علي البكري – باحث فلكي /
ربما يعتقد البعض أن السياسة شغف أو هواية أو باب رزق يسهل الدخول منه في البلدان التي يغيب عنها القانون، أو تلك التي تشهد انقلابات متكررة على مر تاريخها. ما يهمنا هو كيف نتعرف على الشخصية السياسية من الجانب التكويني وما هو المعيار في ذلك. بعد بحث متواصل في عيّنة من الشخصيات قاربت الـ (1170) عينة، شملت أهم السياسيين الذين كانت ولادتهم منذ سنة (1800) وحتى سنة (1980)، هذا البحث من الناحية التكوينية أي المعيار الفطري الذي يدفع بالسياسي إلى التخلي عن وظيفته أو شهادته المرموقة، ليتحول إلى سياسي أو مدافع عن حقوق شعبه وبدون رجعة لاختصاصه, نحاول أن نسلط الضوء على الإشارات التكوينية للسياسي ومدى نجاحه في ظل متغيرات تكوينية قد تطيح به أو ترفعه وهو لا يدري ما يدور في أفقه التكويني. في بحثنا هناك (13) مرتبة تعني كمال الشخصية السياسية الفطرية دون التدريب الأكاديمي، إذ لم يصل أي سياسي على مر التاريخ هذه المراتب الـ ( 13)، وربما أعلى من وصل لذلك هو الرئيس الأميركي جورج واشنطن الذي حصل على (9) مراتب، وهي تمثل قدرة السياسي على التحكم في أهوائه واتخاذ القرارات ذات النفع للوطن والشعب. أما اقل درجة يمكن أن يحصل عليها السياسي ويبقى على الهامش فهي (5) مراتب أي أن هذا السياسي يسمى سياسياً، لكنه لا رأي يؤخذ له ولا يلحظ له أي دور بارز، مجرد تسمية يحظى بها بعضهم.
لمن يرغب في معرفة أسرار أكثر عن هذا الموضوع, فإن هناك وقتاً زمنياً معيناً يولد فيه السياسي الذي ينجح في العمل بالجانب السياسي الفطري والمتمثل بـ (5) مراتب تتمثل بيوم المولد وخريطة رقمية، وغالباً تكون فيها أيام معينة لكل شهر تختلف عن أيام الشهر الذي يليه، حسب طبيعة كل برج، ومواقع للكواكب المتميزة، وهذه الكواكب تكون في أوج شرفها كي تنتج سياسيين مثل (غاندي ونلسن مانديلا والشيخ زايد ) أو في انحطاطها لتنتج سياسيين مثل(هتلر وموسوليني).
وبعد ان انضمت وجوه جديدة لممارسة العمل السياسي في العراق محاولة تأسيس مناخ أفضل وأرحب، نتمنى لحملة الأمانة الجدد أن يقدروا ثقل هذه الأمانة، فالوقت المقبل سيكون بمثابة سيف إذا لم تقطعه قطعك، وهنا يمكن تحليل وقع تأثير السياسي العراقي تكوينياً على حياة المواطن وآثاره في الجانبين الإيجابي والسلبي أولاً، وتأثير المواطن في خصوصية السياسي وانعكاسه ثانياً.
التأسيس لبناء شخصية سياسية مهنية تفاعلية، تتمتع بروح المبادرة بوسعها الانتقال بالمشهد السياسي بشكل تدريجي، يتناسب مع المناخ الدولي السائد في هذه الفترة الأكثر خطورة وتأثيراً على حياة المجتمع العراقي وانعكاس ذلك اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً لاحقاً.
إن الفطرة التكوينية للسياسي في العراق تعتمد الكاريزما المؤثرة في حياة المواطن فهو يستطيع العزف على الأوتار الحساسة لكنه يخفق في التواصل بعد فترة قليلة من عمره السياسي, في مقابل ذلك يسعى هذا السياسي الى قولبة شخصيته وترويضها باتجاه معين يخدمه كسياسي منطو على ذاته، محققاً نتائج تنعكس لاحقاً في نمط عيش المواطن، قد تفكك قيماً أو مبادئ إنسانية.
الشخصية السياسية تنمو في العراق تكوينياً متأثرة بقوة الطاقة التي تنبع من أرض العراق المليئة بالمعادن والثروات، لكنها غير محصنة عن العشوائية في اختيار الأهداف وإرهاق نفسها في استهلاك التراث أو منجزات سابقة. المواطن يتأثر نتيجة الجدل وينعكس ذلك على سلوكه ورد فعله تجاه حياته، هذا يجعل المواطن أسير هذا الطنين العالي النغمة والمنقاد لا شعورياً للدوران في هذه الدوامة.
لذلك ينتج -بمرور الوقت- اندفاع نحو الرمزية والمبالغة أو المؤامرة التي هي صفة تلازم في الغالب الشخصية السياسية العراقية في تاريخنا المعاصر، وإن استطاع الكثير من السياسيين المحافظة على اتزان ظاهري لإقناع المواطن. الشخصية السياسية العراقية أذا أردنا أن نختار لها لوناً تأثرت به واصطبغت بالتدرج اللوني، سنجد أن اللون الأبيض كان في الغالب غائباً، حيث لا سلمية في التداول.. اللون الأحمر هيمن على حياة المواطن.. اللون الأصفر رؤية غائبة وغير واضحة.. اللون الأخضر.. القاسم المشترك للحوار المفقود وجسور الثقة الواهنة.. اللون الأزرق.. كيف نقترب أكثر من بعضنا بعضاً.. اللون الأسود.. هل سنغادر العزل؟