ميساء فاضل
يميل الإنسان، بفطرته وطبيعته، إلى الألوان التي يتعامل معها، فهناك أناس يحبون ألواناً محددة ويتعاملون معها وكأنها أشياء غير قابلة للتغيير، فقد نرى شخصاً يتناول طعاماً محدداً لأن لونه من الألوان التي يفضلها، أو أن يرتدي آخر ثوباً معيناً لأنه من ذات اللون الذي يحبه.
يعتقد أن كثيراً من صفات البشر قد التصقت بالألوان، مثلا نقول إن هذا الشخص متلون مع الظروف وهذا الأمر خط أحمر، أو نقول عن شخص إنه غارق في الأحلام الوردية، أو إن لديك تفكيراً سوداوياً، أو صاحب القلب الأبيض.فلغتنا وسلوكيات حياتنا مليئة بالتعابير اللونية التي تبين معلومات حسية وعاطفية، وتمنحنا طاقة محركة ومؤثرة في حياتنا اليومية.
دلالة سيكولوجية
عن طاقة الألوان وتأثيرها على حياتنا، تحدث لمجلة “الشبكة العراقية” الدكتور كمال الخيلاني، اختصاصي العلاج النفسي، قائلاً:
“ترتبط الألوان ارتباطاً كبيراً بالحالة النفسية للأشخاص، حتى أن بعض الباحثين يرى أنه يمكن دمج الألوان، أو تفضيلاتها، بشكل مدروس في غرف العلاج النفسي. وهذا الأمر يؤكد أن تفضيلنا للون معين لا يكون اعتباطاً، بل إنه يرتبط بحالتنا النفسية وسمات شخصيتنا، وربما بالخبرات التي عشناها سابقاً، كما أن التباين في تفضيل ألوان معينة عن غيرها له دلالة سايكولوجية، إذ لاحظ علم النفس أن بعض الناس يفضلون ألواناً معينة لوجود ارتباطات انفعالية من هذه الألوان وأحداث ومواقف معينة.”
يضيف الخيلاني: “تفضيلات الناس في الألوان ربما ترتبط ببعض سمات الشخصيات الانبساطية، التي تكون علاقاتها واسعة وتفاعلها الاجتماعي كبيراً، وهم من يفضلون دائماً الألوان الدافئة، من قبيل اللون الأصفر. بينما نجد الأشخاص الذين يتسمون بالانطواء يفضلون الألوان الداكنة، مثل الأسود ومشتقاته، وهناك دراسات تعزز ارتباط تفضيلات الألوان بالحالة النفسية، إذ إن بعض الألوان ممكن أن يثير الانفعالية لدى بعض الأشخاص، وعلى العكس قد يسهم بعضها في تهدئة أشخاص آخرين.”
تأثير الألوان
بدورها، ترى رفل الخفاجي، مدربة التنمية البشرية والطاقة الحيوية، أن “سيكولوجية الألوان تؤثر على عاطفة الإنسان وطاقته الذهنية والنفسية، وأن استخدام الألوان يؤثر في سلوكيات الإنسان الإيجابية والسلبية، فضلاً عن أنها أحد مصادر الطاقة التي تساعد الإنسان في التوازن روحياً ونفسياً، وأن كل شيء في هذا الكون له لون مختلف عن الآخر، وبعض الأشياء تتشابه باللون وتختلف بالمضمون، فعندما ينظر الإنسان إلى لون معين فإن عقله يقوم باستقبال هذا كتردد على شكل موجات كهرومغناطيسية، وينعكس ذلك على سلوكه وحالته النفسية.”
وتوضح الخفاجي دلالات وتأثيرات الألوان، فتقول مثالاً على ذلك:
– اللون الأبيض: طاقته إيجابية، يمثل السلام والهدوء .
– اللون الأخضر: طاقته مرتفعة، ويمثل لون الطبيعة.
– اللون الأحمر: هو أعلى الألوان طاقة، ويمثل طاقة النار، وإن وجد بشكل مفرط تسبب طاقته التوتر والعصبية.
-اللون الأسود: طاقته القوة والحماية والثقة بالذات والغموض، وكثرة استخدامه تسبب الثقل الجسدي والشعوري.
– اللون الأصفر: طاقته جميلة، يمثل السعادة والفرح والنشاط والذكاء ويزيد الثقة بالنفس.
– اللون الأزرق: لون الهدوء والبرود والقوة والاندفاع والجرأة والصفاء والتأمل، يمثل الحدس والروحانية والتعبير عن الذات.
– اللون البنفسجي: هو لون الرومانسية والحب والخيال والحكمة، لكن كثرته -من جانب أخر- تسبب الاكتئاب والشعور بالحزن.
– اللون الوردي: طاقة إيجابية، تعبر عن الجمال والأنوثة، وتساعد في تحفيز الهرمون الأنثوي لدى المرأة، ويضيف شعوراً إيجابياً يخفف من العدوانية.
– اللون البرتقالي: طاقته المرح والحماس والتركيز والإبداع، وتردداته تقوي الجهاز المناعي، وتساعد الإنسان في التخلص من الكبت.
– اللون البني: يمثل طاقة الوفرة، وهو اللون الوحيد الذي يتناغم وينسجم مع جميع البشر، لأنه يمثل لون التربة .
الألوان والتصميم
أما الدكتورة مروة محمد من جامعة البيان، قسم التصميم الداخلي، فتقول: “اللغة البصرية هي أساس إنشاء التصميم، وهناك مبادئ ومفاهيم تتعلق بالتنظيم البصري يجب أن يهتم بها المصمم، إذ إن ما يميز الفعل الإبداعي في فن التصميم الداخلي هو القدر الهائل من الإبداع وإدراك العلاقة اللونية، لذا فإن أي عمل تصميمي سيكون اعتباطياً وعشوائياً ما لم يستند إلى نظام لوني يحتوي على القيم والدرجات اللونية، ويمكن للمصمم أن يضفي على النظام اللوني نفسه المزيد من صفة الإثارة والحيوية.”
تضيف قائلة: “غالبا ما يستخدم اللون في التصميم الداخلي دون دراسة علمية للألوان وأسس استخدامها، أو معرفة دلالاتها وتأثيراتها الوظيفية والنفسية، في حين أن اتجاهات العمارة ومدارسها ونظرياتها في العصر الحديث استفادت من الدراسات المتقدمة في مجال الألوان وتأثيراتها النفسية في الإنسان.”
الألوان والتسويق
من جانبه، يقول الدكتور أكرم جرجيس إن “الألوان تؤدي دوراً حاسماً في الترويج الإلكتروني، لأنها تؤثر بشكل كبير على انطباعات العملاء وقراراتهم الشرائية. وهناك جوانب عديدة توضح أهمية اللون في هذا المجال، منها جذب الانتباه، فالألوان الزاهية، مثل الأحمر والأصفر تشد الانتباه، ما يجعل المستخدم يلاحظ الإعلانات أو المنتجات بسهولة أكبر. هذه الألوان تستخدم عادةً في العناوين الرئيسة والأزرار التفاعلية لجعلها بارزة، فضلاً عن تأثيرها العاطفي.”
يضيف جرجيس: “للألوان تأثيرها على القرارات الشرائية، فهناك دراسات كثيرة أثبتت أن الألوان قد تؤثر في اتخاذ القرارات، ويمكن للتمايز والتمييز أن يساعدا في بناء الهوية المرئية للعلامة التجارية، ويتيحا للعملاء التعرف عليها بشكل أسرع وسط المنافسين. لذلك نجد ان أكثر العلامات التجارية الناجحة هي بسبب التوظيف الصحيح لتأثير الالوان في سيكولوجية الإنسان.”