افتح قلبك
صفحة تُعنى بالمشكلات الأسرية التي تصل المجلة عن طريق البريد الإلكتروني أو أرقام هواتف المجلة نضعها أمام مجموعة من المتخصصين بقضايا الأسرة والمجتمع لإيجاد حلول لها.
المشكلة…
بعثت الآنسة ف . ق برسالة الى زاوية (افتح قلبك) عرضت فيها مشكلتها الخاصة مع قريب لها، إذ قالت في رسالتها “أنا فتاة اقتربت الى الثلاثين من عمري، موظفة أحب عملي، وعلاقاتي طيبة مع زملاء العمل، تقدم لخطبتي شاب من أقربائنا لا يمتلك مؤهلاً علمياً ويعيش على ثروة أبيه، رفضته في بادئ الأمر وكذلك أهلي، إلا أنه كرر المحاولة أكثر من مرة بإصرار وعناد، لكن العائلة لم تتراجع عن موقف الرفض. في النهاية استشاط غضباً وراح يثرثر في مجالس الأقرباء عن علاقتي المزعومة به، وبأني لا أستطيع مصارحة أهلي بهذه العلاقة، أراد من وراء ذلك أن يشوه سمعتي، حتى أني أحسست أن والدي قد تأثر بتلك الأقاويل، لكنه لم يوجه لي أية كلمة جارحة.
بعد فترة، كثرت تلك الأقاويل التي يختلقها قريبي، وفي هذه الأثناء تقدم لي شاب في الأربعين من العمر، وجد والدي فيه فرصة مناسبة لقطع الألسن، وراح يحثني على الارتباط به بذريعة أنه شاب مكتمل لاعيب فيه، وافقت على الخطبة إرضاءً لأهلي ولإثبات زيف أقاويل قريبي. مضت على الخطبة أكثر من ستة أشهر، أردت خلالها التعرف عليه والتقرب منه حتى أفهم حقيقة مشاعري تجاهه، لم أصل بمشاعري تلك الى درجة الحب، وإنما كانت هناك علاقة احترام متبادلة بيننا، أوضحت هذا الأمر لوالدتي وتحدثت معها بكل صراحة، قالت لي إن الحب يأتي بعد الزواج، وأنا حقيقة لا أؤمن بذلك.”
وتقول في ختام رسالتها إنها “في حيرة من أمرها”، وهي تطلب النصح: فهل تستمر على هذا الحال وتتزوج، أم أن هناك حلاً آخر؟
الحل…
الاختصاصية التربوية النفسية الدكتورة شيماء العباسي أجابت على الرسالة قائلة:
أهلا وسهلا بك آنستي أسأل الله أن ييسر لك الزواج بالرجل الصالح والمناسب لك، فالزواج -كما يقول عامة الناس- (قسمة ونصيب). عزيزتي.. قرأت رسالتك بتركيز وتمعن وتوصلت الى أن رسالتك تتضمن مشكلتين وليست مشكلة واحدة، وأن المشكلتين مترابطتان ومتداخلتان نوعاً ما. على كل حال فإن المشكلة الأولى من رسالتك هي الخطبة الأولى، ومشكلة الخطيب الأول ومواصفاته التي لا تتناسب مع مواصفاتك من جميع النواحي، فهذا الشخص -أي الخطيب الأول- يعاني نفسياً من عقدة النقص التي هي عبارة عن مجموعة حالات نفسية أبرزها الشعور بالدونية والغيرة ممن يمتلكون شهادة دراسية ومستوى ثقافياً عالياً، فتقدم لخطبتك لينتقم ويثأر لنقصه بالارتباط بك وبعدها تبدأ المشكلات بينكما، فهو يتباهى بالأموال التي يمتلكها والده، وأنه يمكن أن يمتلك أي شيء في الحياة بهذه الأموال، حتى الزوجة، ليغطي فشله في الدراسة ويقنع نفسه بأنه أفضل من أصحاب الشهادات. وهنا أنا أشيد بك وبعائلتك الواعية وأحسنتم عملاً برفض هذا الشخص، لأن أشخاصاً مثل هذا يبقون يعانون من عقدة التحصيل الدراسي والمكانة العلمية في المجتمع مدى حياتهم، لهذا عندما رفض طلبه بالارتباط والزواج منك ظهرت شخصيته الحقيقية المريضة نفسياً بتحطيم كل شيء جميل يمتلكه المقابل، حتى الطعن بالشرف والأخلاق ليبين لنفسه وللآخرين أنه هو الصح والأفضل وانت وأهلك غير ذلك، وهنا عليك أن تحمدي الله كثيراً على لطفه بك، ولأنك تمتلكين عائلة مثقفة واعية تبحث عن راحتك وعن مستقبلك على الرغم من الإغراءات المادية. أما عن كلام الناس، فمادمت واثقة من نفسك وأنك في السليم، فلا تفكري بماذا يفكر او يتكلم عنك الآخرون.
أما الجانب الثاني في رسالتك فهو الخطيب الجديد، وهنا أحب أن أناقش معك الموضوع من كل الجوانب، لأن الزواج ليس لعبة او فرصة للهروب من أضرار الخطبة الأولى وتشويه السمعة، بل هو علاقة جادة تتطلب منك الكثير من التفكير والكثير من الاقتناع، لأن كل فتاة لديها طموح في فارس الأحلام، ولكن في بعض الأحيان تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فلا يتقدم للفتاة نفس الرجل الذي تتمناه، فنجدها تنتظر حتى لو كان حلماً، وتمر السنوات وهي ترفض وتنتظر وتتلاشى فرص التقدم منها للزواج. لذا عزيزتي مع أن خطيبك يكبرك بعشر سنوات، فإن هذا الفارق ليس بالكبير، بل على العكس سيكون هناك تفاهم كبير بينكما لأنه مر بتجارب حياتية كثيرة سيتجاوزها معك، ويكون أكثر هدوءاً واستقراراً نفسياً، وستشعرين بالاطمئنان والراحة والسعادة معه.
لذا أطلب منك التفكير بدقة وأن تنظري إلى الجوانب الإيجابية في هذا الشخص (الخطيب)، وأن تبتعدي عن فكرة أنه غير مناسب، وأن قبولك به هو لمحو الصورة السيئة التي نشرها الخطيب الأول عنك، وأن تقومي بتدوين كل إيجابيات الخطيب وتدوينيها في دفتر، وأيضاً لتدوني كل السلبيات التي تظهر في تعامله معك، وأن تضعي نسبة مئوية لتحكمي عليه إيجاباً أو سلباً، فإذا كانت الصفات الإيجابية أكثر من السلبية، فإن هذا هو الشخص المناسب لك، اما عن الحب فإنه ياعزيزتي يكون من خلال الأفعال لا الأقوال، وسيكون الحب بينكما من خلال العِشرة والتعامل باحترام ومحبة والمحافظة على كرامتك، سواء داخل البيت أو أمام الآخرين، وبهذا سيكون الحب بينكما موجوداً بدون أن تبحثي عنه.
وأخيراً عزيزتي أسأل الله تعالى أن يسعدك ويوفقك لما يحب ويرضى، والله أعلم وأحكم.