أحمد عبد الكريم علي/
لا يختلف اثنان في أن الألعاب الإلكترونية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال في هذا العصر، وأن إدمانها تحول الى ظاهرة ينفصل فيها الطفل عن حياته الطبيعية، فيعيش في عالمٍ وهمي يجذب انتباهه بشكلٍ دائم ومرَضي، طالما أننا نعيش كل يوم مع مظاهر التطور التكنولوجي، التي أثرت على جزء كبير من حياتنا اليومية.
أطفالنا بطبيعة الحال لم ولن يكونوا بمنأى عن هذه التطورات، إذ نالتهم يد التطورات لتصل الى ألعابهم، التي لم تعد كما كانت، وأن معظمهم تركوا الدمى وغيرها من وسائل اللعب التقليدية التي كانت منتشرة في السابق، وتعلّقوا بالألعاب الإلكترونية. ومع هذه التطورات تزايد ارتباط الأطفال بهذه الألعاب بشكل كبير جداً، حتى وصل الى مرحلة الإدمان الحقيقي.
مخدرات من نوع آخر!
الرسوم والألوان والخيال والمغامرة والتحديثات اللانهائية، جميعها باتت عوامل تساعد على التعلق بهذه الألعاب لتصبح الشغل الشاغل لأطفال اليوم، بل إنها استحوذت على عقولهم واهتماماتهم. ولم يكن تصنيف منظمة الصحة العالمية عام 2019 لإدمان الألعاب الالكترونية بـ (المرض الخطير) عبثاً، فالإدمان لا يقتصر على الكريستال، فمع ممارسة الأطفال في مختلف أرجاء العالم لهذا الخطر يومياً، واندماج حواسهم في هذا العالم الافتراضي، ما يجعل إدراكهم بالمحيط الحقيقي أقل. أما عند الحديث عن تأثير هذه الألعاب على الطفل، فيمكن نسبته الى مدى الإدمان الذي تتركه في نفس الطفل من جراء الوقت والجهد وفرط التركيز، الذي قدمه لهذه اللعبة، وبهذا تنتج عنده جملة من المشكلات المتشعبة التي لا تقتصر على الطفل نفسه فحسب، وإنما طالت لتصل الى أسرته ومجتمعه ككل.
عنف وإجرام
مع العزلة اللاإرادية التي يعيشها هذا الطفل، وعدم اندماجه مع أقرانه ومجتمعه، بل حتى أهله، تتكون لديه شخصية أنانية، فيرفض التعاون مع أسرته ومجتمعه في أي نشاط، لكن الأخطر من ذلك هو تحول شخصيته الى الشخصية العنيفة أو الاجرامية نتيجة تقليد الشخصيات الموجودة في هذه الألعاب، التي تتبنى أهدافاً إجرامية في طيات مراحلها. كما أن تأثيرات هذه الألعاب على الطفل لا تكاد تقاس، فقد أشارت معظم الدراسات الى أن الألعاب الإلكترونية تتسبب بتدمير أدمغة الأطفال، وذلك من خلال إعاقة تطور الدماغ، وأن هذه الألعاب تنتج أجيالاً غبية، كما تجعلهم يفقدون السيطرة على أنفسهم.
وللوقوف عند تأثير هذه الألعاب على الدماغ، ففي دراسة حديثة جرت معاينة 175 ألف حالة مرضية نتيجة إدمان الألعاب الإلكترونية في العالم، أكدت أن استخدام الألعاب الإلكترونية بشكل منتظم يؤثر على الدماغ، ولا يقتصر التأثير هنا على وظائف الدماغ، وإنما أيضا على هيكلية عمل الخلايا العصبية في الدماغ.
سمنة وقلة حركة
من جانب الصحة الجسدية، يشير الكثير من الدراسات إلى تزايد معدلات البدانة والسمنة عند الأطفال في مختلف دول العالم بسبب تلك الألعاب، فهي تقلل من نشاط الطفل الحركي، وتجعله منعزلاً عن واقعه، كما تبين من خلال دراسة أكثر من 2000 طفل أن معدلات أوزان الأطفال ازدادت من 54 كلغ إلى 60 كلغ، وأن هناك انخفاضاً حاداً في اللياقة البدنية، فالأطفال من ذوي أعمار 10 سنوات في عام 1985 كانوا قادرين على الركض لمسافة معينة في مدة زمنية لا تتجاوز 8.14 دقيقة، أما أطفال اليوم فيركضون المسافة نفسها ولكن في عشر دقائق أو أكثر، ويمتد أثر تلك الألعاب بصورة أساسية، كما أشار الدكتور (رونالد كانتر) اختصاصي أمراض القلب، إلى خطر الإصابة بمشكلات القلب، وذلك بسبب زيادة مفاجئة في هرمون الأدرينالين في الجسم.