آمنة السلامي /
المرأة قارورة الحياة، سلبتها الأعراف هذه الصفة فجعلتها لقمة طرية عند الرجل، ولأن اغلب أفراد الأسرة متمسكون بالعادات والتقاليد فغالبا ما تربى الفتاة على الطاعة العمياء للرجل وعدم المطالبة بحقوقها والابتعاد عن الجدل والنقاش حتى وان كانت على حق..
تركة ثقيلة وضعت في عنق المرأة لا يمكنها الخلاص منها. فاستكانت ورضيت ان تكون رهينة الرجل يرميها على قارعة الأقدار متى شاء. ورغم ان الشرع والقانون قد أطرا حق الطلاق للرجل وضمنا حقوق المرأة فيه، لكن للأسف كثيرا ما استخدم هذا الحق الذي وصف بأبغض الحلال بشكل تعسفي، وما زالت المحاكم تزخر بالعديد من قضايا الطلاق الذي نلمس فيها عذابات المرأة وكبرياء الرجل.
أسباب الطلاق
المحامية بسمة العبيدي بينت لنا أهم اسباب ارتفاع معدلات الطلاق وتداعيات هذه الظاهرة الخطيرة بالقول:
انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الالكترونية الحديثة واساءة استخدامها، فضلا عن الابتزاز الالكتروني من اهم العوامل في استفحال ظاهرة الطلاق، يأتي بعد ذلك زواج القاصرات وتدخلات الأهل، والبطالة والتفاوت في المستوى المادي وانخفاض المستوى العلمي والتحصيل الدراسي، كلها اسباب تؤدي الى الطلاق.. ومعروف جدا ان الطلاق يهدم الأسرة ويخلخل نظام التماسك الذي يسود المجتمع، وفي احصائية رسمية لحالات الزواج والطلاق صادرة عن مجلس القضاء الأعلى لشهر شباط المنصرم سجلت اكثر من 31 ألف حالة زواج فيما بلغت حالات الطلاق 6800 حالة. وسجلت محكمتا استئناف الرصافة والكرخ 7539 حالة زواج يقابلها 1697حالة طلاق وتأتي العاصمة بغداد في المقدمة مسجلة اعلى معدل لحالات الزواج والطلاق وصلاح الدين بأدنى معدل للزواج 745والمثنى اقل حالات الطلاق 94 ألفا.
*ماذا عن دور الباحث الاجتماعي الذي يحاول اصلاح ذات البين بين الزوجين قبل الطلاق؟
– للباحث الاجتماعي دور مهم في اصلاح ذات البين، خاصة اذا ماعلمنا بأن الخطوة الاولى في دعاوى التفريق والطلاق هي مثول الطرفين أمام مكاتب البحث الاجتماعي الذي غالبا ما يحاول الوقوف على طبيعة المشكلة ليضع لها الحلول الجذرية وبالتالي انهاء الخلاف والتراجع وإلغاء فكرة الانفصال بين الطرفين .للأمانة المهنية فإن القضاة يستمعون للطرفين عن سبب المشاكل، وفي حالات عديدة يتم تأجيل الدعوى اذا ماتم الوقوف على الأسباب الحقيقية للطلاق ان كانت ليست من الأسباب الجوهرية التي تدعو الى هدم الأسرة وفكّ وثاق الزوجية.
أغرب حالات الطلاق
وعن اغرب حالة طلاق تقول العبيدي: من اغرب حالات الطلاق ان زوجا طلق زوجته لتقديمها الشاي الى ابيه ووضع ملعقة الشاي في القدح بشكل مقلوب، ما اعتبره الزوج تقليلا من شأن ابيه فطلقها طلاقا تعسفيا اي انه يتعهد بتأدية جميع حقوقها الشرعية والقانونية من مهر معجل ومؤجل، فضلا عن النفقات والتعويض عن الطلاق التعسفي والحقوق الأخرى.
بدورها، تبين سارة، وهي امرأة مطلقة، سبب طلاقها بالقول: انه فعلا سبب يضحك ويبكي في نفس الوقت، لقد طلقني زوجي عندما كنت اغسل الصحون في بيت اخيه، جاء فجاءة وقال لي انت طالق ثلاث مرات وانا لا اعرف السبب، بعد ذلك علمت ان ابنتي ذهبت مع اخيها الصغير ليشتريا من المحل القريب من البيت. تضيف سارة قائلة: نحن في مجتمع ما زال متمسكا باغلب عادات الجاهلية والدليل على ذلك حزن الزوج اذا بشره احد بالأنثى وظل وجهه مسوداً وهو كظيم وحتى امثالنا مع الاسف تقول (مكروهة وولدت بنتاً)!!
“مطلقة” أقسى كلمة سمعتها
الإعلامية (ف. م) التي رفضت ذكر اسمها الصريح حدثتنا بحزن عن نظرة المجتمع الى المطلقة فبدأت كلامها قائلة : ان أبغض الحلال عند الله الطلاق، آية قرآنية لم أكن اشعر بصداها الا بعد ان عشت مرارة هذه الكلمة.. انا مطلقة، نعم مطلقة وهذه الكلمة اقسى كلمة سمعتها وعشت في أجوائها العكرة، قاتلت في سبيل ان احصل على حريتي من رجل اناني لايحب إلا ذاته.. لكن يبقى الطلاق أمرا مرعبا وأقسم على ذلك، فالطلاق خراب، وهو يعني ان تنتهي الحياة في أي بيت، وتهدم اسرة على الرغم من كل الصعوبات، لكن بإمكان المرء التضحية بعد التفكر ولو كنت بعقلي الآن لفكرت مليون مرة قبل الانفصال..
الإسلام نظام الأسرة الرصين
محمد الكاظمي، أستاذ في علم الإجتماع، أدلى بدلوه بموضوع الطلاق قائلا: عندما يتأمل القارئ نصوص رسول الله(ص) وأهل البيت (عليهم السلام) يجد أنها كانت تؤكد على بناء الأسرة والمجتمع على أسس متينة ووضع حلول لمشاكل عقيمة، ولو تأملنا موضوع الطلاق في نظرية الإسلام والأحاديث الواردة فيه لعرفنا القيم السامية والسبل الحميدة فقد ورد عن رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ((أبغض الحلال الى الله الطلاق )) و ((أنا أبغض كل ذّوّاق من الرجال وكل ذوّاقة من النساء)) فالإسلام قد جاء بنظام متقن رصين للأسرة، ووضع الحلول للإشكالات التي تعرض للأسرة المسلمة، ومن هذه الاشكالات، إباحة فسخ عقد النكاح بتشريع الطلاق وهذا استثناء من نظام العقود، فإن الإسلام قد جعل للطلاق تشريعا، فمن حكمة الله تعالى أن شرّع الاذن للرجل بالانفراد بالطلاق دون المرأة، لما في ذلك من المصلحة الظاهرة، فلو لم يأذن الله بذلك لكان الطلاق باطلا كله، إلا أن يرضى الطرفان كما هو في سائر العقود، فمن طلق كما شرّع الله صحّ طلاقه ومن طلق على غير ما شرّع الله كان طلاقه باطلا.