مع إدخال مفاهيم جديدة تتعلق بالتغير المناخي والتدقيق البيئي، ما سوف يمنح الدولة أداة قوية لمكافحة التلوث وتعزيز استدامة البيئة.
وفي ما يتعلق بمناطق التلوث الرئيسية في بغداد، أوضح العطا أن بؤر التلوث تتركز بشكل رئيس في مناطق الشرق والشمال، حيث تنتشر معامل الطابوق ومطامر النفايات في النهروان. ويعد مجمع بسماية السكني من أكثر المناطق تأثراً بالانبعاثات الملوثة، ما يستدعي تحركاً عاجلاً لتحسين الوضع البيئي هناك.
حزام أخضر
كذلك دعت اللجنة وزارة الزراعة وأمانة بغداد إلى تكثيف الجهود لتشجير المناطق المحيطة بالعاصمة وزراعتها، وإنشاء حزام أخضر يحيط بالمدينة لحماية البيئة وتقليل آثار التلوث. كما طالبت بوقف تجريف المناطق الخضر والبساتين، التي تشكل درعاً طبيعياً للمدينة، وأوصت بتسريع مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة.
وفي إطار التحسينات المتعلقة بالمركبات، اقترح العطا تقديم إعفاءات ضريبية للسيارات التي تعمل بالغاز، أسوة بالسيارات الهجينة والكهربائية، مع حصر تراخيص سيارات الأجرة في العاصمة بتلك التي تعمل بالغاز. هذا الاقتراح، إذا جرى تنفيذه، سوف يسهم بشكل كبير في تقليل الانبعاثات الضارة وتحسين نوعية الهواء.
ومع أهمية الدور الحكومي في تمويل المشاريع البيئية، أشار العطا إلى أن التمويل الحكومي لن يكون كافياً لتنفيذ جميع هذه المشاريع، لذا من الضروري أن يكون القطاع الخاص والمستثمرون جزءاً من الحل، من خلال تقديم الدعم اللازم للإسهام في تنفيذ مشاريع تعمل على تحسين نوعية الهواء، بما يضمن تحقيق بيئة صحية ومستدامة لجميع سكان بغداد.