د.قاسم حسين صالح/
كنت بضيافة صديق في لندن، وحين نمت بعد الغداء تساءلت زوجته البريطانية ما اذا كنت مريضا، فأجابها الصديق أن العراقيين معتادون على النوم بعد الظهيرة، فيما الفكرة المأخوذة عنها عند الغرب أنها عادة المجتمعات التي شبت على ثقافة الكسل والتواكل والنوم.
والمفارقة أن عالمة أبحاث بريطانية تلقت تدريبها بجامعة هارفارد(دكتورة سارة ميدنيك) أصدرت كتابا عن القيلولة علّق عليه دكتور جيمس مؤلف كتاب (قوة النوم) في جريدة “نيويورك تايمز” بقوله:(أن البحث الرائد الذي قدمته لنا دكتورة سارة هو دليل دامغ على أن قيلولة الظهيرة تعود بالنفع على النواحي النفسية والجسدية والذهنية).
فوائد كثيرة
واللافت أيضا أن الباحثة توصلت بدراسات علمية الى أن للقيلولة الصحية التي لا تزيد عن ساعة ونصف فوائد نجهل تفاصيلها نحن العراقيين برغم أننا توارثناها أبا عن جد وصولا لأجدادنا البابليين الذين كانوا يقضون ساعة القيلولة في ركن ظليل بحدائق عشتار!. فمن فوائدها أنها تعمل على تقليل خطر الاصابة بالسكتة الدماغية والنوبة القلبية، لأنها تؤدي الى خفض ارتفاع ضغط الدم الناجم عن الاجهاد(وأي اجهاد أشد من الذي يتعرض له العراقيون!).وأنها تقلل من الاصابة بمرض السكر(والعراقيون حلويون!)،لأن قلة النوم تزيد من مستوى الأنسولين والكورتيزول الذي يزيد من خطر الاصابة بالنوع الثاني من مرض السكر، سادس أسباب الموت في أمريكا!. وثالثة الفوائد، أن القيلولة تؤدي الى خفض الانفعال وسرعة الغضب،(وكل العراقيين دمهم حار!)،لأنها تغرق المخ بالسيروتونين الذي يجعل المزاج رائقا. والرابعة أنها تخفف الآم الصداع النصفي والقرحة والمشاكل الأخرى ذات الآثار النفسية، وتعمل على انقاص الوزن (وأترك التعليق لجنابك)، لأن جسمك يفرز أثناء القيلولة هورمونا يقلل من نسبة الدهون لديك.والألطف أن القيلولة تحافظ على شبابك لأن الاجهاد هو أكثر العوامل المسببة للهرم(والله يكون بعون من يركض والعشا خبّاز).
أماكن مخصصة للقيلولة
والمدهش أن احدى المدن بالدنمارك وفرت أماكن للقيلولة مخصصة لموظفي الدولة يأخذون فيها غفوة لنصف ساعة بعد اثبات الدراسات أن القيلولة تعمل على استعادة كفاءة الفرد وتزيد من يقظته وتركيزه وصفاء ذهنه، ينجم عنها تحسن في نوعية الانتاج وكميته (وعدنه الياخذ غفوة دقائق بالدوام تجيه عقوبه). وانتقلت هذه الفكرة الى شركات أمريكية بعد أن أكدت دراسة قامت بها وكالة ناسا أن يقظة المرء تزداد مئة بالمئة عقب أخذه لغفوة قصيرة. ليس هذا فقط بل أن القيلولة تعزز الابداع وتقوّي الذاكرة وتشعرك بالانتعاش وترفع الكفاءة الجنسية(!).
عجيب أمور غريب قضية!..كل هذه الفوائد لصاحبتنا القيلولة ونحن لا ندري. الا نستحق نحن العراقيين براءة اختراع لأنها “ماركة” مسجلة باسمنا؟. لكن الغرب – كعادته- أخذ الكثير من علومنا وعاداتنا الجيدة وأعاد انتاجها لنا، سالبا منها ليس فقط حقنا بعائدية القيلولة، بل أنه كان السبب الذي حرمنا من متعتنا بها كما كانت أيام زمان.