الذهب زينة وخزينة!

آمنة السلامي /

البعض من الناس يعتبر الماديات شيئاً اساسياً ومهماً في حياته، بل يكون على اتم الاستعداد لأن يضحي بكل شيء من اجلها متجاهلاً المشاعر والأحاسيس التي تجعل الإنسان في قمة السعادة او العذاب. فما اهمية المال إن ملكته وضيعت الرفيق او الحبيب الذي تحلم به.

لن تشعر بسعادة المال بعد هذه الخسائر، فالتفكير المادي في كثير من الأحيان يجعلنا نخسر وتكون الخسائر حتمية والنتائج غير قابلة للتغيير فلا يجدي الندم ولا يمكن ارجاع الماضي لكي نغير المستقبل.

وحتى نفهم هذه الحالة ارتأينا في بادئ الامر ان ناخذ راي المختصين في علم النفس ورغبة المراة وحتى الرجال بهذا المعدن:

يقول دكتور “ايسر فخري”، اختصاص في علم النفس،: هذه من الترسبات الذهنية والفكرية ومن حالات الشعور بالأمن في اللاشعور لدى النساء وحتى بعض رجال الاعمال والبيئة تعطي زخما لذلك ايضا، فهناك عوائل ومنها عوائل عراقية مشهورة بحب الذهب وامتلاكها لكميات كبيرة بل انها ذهبت الى تحديد قيمة مهر الزواج وهو ما يعرف (بالنيشان) وكم مثقال بحسب تلك العائلة وهنا يأتي مايعرف بالتبرير وهو احد الوسائل الدفاعية التي يستخدمها الانسان ان الذهب هو زينة وخزينة وهكذا ذهب هذا المثل الدارج.

الذهب نعمة ونقمة

تذكر الباحثة الاجتماعية “رنا حامد” ان اغلب النساء يرغبن باقتناء هذا المعدن بهدف تحصين أنفسهن من أزمات المستقبل. فهو استثمار ناجح يجمع بين الجمال والمال. فهو زينة وخزينة كما يسمى في قاموس الأمثال الشعبية فكلما ازدادت خزينة المرأة بالمصوغات الذهبية كلما شعرت بالراحة والسعادة. فهو نعمة ونقمة، فكثيرا ما يكون عاملا في ضياع امنيات صادقة في بناء مؤسسة قائمة على الحب والاحترام والمودة، فتأتي النتائج مخيبة للآمال بين رغبة الأهل ومتطلبات الحياة وان عامل الجهل الذي يصور للأهل ان الضمان المادي مهم في استمرار الحياة الزوجية او حتى علاقات اخرى من خلال امتلاك المزيد من الذهب مع الاسف ان هذا الامر بعيد عن الواقع.

هل السعادة مرتبطة بالمادة؟

“معن سلمان”، صائغ، يقول: يحتل الذهب مكانة كبير عند العديد عند النساء فهو الذي يزيدها جمالا ويضفي على حياتها الراحة والهدوء، فهناك العديد من النساء يأتين في كل شهر الى محال الصاغة لشراء المصوغات الذهبية للمباهاة امام زميلاتهن في مكان العمل او في المناسبات المختلفة التي تجتمع فيها النساء وغالبا ما تكون هناك مقارنات بين النساء عن جمالية ما ترتديه (فلانه) فيولد الذهب نوعا من الغيرة والحزازية والمشاكل عند بعض البيوت، في النهاية نحن المستفيدون من هذا الحب لهذا المعدن.

وعن سؤالي له هل حدثت مشاكل داخل محلك بسب اختيار الذهب بين العرسان؟

أجاب: كثيرة تصل حتى الى درجة (الخصومة) فأم العروس تطلب طقما وأم العريس تريد اشياء بسيطة، مع الاسف في بعض الاحيان ارى الدموع في عين العروس وحرقه في قلب العريس، حقيقة انا اعتبر ان كليهما على حق فهذه تريد لابنتها وهذه قد لا تملك الثمن.
مرض وازمة

عدم الثقة بالنفس

من اجل ان نعرف اكثرعن هذا الاصرار والاهتمام الكبير للمراة بهذا المعدن الثمين لا بد ان ناخذ العديد من الاراء التي تساعد على فهم هذه الظاهرة وبمشاركة كلا الجنسين.

“سرور قاسم”، مدرسة، تقول: انا حقيقة لا اشعر باهتمام زوجي لي وهو كثير العلاقات وانا من باب ان لا اخسره لأنني احبه اتجاهل الأمر واجعله يعتقد اني لا اعلم بهذه العلاقات، فانا عندما اشتري براتبي المصوغات الذهبية انما ابحث عن الاستقرار المالي لاني فقدت الاستقرار العاطفي، اي بمعنى اني افتقد الشعور بالأمان مع زوجي، لذلك اقول ان الذهب زينة وخزينة ولابد ان احتفظ باكبر قدر منه وكذلك لا انكر اني احب أن اتزين به لكن الهدف الأساس والغاية الأساسية هي الاستقرار المادي.

الرجل يحل مشاكله

عن طريق الذهب

“علي محمد”، مهندس كهرباء، يقول: انا كثيرا ما احل مشاكلي الغرامية والزوجية عن طريق الذهب، فالذهب لكونه معدنا ثمينا والمراة تحب الهدايا الغالية والنفيسة، فهي مهما تنوعت ثقافتها فانها تحب الذهب وانها تظن ان قيمة الهدية التي تقدم من زوجها او حبيبها انما تعبر عن مكانتها الحقيقية في قلب الرجل فلذلك يكون للذهب مفعول سحري عند المرأة.

الذهب وأنوثة المراة

هناك سبب اخر لاهتمام المراة بالذهب قد يكون من الناحية الصحية، فمن الناحية الطبية لابد من الاطلاع على اهم الدراسات التي تهتم بهذا الجانب. فقد ذكرت دراسة علمية ان الذهب يصدر اشعاعا يزيد من هرمون الانوثة في الجسم هو هرمون الاستروجين (هرمون الانوثة) وهو أهم ما يميز المرأة في سن الإنجاب، فهذا الهرمون هو المسؤول عن انوثة المرأة كما انه مهم للبشرة لدى السيدات ولتكوين العظام والمحافظة على قوتها وكثير من النساء يعانون من انخفاض شديد لهرمون الانوثه ما يعني عدم انتظام الدوره الشهرية او قلة الخصوبة وحتى الملامح الأنثويه في جسم المرأة، فهذا الهرمون هو الذي يبرزها اكثر، لذلك قال الرسول محمد (صلى الله عليه وآله): “حرّم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم” لهذا السبب.

امنيات ضائعة

هناك العديد من الناس يخسرون اشياء عزيزة ومهمة في حياتهم نتيجة الحب والشغف بهذا المعدن، وقد يكون الإحساس بالندم غير كافٍ لاستعادة الماضي. تتحدث لنا “ابتسام عباس” عن جرج كبير اسمه سامر.

تقول: كان ابن خالي سامر عشقي الذي حلمت به من الصغر وكنت اتمنى من الله ان يكون لي زوج المستقبل وجاء لخطبتي واتفقنا على الزواج ولكن مع الاسف امي افسدت كل شيء من خلال طلبها طقما لا تقل قيمته عن عشرة مثاقيل وكان هذا الطلب بمثابة الضربة القاضية التي انهت كل شيء، اليوم انا ابلغ من العمر 48 عاما ولم اتزوج لأنني مازلت احبه في حين انه تزوج ولديه خمسة اولاد.

وللذهب قصص غريبة في التاريخ وحب الملوك له وخصوصا فراعنة مصر.

فقد تم دفن ألف وخمسمئة رطل من الذهب الخالص مع الملك خوفو أول ملوك الفراعنة، أما الفرعون الشاب توت غنج آمون الذي توفي شاباً وما زالت أسباب وفاته تهم العالم كله والبحث ما زال جارياً في مصر وكل العواصم المهتمة بتاريخ الفراعنة، حيث دفن معه قرابة ألف وسبعمئة رطل من الذهب داخل تجويف مقبرة مبطنة بالذهب الخالص، ويعرض المتحف المصري بالقاهرة ضمن كل معروضاته الفرعونية النادرة ـ جثمان الملك الشاب توت غنج آمون بقناع ذهبي يعتبر الأندر والأفخم من تاريخ البشرية. وذلك لكميات الذهب المستخدمة في صناعته.

وهكذا يبقى الذهب المعدن الصامت المسيطر على العقول الذي يجعل من اناس سعداء واخرون تعساء نتيجة التخلف والخوف من المستقبل.