ألمانيا – آمنة الموزاني/
يبدو أن بعض الناس صدقوا أن أشكالهم شبيهة بصور الجمال الاوڤر التي تنتجها تطبيقات الفلاتر المتنوعة، بدليل أن ابنة أخي المراهقة والجميلة أساساً، حين التقطت معها صورة سلفي بدون فلاتر، انتفضت قائلة: “لا عمّة.. لا.. هذا مو شكلي امسحيها خل أجيبلك موبايل ثاني يحوي “!
تُرى ما هو نتاج وتأثير أن يتصوّر الانسان (وسيم – جميلة)، وما الدافع أن يقوم الانسان بالتقاط صورة لنفسه وهو يعلم تماماً أنّها ليست شكله الحقيقي ولا يعدو الالتصاق بها أكثر من كونه إيهام النفس وخداعها باعتبار أنّ ثقافة “الفلاتر” والنسويَّة تحديداً صارت جزءاً من هوس السوشيال ميديا والحياة الفارغة والموهومة التي كرّسها نجوم الطشّة والتفاهة وإهمال كل معايير الثقة بالنفس!
نسف خارطة الشكل
لا مانع وليس هنالك أجمل من أن تتجمل الانثى وتتغنّج وتدلّل، وتلك صفة أنثوية لكن أن تغيّر الخريطة برأس ثانٍ فهذه مشكلة، كما يعتقد المهندس “احمد صفاء”.. مُكمِّلاً:
الكارثة أن ما يحدث اليوم على التطبيقات وبرامج السوشيال ميديا إدمان نفسي مُغطّى بعناوين الموضة والطشّة كما هو الحال مع البضائع التي تأخذ صداها في الاسواق ولكن هذه المرة المتاجرة بشرية لا مادية، الكل تلقّف الامر بهوس لا سيما النساء لأن المدخل الخبيث كان من ثغرات قلة الثقة بالنفس واهتزازاتها الى جانب عقدة الحياة الفارغة وأيضاً مشكلة عدم الرضا النفسي العميق ومحاولة التمرّد على الذات او العقل الجمعي ومسايرته كموج جارف.
تصالح ذاتي مفقود
المضحك بالامر، هو ارتداد الفكرة على مجتمع النساء بالعكس، كما ترى الصيدلانية “نور الحمداني”.. قائلة:
لست ضد الفلاتر بل استخدمها بشكل معقول لكن الهوس بالفلاتر الخارقة رفع رصيد الرجال وغرورهم، لدرجة أن أحدهم صار حينما يفكّر بشريكة يضع سقفاً جمالياً خارقاً ومثالياً ولم تعد الجميلة خارج إطار الفلاتر انموذجاً نادراً ومنفرداً وإنما مجرد وجه جميل عادي ولكنّه غير صارخ، لذلك أنا اعتقد أن جميلات الفلاتر مصابات بعقدةِ عدم التصالح مع النفس، وحتى التي ترى نفسها حسناء ستضطر الى إخفاء أي عيوب بسيطة، علماً أن الفتاة الاوروبية أيضاً تستخدم الفلاتر لكنّها تعتمد معايير القوة الذاتية والنشاط والطموح بإبراز جمالها وفعاليتها قبل الملامح والجسد، نعم هنالك فتيات أوروبيات مواظبات على استخدام الفلاتر ولكن هذا لا يعني أن الامر مُلح ولا يمكن الاستغناء عنه كما هو حال فتياتنا وإنما مجرد بديلٍ ترفيهي مؤقّت لا سياق حياة.
حداثة جمالية مؤذية
الباحثة الاجتماعية بمجال العلاقات وتنمية الذات (غيداء صالح) أعطت تفسيراً لتلك الحالة التي تحوّلت تقريباً الى ظاهرة عاصفة بالثقة، إذ قالت: الفلاتر الاوڤر لعنة تسبّبت بتقزيم النساء المفلترات وكذلك الرجال لا فرق، لكن حصة النساء أكبر لا سيما أن الاضطراب منحصر بالجزء المتعلّق باتباع الشخص للموضة والمراكز الجمالية والبحث عن وجه مصطنع للاختباء خلفه أكثر من الشخصية الحقيقية، ولا أنكر بمرور الوقت وسعار الحداثة يبدأ مفهوم الذات الشرقية المتأرجح بتأثره والثقة بالنفس تأخذ بالتراجع عن الكثير من الامور لدرجة قد تصل للكآبة والقلق المضاعف، لكن من الحقائق الربحية المدهشة التي لا أحد في العالم يأبه لنا بقدر ما يأبه لها، أن تطبيق سناب شات يتباهى بأرقامه المثيرة للدهشة وأرباحه حيث يستخدمه 200 مليون شخص نشط يقومون يومياً باللعب بميزة العدسات، إضافة الى أن أكثر من 90% من اليافعين في الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة يستخدمون منتجات الواقع المعزز للشركة، وعدد الفلاتر الموجودة حالياً مؤشر ودلالة على مدى شعبيتها.