ترجمة: آلاء فائق/
كل الناس يحبون الضحك بشكل تلقائي وعفوي، ويعرفون تأثيراته النافعة، فهو أحد أشكال التعبير الصريح عن التسلية والمرح. وهو رد فعل طبيعي للإنسان السليم على المواقف المضحكة، كما يمكن أن يكون وسيلة دفاع ضد مواقف الخوف العفوية.
صحيح، أن الضحك هو أفضل دواء لعلاج البشر، ففي غضون ثوان يمكنه أن يحسن مزاجك، ويرفع من معدلات طاقتك، ويقلل من مستويات ألمك وحزنك ويحد من توترك. لكن مع كل أدوات شفائه القوية هذه، يجهل العلماء الكثير عنه.
أمضت عالمة الأعصاب الانجليزية صوفي سكوت من معهد علم الأعصاب الإدراكي التابع لجامعة لندن قدراً كبيراً من حياتها المهنية بدراسة الضحك، وقد توصلت لاستنتاج مفاده أن الكثير مما كنا نعتقد معرفته عن الضحك هو خاطئ في الأرجح.
تناولت سكوت موضوع علم الضحك بعدة مؤتمرات علمية، آخرها كان بحثها المعنون “لماذا نضحك” الذي قدمته بمؤتمر تيد TED العالمي، الهادف لنشر الأفكار الجديدة والمتميزة بالعالم، والذي اطلعتنا من خلاله عما يحدث لنا حقاً مع كل ضحكة مكتومة ومع كل قهقهه عالية.
هذه بعض الحقائق الممتعة عن الضحك، توصلت إليها سكوت من خلال دراستها ومقابلاتها العديدة مع الناس.
تجربة
1.الأزواج الذين يضحكون معاً لا ينفصلان عن بعضهما أبداً.
في حديثها بالمؤتمر، وصفت سكوت التجربة التي أجراها عالم النفس روبرت ليفنسن، حيث احضر لمختبره عدداً من الأزواج وزجهم بمحادثات فيها قدر عال من الانفعال والتوتر ورصد ردود أفعالهم الطبيعية، وجد ليفنسن أن الأزواج الذين تمكنوا من إدارة هكذا نوع من المحادثات المتوترة بالضحك وطول البال، أصبحوا فوراً أقل توتراً، كما عكسته ردود فعلهم الطبيعية، كما كانوا أيضاً أكثر استعداداً لإظهار مستويات عالية من الارتياح والرضا مع بعضهم البعض، ما يعكس استعدادهم لتمضية حياتهم معاً متحاشين أية منغصات قد تعكر صفو حياتهم.
2.الضحك قد يوسع من سعة صدرك في تحمل الألم
أجرى عالم الأنثروبولوجيا والعالم النفسي روبن دنبار عدداً من التجارب المختبرية أو تلك الميدانية ووجد أن تحمل الألم يكون أعلى بعد الضحك مما هو عليه قبل أو في غياب الضحك. ويشير دنبار أن إطلاق الجسم لهرمون الاندورفين خلال الضحك قد يساعد في خلق “تأثير المواد الأفيونية المخدرة”، مما يسهم في تقليل الإحساس بالألم. لذا بالمرة القادمة التي تجد فيها نفسك تضحك بشكل غير لائق على أشرطة فديوات اليوتيوب التي تعرض أشخاصاً يسقطون سهواً أثناء ممارستهم رياضة المشي من على جهاز الـtreadmill الرياضي، فقط واسي نفسك بمعرفتك واقعياً بمحاولة مساعدة النفوس التعسة كي تشعر بألم أقل.
أنواع الضحك
3.الضحك الحقيقي لا يخرج أبداً عن طريق الأنف،
تصف سكوت نوعين من الضحك، الضحك المرغمين عليه والضحك الاجتماعي. كما يوحي من اسمه، فهذا النوع من الضحك لم نختر القيام به بل هو استجابة عاجزة لوضع ما. ويسمى أيضاً بالضحك غير الطوعي، وهو أطول مدة وأعلى ضجة من الضحك الطوعي وهو يخرج من البطن وليس من الأنف.
أما الضحك الاجتماعي فهو الشيء الذي نفعله كوسيلة للتواصل مع الشخص الذي نعزه أو نحبه. وهو مسيطر عليه أكثر، لكنه أولاً وأخيراً ضحك. وكلا النوعين من الضحك هي أدوات مهمة يستخدمها الناس للتواصل فيما بينهم.
4.الضحك هو أكثر عاطفة معترف بها عالمياً بجميع أنحاء العالم.
أجرت سكوت تجربة في ناميبيا، حيث طلبت من سكان ناميبيا الأصليين والإنجليز الذين يعيشون هناك الاستماع لتسجيلات لأناس عبروا عن مختلف حالاتهم المزاجية، كالخوف والغضب والدهشة والاشمئزاز والحزن والسعادة والارتياح، ونشوة النصر، والرضا، وقامت بقياس معدل الانفعال. وجدت أن الضحك وبالتالي السعادة، هي أكثر عاطفة ميزها الكثير من الناس بسهولة. وصرحت سكوت في مقابلة لها مع قناة بي بي سي نيوز “يبدو الضحك مميزاً عن بقية المشاعر الإيجابية الأخرى”.
يؤثر في العمل
5.الضحك هو مقياس لقوة العلاقة.
وجدت سكوت أنه ليس فقط الأزواج هم من يستفيدون من الضحك، لا بل أن الجميع يستفيدون منه، ومنهم مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا يدعم الدراسات التي وجدت أن الضحك بمكان العمل يبني بيئة عمل أكثر سعادة، مما يعزز من الخط الإنتاجي للشركة. وأشار الباحثون عندما يتشارك زملاء العمل ضحكاتهم على نحو منتظم، يزداد أداء الفريق فوراً، مما يعزز أداءهم بالعمل بعد سنوات عدة أخرى.
6.وجود شخص آخر معك يحفزك على الأرجح للضحك بمعدل 30 مرة مما اذا كنت بمفردك
الضحك معد، لا بل هو ربما من أكثر المشاعر الإنسانية المعدية. هذا هو السبب الذي يجعلك تضحك على طرفة ضحك أصدقاؤك للتو عليها، حتى لو غاب عنك فحوى النكتة. أو لماذا تبدو هذه المسرحية الكوميدية أكثر تسلية ومتعة لدى مشاهدتك اياها بمسرح يعج بالمشاهدين، مما لو كنت تشاهدها وحيداً في المنزل. هذا السبب هو أيضاً ما يجعل من الصعب عليك أن تبقى متسمراً بوجه البوكر، لدى سماعك ببساطة ضحك الآخرين من حولك من الزملاء، حتى لو لم يكن لديك أدنى فكرة عما يضحكون عنه.
7.كل الحيوانات تضحك وليس فقط الإنسان.
يعتقد الباحثون، الضحك نشاطاً إنسانياً بحتاً، لكن سكوت لاحظت أن جميع الثديات تضحك. أحياناً يرتبط الضحك بالدغدغة وأحياناً أخرى يرتبط باللعب، لكنه تقريباً يرتبط دائماً مع التفاعلات الاجتماعية. وتشير سكوت إلى أن الضحك يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنداءات الحيوانات فيما بينها مما هو عليه من لغة كلام البشر. ووصفت الضحك بأنه تكتيك تطوري قديم تستخدمه الثديات للمساعدة في تحسين المزاج وتقوية الروابط الاجتماعية.
مفعول سحري
يعد علماء النفس الضحك مفعولاً سحرياً لازالة التسمم المعنوي والجسدي، لأنه يساعد بالتخلص من نوبات الاكتئاب البسيطة والمخاوف، ويشير الباحثون الأوروبيون حالياً إلى أن الضحك يسهم أيضاً في تخفيف آثار التوترات الضارة بصورة ملحوظة.
يستخدم الضحك الآن كوسيلة علاجية من خلال افراز هرمون الاندورفين المساهم بتقوية مناعة الجسم، كما يساعد الضحك علي تقوية عضلات الوجه والبطن والدورة الدموية في القلب مما يؤدي لرفع ضغط الدم وزيادة نسبة الأوكسجين بالدم، وفي عيادات الأطفال في الكثير من البلدان الأوروبية هناك مهرج لبعد الخوف عنهم. كما يلجأ عدد من مستشفيات الأطفال إلى استقدام مهرّجين لتسلية نزلائهم والترويح عنهم. ومع أن هذا الأمر لا يؤدي بالضرورة إلى شفاء الأطفال، فأنه يساعدهم على نسيان آلامهم، ويعطيهم دفئاً معنوياً يعينهم على الصمود في وجه بعض الأمراض المستعصية.
جين سافيدج، عن/ موقع أم أن أن