مجلة الشبكة /
تخيلوا، لسنواتِ شغفٍ مليئة بالأكشن السينمائي الدسم، وأفلام (الأنمي) المغرية بأعياد الميلاد، غير أن طقوس الاحتفال بليلةِ السنة الميلادية الجديدة لا يكتمل جمالها بغيرِ إعادةِ فلم (الصبي كيفين)، الذي كان يتذمر من ازدحام منزله بالكثير من الإخوة والأقارب، ولاسيما إزعاج أخيه الأكبر، فيتمنى لو أنه يستيقظ صباحاً فلا يجد أحداً منهم.
وهنا يحقق القدر ما تمناه بغير قصدٍ، إذ يستيقظ ليجد نفسه وحيداً في البيت الذي نسيه فيه الجميع، فيذود عن نفسه من لصّين يحاولان سرقة المنزل عبر سلسلة من المواقف الكوميدية الذكية والمقالب (الحيلية) المنبهة لكل عائلة يشكو أبناؤها من التفكك وعدم المتابعة.
الفيلم من إنتاج أميركي لمخرجه الفذّ (كريس كولومبوس)، وهو عائلي بامتياز ومتوفر للمشاهدة في جميع المنصات والمواقع الأوروبية بلغاتٍ عدة، وخصوصية متعته حينما تشاهدهُ مع عائلتك في ليلة الميلاد المجيد.
يلا نتابع الفلم:
قصة الفلم تدور حول عائلة (مكاليستر) الكبيرة الفوضوية، حينما يقررون السفر الى فرنسا لقضاء عطلة عيد الميلاد في رأس السنة الجديدة. في صباح ذلك اليوم كانوا في عجلة من أمرهم منشغلين بتحضير الحقائب سريعاً للسفر، المشكلة أن عددهم كبير ما يتيح فرصة للفوضى، لذلك نسيت الأم أثناء التهيؤ، ولشدة انشغالها، أن واحداً من أولادها، يدعى كيفين، ويبلغ الثامنة من عمره، لم يكن موجوداً بينهم، لأنه كان نائماً في غير سريره بعد شجار مع أخيه ليلة أمس.
يستيقظ كيفين صباحاً مذعوراً، فينادي على أمه، لكنه يكتشف أنهُ كان وحيداً في البيت. والكارثة أنه يفاجأ بأن هناك لصين يتحضران لاقتحام المنزل وسرقته، فيبدأ خوض تجربة الدفاع عن نفسه والتصدي لهما بمفرده في إطار من المواقف الكوميدية الساخرة والحيل الذكية بمساعدةِ جاره العجوز.
تشتد المقالب على إيقاع موسيقى (جون ويليامز) بين كرّ وفرّ ما بين كيفين واللصين، لتنتقل الكاميرا الى ملامح أمه المذعورة حينما تكتشف أنها نسيت صغيرها وحيداً في البيت.. فتصرخ “يا إلهي.. كيفن”.
مشاهد تلفت النظر:
أُجزم أن الكثير منا، ولاسيما الأمهات، حينما شاهدوا فلم (home alone) فإنهم، بدلاً من المتعة المعتادة والأكشن المثير، تأثروا بأحداثه الصغيرة في جزئية العلاقة ما بين الطفل وأمهِ وإخوته الى درجة البكاء ندماً في بعض المقاطع، ولاسيما مقطع الأم وهي تعاتب نفسها حينما انتبهت الى الكارثة فجأة بالقول “أيُّ أم انا؟” لأنها ارتكبت خطأً شنيعاً بنسيانها ابنها في البيت وحيداً..
أظن أن الكثير منا عاش -بلا شك- مثل هذه اللحظة المؤلمة غير القصديَّة، ربما مع أبيه أو أخيه أو أمه، أقصد انشغال الآخرين عنه الى درجة نسيانه مع بقية الحاجيات المركونة بلا فائدة، أو إضاعته في الطريق، أو نسيانه في المدرسة، مواقف بعضها ينسى مع الزمن وبعضها الآخر يترك أثراً لا يُمحى بسهولة..
بماذا أنصح عائلتي:
يجب الانتباه دائماً، إذ أن بقاء الطفل وحيداً في المنزل قد لا يكون طريفاً أو مسلياً للأطفال، لأنه يضعه أمام تحديات أكبر من عمر وخبرة الطفل في حماية نفسه من الضرر، إذ لا أحد بإمكانه العناية به إذا ما تعب أو مرض أو مرّ بظرف طارئ
وكذلك علينا الانتباه الى الفجوة الأخويّة التي حدثت ما بين كيفين وأخيه الأكبر، أي ضرورة تنبيه الأطفال الأشقاء الى أنه يجب ألا تتحول الخلافات الى هاجس البقاء وحيدين وبعيدين بعضهم عن بعض، كما كان يتمنى كيفين تجاه أخيه.
المسؤولية هنا تقع على الأبوين في ضرورة تعميق الأواصر الأخوية، ونحت فكرة أن الأخ هو السند لأخيه، وهو ما اكتشفهُ كيفين بعد ذلك عن أهمية العائلة، وكم أنه محظوظ بامتلاكه كل هؤلاء الأفراد في عائلته.