ريا عاصي/
الزي القومي او الوطني رمز تعريفي بالشخص الذي يرتديه. سيعرف، فورا، الذي يراه قوميته او البلد الذي ينتمي اليه. ويرتدي الكثيرون في المحافل الدولية والأعياد زيهم الوطني فخورين بانتمائهم. وللمثال، وليس الحصر، فالمرأة التي ترتدي (الكيمونو) نقول إنها يابانية، وإن ارتدت (الساري) على بطن عارٍ فانها هندية من الهندوس وان ارتدته على قميص ذي اكمام طويلة فانها من السيخ.
ولكن قلّة من بنات بغداد يعرفن ماذا كانت ترتدي الجدّات. لذلك تجدهن في محافل عديدة يرتدين الهاشمي على انه عراقي لكنه، من اسمه، قدم مع العائلة المالكة الهاشميه فارتدته نساء البلاط فاعتبر هو زيّنا الرسمي مثلما وحّد الملك فيصل الأول زيّ الأفندي باعتماره سدارة مع بدلته الرسمية فصارت السدارة تكنّى بالفيصيلية، ولبس على غراره سادة البلد وشبابه السدارة نفسها وصارت تميز البغدادي الأفندي عن بقية الناس.
سيدات بغداد
قبل الهاشمي، كانت سيدات بغداد يلبسن الصاية ذات الأكمام الطويلة والمزينة بخيوط الذهب والفضة والحرير، وكانت لطرفي الكم فتحة طويلة تصل لحد الكوع وتزين أطرافه أزرار صنعت من خيوط الحرير ويلبسن تحته فستانا قصيرا من الساتان دون اكمام ومزينا بأعمال السنّارة ويسمينه (الأتك) ويتزنّرن بحزام فوق الصاية حسب المناسبة اما من الذهب او الفضة او من القماش المطرز والمقوى بالجلد الحيواني. في الشتاء تلبس الفتاة فوق الصاية الصديري او السرسوحة وهي عباءة توضع على الكتف.
وكانت نساء المدينة يتزينّ بالحلي والمجوهرات التي صيغت لهن عند افضل صاغة المحلة. وكان لكل حي جواهرجي، واغلب الجواهرجية كانوا من الطائفة اليهودية. اما صاغة المينا والنقاشون على الذهب فهم من مندائيي العراق وهم مشهورون بصياغة المينا وترصيع الذهب بالاحجار الكريمة.
العباءة العراقية
كانت نساء بغداد يحلّين ملابسهن بالتطريز، وكانت الشابات لا يضعن اغطية الرأس داخل المنازل بل كانت الجدّات يفعلن ذلك ويلبسن عصابة من الحرير وفوقها فوطة من البريسم كلها تصنع يدويا على ايدي النساجين في النجف.
وحين خروج الفتاة من المنزل كانت ترتدي العباءة العراقية ذات الثمانية امتار من الحرير للحفلات والمناسبات، والصوفية للشتاء والقطن المخلوطة بالبريسم والكتان للتبضع والمشاوير القريبة وكان البعض منهن يرتدين الخمار المشبك. وتحلي النساء عباءاتهن بزوج من الحلي الذهبية التي تتدلى من طرفي العباءة عند الرأس وتسمى بـ (البلابل) وتلبس في المناسبات. اما البغداديات من بنات الطائفة اليهودية فعند خروجهن من المنزل كان ما يميزهن انهن يرتدين عباءتين: السرسوحة التي توضع على الكتف وعباءة الرأس، وكن يضعن بدل الخمار المشبك الذي يسمى (بوشي) فكانت المرأة تضع خمارا آخر مشبكا من قماش الململ يخفي عينيها ومن تحت عباءتها تظهر البيجة التي كانت تظلل عينيها من الشمس لذا كانت تميز من البيجة والخمار.
الدولة العراقية الحديثة
عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن المنصرم وافتتاح المدارس والمعاهد ومن ثم الجامعات سرَت موجة من التحدي داخل المجتمع العراقي وحبه للتغيير من النمطية فظهرت موجة من السافرات اللواتي لاقين التشجيع من الرجل.
دور السينما
بعد دخول السينما للعراق عام 1921، بالرغم من ان اول فيلم سينمائي صامت عرض في بغداد قبل الحرب العالمية الاولى عام 1909، إلا أنه لم تكن هناك دور للعرض. وبعد عام 1921 انتشرت دور السينما في العراق وكان العراقيون يتابعون بشغف كل الافلام الصامتة والناطقة منها ما شجع البغدادية على متابعة العروض السينمائية وتقليد نجمات السينما في صناعة ملابسهن وبقيت العباءة العراقية المصممة والمغزولة يدويا هي ما يلف تحته احدث الموديلات في باريس ولندن وبيروت ومن ثم نجمات السينما المصرية .
اشتهرت في هذا الحين محال لبيع القماش كانت تجلب افضل الحرير الدمشقي والصيني والكتان والقطن الكشميري. وكان البزاز يسمى بالجوخجي او القزاز كما اشتهرت محال خياطة الفساتين النسائية وكانت من بينهن (مدام لولو) التي اشتهرت بصنع بدلات الأعراس، والخياط (سمير عالم الباكستاني) والعديد من الطرازين السوريين والأرمن الذين ازدانت بهم محال شارع النهر في بغداد. كما ظهر نجيب حراق مصمم الحقائب والأحذيه النسائية وكانت السيدات البغداديات يشترين القماش ومن ثم يذهبن به الى الخياط الذي يقص بدوره من القماش لتحمله الى نجيب حراق كي يصنع لها من نفس القماش حقيبة وحذاء وحزاما يزين الفستان. ومن ثم ظهر محل الحذاء الأحمر وزبلوق ورافد وباتا.
شارع النهر
كان شارع النهر سوقا للفتيات والعرايس فكانت النسوة يتبضعن منه نيشان العروس، إما من سيد هاشم الورد او ياسر الصكر او زهرون ومن ثم يشترين قماش فرشة العرس ويذهبن به الى عمارة الدفتردار حيث الطرازين من السوريين والأرمن وقماش بدلات العروس التي كانت بالعادة تخاط لها العديد من البدلات، فللنيشان والمهر والعرس بدلات وللسبعة ترتدي سبع بدلات من ضمنها بدلة العرس.ومن الشورجة كانوا يشترون شمعة المهر ويطلبون من العطار (سيد شبَّر) ان يصنع صينية المهر التي تتضمن عدة اصناف من الأبيض والحلو والهيل والسكر .
لذلك حاولي سيدتي ان تبحثي عن صور الجدات لتجدي ان الهاشمي لم يكن لباسها الوحيد، فالبغدادية تبغددت حتى صارت مثالا للغنج.