آمنة عبد النبي/
كيف توصلت الى شكل توقيعك الشخصي، الذي تبصم به على المعاملات والوثائق والرسائل..هل صممته بعناية أم بعشوائية؟ هل هو بسيط أم معقد؟ هل اخترته كي يكون من الصعب تزويره، أم أنك لا تعير أهمية لذلك.
التوقيع الذي كان بصمة إبهام غالبا ثم تحول الى خطوط متعرجة أو سائبة، هل له صلة بوظيفة الشخص مواطنا عاطلا كان أم موظفا، وماذا لو كان مسؤولا حكوميا، هل تتغير طبيعة وشكل التوقيع؟ ثم هل يكشف التوقيع، كما يقال، عن طبيعة الشخص النفسية معقدة كانت أم سمحة، متواضعة أم متعالية.. هنا محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة:
الهوية السيكولوجية
بدءا، لا وجود لتفسير نهائي، وقطعي بشأن الدلالات النفسية التي يعكسها شكل وطبيعة التوقيع لكل شخص، الا انه في الوقت نفسه، واستنادا الى ان سلوكيات الفرد المتكررة والمُنمّطة، يمكن أن توحي اذا ما اخضعت الى مقاييس سببية الى بعض المؤشرات ذات العلاقة بهذه الدلالات والتي يمكن ان تفسرها أو توحي بها.
كانّ ذلك الجزء المقتطع من رأي للدكتور واثق البيك (باحث اجتماعي) اكمله بالقول: اذا كان التوقيع والامضاء علامة على الفرد نفسه، أو قد تمثل بشكل ما انعكاسا لهويته السيكولوجية وحالته النفسية، قد تعطي انطباعا ما عن وضعه العام، ورغباته، وميوله، وطبيعة مزاجه. وقد ذهبت الدراسات النفسية فيما يتعلق بدلالة ومضامين طبيعة الكتابة وشكلها الى مديات غير مسبوقة في سبر غور النفس البشرية وكنه الشخصية سعيا الى التعرف على مجمل الحقائق التي يمكنها ان تحل ولو جزءاً يسيراً من الطبيعة النفسية للانسان، وقد صنف الباحثون عبر محاولاتهم لتأويل شكل التوقيع مذاهب شتى، عبر اخضاع شكل الحروف وحجمها ودرجة ميلانها واتجاهها للاسفل أو للاعلى وزخرفتها، كما حاولوا وضع ترسيمة عبر هذه الأشكال للأمزجة العامة لاصحاب هذه التواقيع، من جهة ميلهم الى العزلة، وشعورهم بالغربة، أو الخجل والحياء، أو رغباتهم بالظهور، أو سعيهم الى الشهرة والتفرد والتميز، أو احساسهم بالانكسار النفسي والانطواء، أو ميلهم الى التعايش والعشرة والمرح، أو قد يشير التوقيع الى درجة ثقة النفس عند صاحبه سواء كانت عالية أم منخفضة.
لغة الجسد
ويمضي الدكتور واثق البيك قائلا: كما اشارت الدراسات النفسية والاجتماعية الى قضايا مهمة تتعلق بلغة الجسد غير المنطوقة، التي يمكن تأويلها في سياقها الثقافي العام، أو سياقها الشخصي المتفرد، وهنا، يمكن عدّ شكل حركة اليد خلال التوقيع، وطول التوقيع، وحجمه، وامتداد خطوطه واتجاهها، وعدد النقاط التي يحملها، سرعة التوقيع أو البطء فيه، يمكن ان تعطي دلالات كثيرة عن طبيعة الشخصية، شعورها بالتأزم أو الاسترخاء، الاحساس بالاهمية، الرغبة بالتميز، الشعور بالنقص والرغبة في الظهور، الحساسية المفرطة أو التواضع والسخاء والكرم، وقد تعطي دلالات ذات علاقة بالرغبة في السيطرة والهيمنة والاستحواذ، وفي الوقت نفسه يمكن ان تكشف الى حد ما، طبيعة التنشئة الاجتماعية والاحساس بالبيئة الاسرية والمشكلات التي قد تكون حدثت في الماضي وما زالت تمارس سطوتها وسيطرتها على الفرد.
اضطراب وخوف
تلعب لغة الجسد دوراً كبيراً في ابراز المكون النفسي وتصديره إلى الخارج في تمثّلات شتى، منها التّوقيع، من خلال التباين الكبير في شكل واحجام وغرابة التوقيع، كما يُشير الاعلامي والباحث (علاء البغدادي) مكملاً: يشير بعض الدراسات النفسيّة المختصة في هذا المجال، الى انّ الأنفة الخطية التي نشمها في تواقيع بعض المسؤولين، دليل على عدم الاستقرار وشدّة الاضطراب حتّى الخوف، على العكس مما قد يُلاحظ في تواقيع غيرهم، حيث نجد الوضوح والبساطة في التوقيع باعتبارهما دليل وضوح صاحبه ومصداقيته في التعاطي مع الآخرين، الجدير بالذكر ان التقّييم في هذا نسبياً، شأنه شأن الكثير من التحليلات النفسيّة التي لايمكن الاطمئنان باطلاقيتها، لكن نعم اتفق مع هذا الطرح، فالبعض نراه من خلال توقيعه وكأنه في مسابقة لإحدى مدارس التشكيل التجريدي التفاخري.
مايكشفه التوقيع نفسيا
يُشير الدليل الكندي الشامل “علم لغة الجسد” الذي عبرّ فيه مجموعة من الخبراء والباحثون في هذا السياق، إلى أن لغة الجسد تجعلنا نستطيع التعرف على توجهات وغايات وأهداف من يحدّثوننا، حيث تنقل لنا هذه اللغة الأفكار لاشعورياً ودون استخدام الكلمات والعبارات الفضفاضة:
حينما يتسخدم الشخص بتوقيعه طمس أجزاء معينة فهذا دليل عدم الراحة النفسية وقلة الاستقرار والانهزاميّة والخوف من الإقدام على مشاريع جديدة، امّا عندما يميل التوقيع نحو الأعلى في اتجاه الكتابة فذلك دليل التفاؤل والفخر والاعتزاز بالنفس والصحة والحيوية مع مراعاة عوامل أخرى في نص الرسالة، كلما كان التوقيع بعيدا عن نص الرسالة دل ذلك على عدم اقتناع الموقع بما هو مكتوب في الرسالة وربما بعض ما قيل في الرسالة غير صحيح أو كذب، وكلما كان التوقيع قريبا من نص الرسالة دل ذلك على صدق الموقع بما كتب، خاصة إذا كانت الرسالة شخصية، وضع خطين أسفل التوقيع يدل على شخص يحب إظهار مهاراته أمام الآخرين، كما يحب المديح، أما وضع خط فوق التوقيع فيدل على الأنانية وحب الدفاع عن النفس، وحينما توضع خطوط غير متصلة حول التوقيع فالمعنى يدل على عدم الثقة والشعور بالوحدة، في حين انّ زخرفة التوقيع الخطي فأنه يُشير الى حب التفاخر والظهور بصورة المتقن وقد يكون صاحب التوقيع ضعيفا في الحكم على الأشياء.