جمانة علي/
بألم وحسرة تروي (سناء) تعرضها للمساومة عند مراجعتها إحدى الدوائر الرسمية لانجاز معاملة قائلة: أعطيته المعاملة وأعطاني رقم هاتفه وقال لي إتصلي بي لاحقا كي اخبرك ماذا حصل للمعاملة، وفعلا اتصلت، وأذا به يطلب مني الزواج المؤقت مقابل انجاز المعاملة.
ما تعرضت له سناء من مساومة هو ظاهرة ليست بالجديدة، لكنها أستفحلت مؤخرا وأبطال قصصها لايخرجون عن دائرة اصحاب النفوذ والكراسي،
بل حتى صغار الموظفين، أما ضحاياها فهن نساء ضعيفات يبحثن عن وسيلة عيش، أو إنجاز معاملة أعاقها الروتين، لكن ثمة ذئابا بشرية تتربص بهن وتوقعهن بين نار العوز ونار التنازل عن شرفهن.
لقمة شريفة
أم سارة، ٣١ عاما، أرملة لديها ثلاثة أطفال، تحدثت بغصة عن تعرضها لمساومة من قبل مديرها الذي عرض عليها اقامة علاقة غير شرعية معها مقابل تثبيتها على الملاك الدائم.. وفي حال رفضها للعرض الذي قدمه، سوف يقوم بإلغاء عقدها وانهاء خدماتها.
أم سارة برغم حاجتها للعمل لاعانة أولادها لم تستجب لعرض مديرها وفضلت ترك العمل على ان لاتهان كرامتها ويستغل شرفها مقابل تعيينها، قصتها طويت وألمها ومعاناتها لم يعد أحد يفكر بهما وبصمودها المكلف، لكن الأمل في لقمة شريفة لابد ان يفتح أبوابه يوما لإم سارة.
زواج سري
أما سناء، مطلقة عمرها ٢٦عاما تقول: عندما كنت أراجع إحدى دوائر الدولة لانجاز معاملة، أقترب مني ضابط وسألني عما إذا كنت احتاج الى شيء ما؟
فاخبرته ان معاملتي تحتاج لتوقيع أحد المدراء كي تنجز، فقال لي ان لديه معرفة بالمدير وانه هو من سيقوم باكمالها.
اعطيته المعاملة وأعطاني رقم هاتفه وقال لي “إتصلي بي لاحقا كي اخبرك ماذا حصل للمعاملة، وفعلا اتصلت به وأذا به يطلب مني الزواج المؤقت مقابل انجاز المعاملة واذا رفضت فسوف يقوم بتمزيقها”.
ذهبت لاشتكيه عند مديره لاتفاجأ به يقول لي (وماذا يعني.. لماذا لم تقبلي!) تركت المعاملة ولم أعد اراجع بها الا بعد ثلاث سنوات عندما علمت ان الضابط قد نقل الى مكان آخر.
اقرار
بندم شديد إعترف مدير دائرة كيف كان يساوم النساء لاسيما المطلقات والأرامل مقابل تعيينهن، مستغلا ظروفهن لإشباع نزواته الجنسية، بتقديم عرض التعيين لهن مقابل الزواج المؤقت، حيث كانت لديه وساطات كثيرة في دوائر الدولة، ماجعله يستغل ضعف المتقدمات للبحث عن فرصة عمل، وكما قال لنا ان الله كان له بالمرصاد بسبب مافعله بالنساء، فخسر وظيفته الكبيرة وكل أمواله بسبب أفعاله.
رضوخ
تقول (أ.م) مطلقة تبلغ من العمر ٣٣ ولديها طفلان، عن معاناتها مع مساومات الرجال، وكم عانت من هذا الأمر مرارا وتكرارا، حيث كانت تتعرض له في كل مكان تذهب اليه للبحث عن عمل، تبدأ الحكاية برقم الهاتف كي تتصل بهم وبعدها تبدأ المواعيد في احدى الشقق، فاذا وافقت على الأمر فسوف احصل على فرصة عمل، أما اذا رفضت فأني لا احصل على شيء.
وتتابع: برغم كل ما رأيته اضطررت الى ان اتزوج زواجا منقطعا كي يتكفلني شخص واحد يقوم بتحمل مسؤوليتي وأطفالي.. أفضل من البحث عن عمل فيُطلب مني زواج مؤقت.
تنصح (أ.م) كل السيدات بعدم الاستسلام والرضوخ لاي رجل مهما كانت الظروف المحيطة بهن، لان في ذلك كما ترى اهانة لها ولكرامتها ولتنازلها عن كثير من حقوقها.
باطل
يقول أحد رجال الدين ممن سألناهم عن موضوع المساومة بالتعيين مقابل الزواج المؤقت قال: الزواج بكل انواعه لايتم الا بأيجاب وقبول واذا كان الزواج بالاكراه يكون باطلا.
أما إذا كان الجاني (الفاعل) يمارس الابتزاز والمساومة موظفاً أو مكلفاً بخدمة عامة أو رجل دين أو طبيبا واستغل منصبه وسلطته والثقة المعطاء له، فيعاقب بالسجن حسب احكام القانون ويعاقب بالسجن بمدة لا تزيد على 7 سنوات على من يعتدي على امرأة بالقوة والتهديد أو الحيلة أو استغل الثقة المعطاء له.
منظمات حقوق الانسان كان لها رأي آخر حول ظاهرة مساومة النساء، فبسبب العادات والتقاليد السائدة في المجتمع ولكون المجتمع ذكوريا وتغلب عليه الصفة العشائرية تكون المرأة هنا ضحية للرجل، فالمجتمع الذكوري يبيح للرجل فعل مايشاء وفي حال قيام المرأة بالشكوى لاهلها فسيتم العودة عليها باللوم واتهامها انها هي من فسحت المجال أمام الرجال للتحرش بها ومساومتها.
اراء متباينة
أم محمد (مدرسة) تقول: غياب الضمائر لدى بعضهم جعلهم يستغلون النساء ولايخافون عقاب الله ولو كان هنالك قانون رادع لما استطاع احد التحرش بالنساء.
أما احمد وهو رجل أعمال فيقول: ان المرأة هي التي تغوي الرجل بلبسها وتصرفاتها، وبالتالي فان الرجل عندما يرى تصرفات كهذه من المرأة يقوم بمساومتها. حيث يرى انها هي من تجعل من نفسها فريسة سهلة للرجل.
عوامل وأسباب
ويعتقد الباحث الاجتماعي علي الزبيدي ان الانفتاح المفاجئ على العالم بعد عام ٢٠٠٣، ودخول وسائل التواصل الاجتماعي وقلة الوعي والثقافة بين جيل الشباب وضعف الرقابة القانونية، عوامل فسحت المجال لتفشي ظاهرة مساومة النساء.
أما ايمان البياتي وهي ايضا باحثة اجتماعية فتقول: نجد ان المجتمع لم يعط حرية للمرأة للبوح بكل مايحصل معها في العمل أو في الشارع وبالأخص حالة التحرش بها، خوفا من ان ينقلب الأمر عليها وتعاقب هي بدلا من الجاني وهذا مايجعلنا أمام مشكلة كبيرة جدا.