فكرة الطائي /
كيف يمكن للحياة الزوجية أن تكون إيجابية ومستقرة في الوقت الذي يعمل فيه الزوج والزوجة في مكان واحد أو يشتركون في مهنة واحدة؟ هل ستؤثر علاقات العمل في العلاقات العائلية؟ وكيف ستتعامل الزوجة مع الزوج حين يكون مسؤولا في العمل؟
أسئلة كثيرة خطرت على بالي وأنا أفكر في كتابة هذا الموضوع، في ذهني الكثير من القصص والتجارب لأزواج المهنة الواحدة تجمّعت عندي من خلال تجربتي الوظيفية على مدى عقود من الزمن، لكنّي لا أريد أن أعيد تلك التجارب لأنَّ الزمن تغيّر والأفكار والنظرة للعمل تطوّرت وأصبحت مختلفة عما سبق، لذلك سعيت إلى الحديث مع شخصيات تعيش هذا الواقع الوظيفي في أماكن عمل مختلفة وذلك لنتعرف على سلبيات وإيجابيات العمل تحت سقف وظيفي واحد.
العمل والعناية بالأولاد
تعمل الدكتورة “رنا عبد العال خميس” أستاذة في قسم الكيمياء في جامعة بابل وهي متزوجة من الدكتور “أحمد علي عبد الصاحب ” التدريسي في القسم ذاته، أثناء حديثي مع الدكتورة “رنا” لمست انسجاما وفهما مشتركا للمسؤوليات والواجبات، سواء الوظيفية أو البيتية لأنّهما يعملان في ميدان تخصصي واحد، وذات الانطباع تشكّل أيضا عند الحديث مع الدكتور “أحمد”، لكن هذا لم يكن كل شيء وإنما هناك إيجابيات وسلبيات في كل حالة وميدان عمل وهو ما أشارت اليه السيدة “رنا”، إذ قالت: “الحالتان؛ سواء السلبية أو الإيجابية تتوفر في أجواء البيت والعمل، فإذا نظرنا إلى الإيجابيات، فإنّها ستكون كثيرة لا سيما ونحن نعمل في ميدان عمل علمي أكاديمي بحثي تدريسي، بمعنى نحن نشترك بالاهتمامات العلمية والعملية كما نحن نعمل في مكان عمل واحد مما يسهّل وصولنا معا إلى المكان، وكذلك الاشتراك في الأصدقاء، كما يسهم العمل في مكان وظيفي واحد بتبادل الخبرات والاستشارة العلمية، لكن مع كل تلك الإيجابيات فهناك سلبيات ومن أبرز تلك السلبيات عدم استطاعتنا تقسيم الوقت للعناية بالأولاد وذلك لطول ساعات العمل في الجامعة، وهذا الأمر يقلقني كثيراً ويتعبني جدّاً لأنّي دائما أبحث عن الوقت الذي أتمكن فيه من رعاية أسرتي وأولادي والاهتمام بشؤونهم ومتابعة تطورهم الدراسي وحل مشاكلهم بأسرع وقت وعدم تركها تتراكم”.
لا استمتاع بإجازة
زوجان يعملان في مديرية الشؤون الادارية في شعبة طبابة شبكة الاعلام العراقي هما “علي صادق محمد وميسم سعدي عباس” وهما بكلوريس علوم كيمياء وبكلوريس علوم حياة، هما ينظران إلى العمل في مكان واحد نظرة إيجابية على الرغم من وجود السلبيات أيضاً، فمن السلبيات التي تذكرها السيدة “ميسم” أنّه “لا يمكنهما التمتع بإجازة معاً لأغراض السفر، كما أن الذهاب إلى العمل والاياب منه إلى البيت قد يعرّضهم في بعض الأحيان إلى مواقف محرجة وظيفيا لا سيما إذا ما حصل حادث في الطريق لا سمح الله، وأحيانا تنعكس المشاكل البيتية على مزاجنا في العمل”، وتواصل حديثها بالقول عن الإيجابيات: “أما من حيث الإيجابيات أشعر أننا في العمل نكمل بعضنا من خلال إبداء المشورة والنصح والتعاون فيما بيننا لإنجاز الأعمال المناطة بنا، إذ تتجسّد في دقة إنجاز تلك الأعمال المناطة بنا التي يتطلب تنفيذها يوميا”.
تحمّل المسؤولية في غياب الشريك
يرى “فلاح حسن والهام غضبان” وهما زوجان يعملان في الشؤون الادارية في وزارة الزراعة، العمل في مكان واحد فيه الكثير من الإيجابيات التي تنعكس على الأداء الوظيفي، إذ تقول السيدة “الهام” عن أبرز تلك الإيجابيات: “هو الشعور العالي بالمسؤولية في دقة إنجاز الأعمال المناطة بنا، كما أن عملنا في مكان واحد يحتم علينا تحمّل مسؤولية غياب الشريك لظرف طارئ أو للتمتّع بإجازة، إذ يقوم الشريك الآخر بإنجاز واجبات شريكه مما يؤدي إلى انسيايبة في العمل وعدم عرقلته”.
قد يكون ذلك في ميدان العمل الوظيفي ولكن كيف سيكون وقع ذلك على الحياة الأسرية، عن هذه الزاوية تتحدّث لنا السيدة “الهام” قائلة: “من الناحية الأسرية فإنَّ الإيجابيات تكمن في أننا نقوم بإنجاز الأعمال معا لا سيما الاعمال المنزلية أو خارجه مثل التسوق والاهتمام بالاطفال ومتابعتهم وفي الاعمال البيتية التي تتطلب تدخل الزوج أو الزوجة، فالحياة في العمل وفي البيت مسؤولية مشتركة بين الزوجين”.
في الختام
تنقّلت بين ميادين عمل مختلفة وتعرّفت تجارب حياتية مختلفة، كلها لا تخلو من السلبيات والايجابيات في وقت واحد، سواء كانت تلك في ميدان العمل او الاسرة، ولكن يبقى السؤال، هو، كيف نتغلّب على تلك السلبيات ونتجاوزها؟ ونتمكن من خلال ذلك أن نبني حياة أسرية سعيدة ترتكز على قاعدة الفهم المشترك لتلك المشاكل والسعي إلى حلها بروح إيجابية متفاعلة مع أفراد الاسرة، ذلك ما أجمع عليه كل من التقيتهم وتناقشت معهم بشأن هذا الموضوع، سواء من ذكرتهم في هذا التحقيق أو من استأنست بآرائهم واستمعت إلى تجاربهم في مواقع العمل المشتركة.