آية البهادلي /
“علّمونا أن للبيوت أسراراً خاصة، حدودها الجغرافية لا تتعدى الحيطان، وأن خروجها من الوديعة الزوجية يعد خيانة ناعمة. لكنني اشعر في أحايين كثيرة أن من حقي التحدث عما يغضبني من زوجي، وحديثي عن بعض الأمور لا يعني أني نشرت الغسيل بإفشاء أسراره، أو انتهاك خصوصياته، وإنما هو نوع من الفضفضة وتفريغ الكبت النفسي، وإلا سوف ننفجر ونجنّ من الصمت والثبات الزائف.” على حدِ قول الزوجة (سرى عباس) المستاءة مما ينام على قلبها وخاطرها من أوجاع حبيسة، قائلة:
“إن بعض التفاصيل الزوجية تكون بمثابة خط أحمر، لا تتقبل الحديث عنها، لكن هناك بالمقابل العديد من الأزواج يعتقدون أن التحدث مع الغير عن أسرارهم يمثل طريقة للتنفيس والفضفضة ليس إلا، وإن تعدت أساليب الفضفضة، ستكون قطعاً من الحكايات المحظورة.”
إذن، هنالك قاعدة أساسية قد يتفق عليها الكثيرون، وتعتبر أمراً مسلّماً به، ملخصها (حفظ الأسرار الشخصية) لضمان نجاح العلاقة الزوجية، والتأكيد على عدم انتهاك أي جزء من المساحة الخاصة للطرفين، فكيف يتعامل الأزواج يا ترى مع الحالة المغايرة، التي لها رأي آخر مختلف في هذه القضية؟
خصومة نشر الغسيل
“زوجتي لا تحب أن أخبر حتى عائلتي بما يحدث بيننا، خلافاتنا تحدث في غرفتنا الخاصة، غير ممكن حتى أن يعرف الأولاد ما قد يدور في رأسينا، وهذا الأمر أنجح زواجنا وجعل حل المسائل فيما بيننا أسهل.”
هذا ما يعتقده (علي طالب)، الذي تحدث إلى “مجلة الشبكة العراقية” بحضور زوجته (رونق) التي شاركتنا الرأي قائلة: “من غير الممكن نشر الغسيل، حتى لو كان نظيفاً، لأنه يجعل الناس تعرف ما يدور في حياتنا، لا أريد هذا، كان علي يخبر أصدقاءه أنه غاضب مني، لماذا لا يخبرني ببساطة هذه الجملة؟ حينها سنتمكن من معرفة ما يجب علينا فعله، حينما يستشير أحد الازواج أي شخص، قريباً كان أم مجرد صديق، فإنه لن يحصل على النصائح الكافية، فليس الجميع بقادرين على منح النصائح الحقيقية.
إن بعض الأفراد، وبحسن نية، يتحدثون عن مشكلاتهم أمام مجموعة من الأشخاص الذين سيشعرون بسعادة لمعرفة خصوصية الآخرين، وبدورهم سيحاولون التدخل، ثم تكبر دائرة المشكلات، ومن هنا، تصبح المشكلة البسيطة عصيّة عن الحل، كلما زاد عدد الأفراد المساهمين فيها، كذلك هناك بعض الأزواج الذين قد يصلون إلى الانفصال الكلي، بسبب مشكلات تكاد تكون بسيطة للغاية، ولا تستحق كل هذه التشعبات، التي تبدأ من تدخل أسرتي الزوجين، وأقاربهما ثم أصدقائهما، لذلك فإن ما يجب أن يمارس لدرء توسع التشابك بين الزوجين، هو التكتم، وحل القضايا بين الطرفين فقط، فلا ثالث يعرفهما كما يعرفان بعضهما بعضاً، ولا أحد يريد لهما المصلحة الأفضل، كما يريد أحدهما للآخر.”
التعنيف لا سرّ فيه
فيما توضح (أسماء الشالجي) أن “على المرء، ولاسيما الزوجة، أن تكون قادرة على التحدث أو طلب العون أو المساعدة، حينما تتعرض للأذى والتعنيف، كالتعنيف النفسي أو الجسدي، فهي بالتأكيد لن تستطيع التفاهم مع شخص معنِّف ولن تُحل الأمور معه مطلقاً، ولن يتغير بمحاولة حل أو تغيير صفة التعنيف من خلال إدخال أطراف أخرى معاونة تحاول الإنقاذ. إذن، فإن بعض التفاصيل تتطلب الحديث من أجل الإنقاذ النفسي، فمن تتعرض إلى التعنيف الزوجي، وتخبر الآخرين أملاً بإنقاذها، هي محقة في حديثها عما تعيشه، ولا علاقة للأمر بإفشاء سر، وإنما من أجل مساعدة نفسها وأولادها.”
اغلق نوافذ السر
أما الزوج (أمجد الشكرجي)، فيؤكد أن “الصورة النمطية والقالب الجاهز المأخوذين بفكرة عنصرية عن أن المرأة هي وحدها من تفشي الأسرار، غير صحيحين، ذلك أن الكثير من الرجال، وفي جلساتهم الخاصة، يتحدثون بشكل تفصيلي عما يدور في منازلهم مع زوجاتهم، بعضهم يشكو، وبعضهم يئن، وبعضهم يفكر بمعاقبة زوجته فيستعين بنصائح أصدقائه. لذا علينا أن ندرك أن إفشاء السر القابع في منزلك، هو بمثابة فتح نوافذ بيتك لرياح وعاصفة لن يهدآ إلا بتهديم كل شيء حولك، نعلم أننا جميعاً في حاجة إلى بعض الفضفضة والحديث عما يؤذينا، لكن تناقل مشكلاتنا في الجلسات بين الأحبة لن يحل الأزمات، بل إنه يجعل الأزواج يشعرون بالحرج من أسئلة الناس، إذ سوف يشعرونهم دوماً بأن حياتهم مكشوفة للناس، ويعلمون عنهم كل شيء، حتى يصبح الأمر خارج السيطرة.”
لا ترتكب زلة تؤثر في حياتك
اختصاصية الأسرة والنفس (نور محمد) تؤكد أن “معظم الأسرار والخلافات الزوجية كلما انتشرت ازدادت الشائعات والأقاويل حول الزوجين، وسوف تسمح للآخرين في إذكاء نار المشكلات بين الزوجين، الأمر الذي يسهم -إلى حد كبير- في تفاقم الخلافات وتفكك الأسرة، كما أن كثرة الحديث عن الزوج أو الزوجة وأسرارهما يحرك الكثير من الفتن وانعدم الثقة بين الطرفين، ما يجعل أحدهما خائفاً من البوح لشريكه، وفي النهاية سيكون الزوجان عرضة للسخرية والاستهزاء من خلال التنكيل بهما باستعراض أسرارهما، ويكون الأمر بمثابة إمساك (زلة) عليهما، في حين يستطيع الزوجان تجنب كل هذا من خلال حفظ أسرار بيتهما واحترام خصوصية بعضهما بعضاً، وعدم الانجرار لحكايا الجلسات الخاصة بالأقارب والأصدقاء، فلن يساعدك أحد عند وقوعك في مشكلة كبيرة مع شريكك.”