علي الساعدي/
أحد أسباب التفكك الخفي داخل الأسر الزوجية هي ميزانية البيت وكيف يمكن الموازنة مابين احتياجات البيت الرئيسة وحاجة الزوجة والأولاد وحاجة الرجل الشخصية. والأشد تعقيداً هو الجانب الثالث المتعلق بمصروفات البيت الأخرى مثل الكهرباء والنفط والغذائية، تلك الحاجات الشهرية المُلزمة لكل عائلة بايفائها، تتحول أحياناً الى مشكلة عويصة، فالزوجة تعدها أنانيّة فطريّة ونرجسيّة معجونة بطينة الرجال وشخصياتهم اللاأباليّة إذا ماتعلق الأمرّ بما يهدرونه من أموال وسهرات ومنافذ سريّة مع أخريات.
أمّا هو فيختزل كلّ تفاصيل الموضوع بعقليتها الأنثوية المنمقة و التفكير بشخصيتها كامرأة.
أمّا النتيجة النهائية فستحول البيت الى حلبة ملاكمة سريّة لن تهدأ إلا بإطاحة السقف الزوجي فوق رأسيهما بالضربة القاضية.
نرجسيّة رجالية
يتعلق هذا الموضوع بأنانية الرجل، فإذا كان من النوع النرجسي الذي لا يرى الأمور سوى من جانبه فسيحاسب المرأة على كل شاردة وواردة مادية.
هذا هو الرأي الحاد الذي بدأتهُ ربة البيت (ساجدة حسين ٤٤سنة) مكملة: أما إذا كان صاحب ضمير حي فإنه سيعاملها مثلما يعامل ذاته في هذا الجانب مراعياً احتياجاتها حتى الكمالية منها إن كان هذا في مقدوره طبعاً، وعلينا ألا ننسى شمولية تفكير الرجل وخصوصية تفكير المرأة والفرق بينهما، فهو سيرى الكثير من الأمور التي تحتاجها المرأة أموراً غير ضرورية وكمالية وزائدة عن الحاجة، بينما هي ترى كل تفصيلة من التفاصيل الموجودة ضمن قائمتها الخاصة بالاحتياجات الضرورية والملحة شيئاً لايمكن الانتظار للحصول عليه، وخير دليل على ذلك وأقرب مثال يكاد يكون ملموساً حاجتها الدائمة للكثير من مفردات الثياب وملحقاتها والتي هي برأي الرجل أشياء غير مهمة ومكررة وشراؤها تبذير غير ضروري وهنا يشتعل البيت بصراعٍ حاد طرفه الأول الرجل الذي سيلقي اللوم على زوجته بكل ضائقة مالية تصادفه، أما الطرف الثاني فهي المرأة التي لن تعتبره أكثر من بخيل الجيب حيال تفاصيلها الصغيرة ومُسرف حيال تفاصيله الخفيّة.
هوس نسوي
من جانبه، يردّ الموظف في وزارة التربية (عباس كسار ٣٧سنة) بامتعاض قائلاً:
كما تعلمين، تضاعفت احتياجات البيت العراقي وأعباؤه بسبب الكهرباء والنفط والغاز، وهنا المفروض أن تكون الموازنة البيتية مرهونة بتقدير الزوجة بالدرجة الأولى لا الزوج الذي يقضي جلّ وقته بالعمل وتحصيل المال، لانّ تلك المصاريف سيقابلها الأكل والشرب، فضلاً عن احتياجات الأولاد، فهل ياترى سيتحمل المرتب الشهري كل هذا؟
ويمضي كسار بالقول: أنا أعتقد أنّ التقنين والتخلّي عن لوازم جانبية نسوية سيحقق اكتفاءً قدر الإمكان، لكن ماذا لو كانت الزوجة غير آبهة بالدخل المحدود، ولاتعتبر نفسها جزءاً من مراعاة محدودية جيب الزوج سواء نفد الراتب أم قام المسكين بالاقتراض، وإن قام الرجل بمعاتبتها سيواجه سيلاً من الشكاوى المتضمنة تخليها عن الكثير من حوائجها الشخصية، علماً ان زوجتي لاتشتري إلا الماركات سواء بالملابس او احتياجات الأطفال او تفاصيل البيت لأنّ القضية جزء من هوسها النفسي، برغم التدليس بأسعارها المبالغ بها، وجودتها المقنعة من جهة، لكن ذلك بصراحة جزء من الجري المحتوم خلف ماتفرضه آخر صيحات الموضة العالمية واللاأباليّة المعششة في عقول النساء.
بخل وعناد
أمّا السيدة (حنان أحمد ٤٥سنة) فقد اعتبرت وبصراحة أنّ الرجال مخلوقات لاأبالية وهم أساس التبذير والإسراف وإهدار كلّ مافي الجيب، قائلة:
تبذيرهم واضح ولايحتاج أصلاً أي إثبات، خذي أبسط مثال زوجي الذي يهدر من راتبه على النرگيلة يومياً عشرة آلاف دينار إن لم يكن أكثر، أضيفي الى ذلك مصروفه الشخصي ورفقة الأصدقاء اليومية، أمّا سهرات الليل والأنس فحدثي ولاحرج، أنا لا أنكر توفيره لاحتياجات البيت، أما احتياجاتي الكمالية الشخصية فتدخل ضمن تحقيق طويل ومنّة وبخل وعناد، برغم أنّ مايبذره على أمور تافهة ومضرة أكثر بكثير من الحاجة الفعلية للبيت، بالمناسبة كل نهاية شهر يقترض من أخيه او أخته، والمصيبة أن أهله يعتقدون بأنني أحمّله فوق طاقته المادية وذلك أحد أهم أسباب كرههم لي فلست بنظرهم سوى سبب رئيس للديون.
تعقيدات نفسيّة
الباحث الاجتماعي ( شهيد حسين ) اعتبر أنّ مايُبحث عنه في عمق المشكلة هو اختزالها والاكتفاء بمسببات الجانب الاجتماعي والجانب الجسدي ويتم التغاضي عن الجانب المادي والذي يشغل اليوم نصف المشكلة الزوجية، مكملاً بالقول: إن أحد أسباب التفكك الخفي داخل الأسر الزوجية هو ميزانية البيت وكيف يمكن الموازنة مابين احتياجات البيت الرئيسة وحاجة الزوجة والأولاد وحاجة الرجل الشخصية، والأشد تعقيداً هو الطرف الثالث بمصروفات البيت المتوزعة مابين الكهرباء والنفط والغذائية، تلك الحاجات الشهرية المُلزمة لكل عائلة بإيفائها، أضيفي الى ذلك أنّ العامل النفسي للفرد العراقي يدخل كجزء رئيس من العلّة، لأنّ الرجل إذا ماشعر بالضيق تجدينه يبحث عن منافذ ترويحية كالمقاهي والكوفي شوبات وغيرها، وبالتالي فإن المصاريف تتزايد لاإرادياً، وكذلك المرأة تجدينها تنفس عن حرقتها بالشراء والهوس باحتياجات غير مهمة واذا شعرت بالتقتير المادي ستبدأ اسطوانة اللوم، وكذلك فإن قضية التفاهم حول توزيع المسؤوليات المادية عند غالبية البيوت العراقية هي على كاهل الرجل ومع هذا الكم الهائل من المصاريف قطعاً فإن العجز سيزحف للبيت ويدمره إذا ماقابله قصور في فهم الزوجة وتقديرها الصحيح للأمور.