#خليك_بالبيت
مريم سمير/
بعضهم يسميها شعوذة حداثوية، وآخرون يعدونها منبراً ورقياً جديداً لاستغفال العقول المُتعبة من الخذلان وسرقة ما في جيوب الناس، ترى ما حكاية ورق التاروت التي احتلت شاشات الميديا وتزعم قارئاتها أنهنّ يكشفن اللاوعي، وهل حقاً أن للتاروت علاقة بأسرار الفيزياء وصراع الماورائيات الغيبية؟ ولماذا يُشترط بقارئاتهِ نوع غريب من المهارات الفردية؟ وهل حقاً أن العدد الأكبر من زبائنهِ هن السيدات اللواتي تقلقهنّ فكرة المستقبل؟!
صراع وفيزياء
“التصالح مع الكون وذبذباتهِ يمكّننا من استبدال ملامح الحيرة والاكتئاب بوجه يشع أملاً وحياة، التاروت يشبه إذابة جبل الجليد المرّ من أكتاف الروح”، هذا ما بدأته، بثقة مطلقة، أمهر قارئة تاروت على برامج السوشيال ميديا (نسرين الغانم) قائلة: التاروت هو علم يستند إلى نظرية “فيزياء الكم” بالاعتماد على الأنا العليا المُثلى والأكوان المتوازية، هو بعض الإشارات التي تُرسلها لك أناك العليا المستقبلية التي توصل لك نصائح وتنبيهات لموقف قد مررت به سابقاً وتساعدك باتخاذ القرار فيه. والتاروت عباره عن 78 بطاقة، إحدى وعشرون منها تسمى “بطاقات السر الأكبر”، وهي دلالة على مواقف أساسية في حياة السائل، والـ 57 الباقية تسمى “بطاقات السر الأصغر” وهي تنقسم إلى أربع مجموعات هي: الهوائية والمائية والترابية والنارية، نسبة إلى عناصر الكون الأربعة: النار والهواء والتراب والماء. وكل مجموعة من هذه المجموعات الأربع عباره عن 14 بطاقة، سميت المجموعة الهوائية نسبة إلى عنصر الهواء والأبراج الهوائية (برج الدلو- برج الميزان- برج الجوزاء)، والمائية نسبة إلى عنصر الماء، والأبراج المائية هي (برج السرطان- برج العقرب- برج الحوت)، والترابية نسبة إلى عنصر التراب وهي (برج الثور- برج العذراء- برج الجدي)، والنارية نسبة إلى عنصر النار وهي (برج الأسد- برج القوس- برج الحمل). وأهم الذبذبات المستقبلية التي يلقطها التاروت هي من منطقة اللاوعي، كمثال الرؤية او الديجافو (شوهد من قبل)، والتجربة السابقة التي يُخيّل لنا أننا عشناها، وعادة ما تكون قد زارتنا في احد احلامنا. ولكن في بعض الحالات ثبت ان ما نعتقد انه موقف سابق قد كان حقيقة ووقع في الماضي، وهو يتكرر الان، فهذه الذبذبات تكون من أناك العليا، التي تسير معك في خطين متوازيين يصعب التقاؤهما، فعبر بطاقات التاروت يمكن لأناك العليا أن ترسل لك نصائح وتنبيهات.
إيجابية ومغريات
“وكأننّا وحدنا من تقلقهنّ فكرة المستقبل، لكن هناك الكثير من الرجال يبحثون عن مستقبلهم بالتاروت، إلا أنهم ليسوا ثرثارين”، هذا ما تحدثت به صاحبة التجربة المتكررة بالتاروت (روان صفاء جواد) قائلة:
لم يخبرني أحد عن التاروت بصورة مباشرة، لكن من مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار الفيديوات الخاصة بالتاروت بنسب مشاهدة عالية، ظهرت بالصدفة أمامي فبدأت رحلة البحث عن سر التاروت وما يعنيه، وفهمت المحتوى والمعنى لقراءاته، فجربته بصراحة لاكتشف ما خفي عني، جذبتني جداً الطريقة التي يرتب بها قارئو التاروت الأوراق حسب الألوان والأفكار التي يطرحها الشخص الذي يتعرض للتجربة، وطريقة تصويره للفيديوات، فهي تأخذ نصف التفكير، ولي أيضاً تجربة إيجابية مع أصوات من يقرأون التاروت، فثمة من تكون أصواتهم مريحة على مسمعي، وآخرون لا أستسيغهم، وأحب جداً، من ناحية أخرى، الوصف والتشبيه الذي يقدمونه، والإيجابية الكثيرة وتحفيزهم عندي فكرة أن الآتي أجمل ، قد لا يتطابق كلامهم مع واقعي إلا بنسبة 70 بالمئة، لأن القراءة الخاصة تختلف عن العامة من حيث خريطة الطاقات وغيرها.
حارس الملائكة
المختص بالعلوم الدينية (حيدر الغرابي) شنّ هجوماً لاذعاً على من يستغل المساحة الغيبية القرآنية لأغراض المتاجرة بإحباطات الناس وانكساراتهم، قائلاً بحرقة: هنالك ايهام للعقل بوجود معالج روحاني وهو لا يعرف أصلاً ماهية الروحانية وأسرارها العرفانية والأكاديمية، الروحانية التي يُتاجر بها هي معرفة الله عن طريق العوالم السفلية والروحانية هي اقل من العرفان، العرفان هو بمعنى معرفة الله وهي تصاعدية عن طريق العوالم العلوية والملكوتية والمقصود بالسفلية هي الموجودات في عالم الماديات، والماورائيات والروحانية لهما اصل مذكور في القرآن وهو السحر ويكون إما منظوراً او غير منظور، وله جوانب متعددة وانواع أخرى، والموجود حالياً في وقتنا الحاضر هو ليس روحانياً بل دجل وافتراء وإيهام الناس والعقل بالسحر والشعوذة.
حقائق وطاقة
“القضية علمية بحتة لا علاقة لها بترهات الشعوذة، وإنما من شروط قارئة التاروت امتلاكها طاقة نظيفة ووعياً تاماً بالروح والذات العليا، لأنها ستحاسب أمام الله على كل خبر أو موضوع تنقلهُ للزبون”، هذا ما أدلت به قارئة التاروت العراقية (هبة مهدي) قائلة بانزعاج:القارئ عليهِ أن ينظف طاقته جيداً قبل كل قراءة وينفصل تماماً عن عالمه الخاص، وبعد القراءة يجب أن ينظف طاقتهُ أيضاً كي لا يتأثر بطاقة الزبون، جميعنا اختبرنا من قبل أن نأتي إلى هذه التجربة الأرضية، الأنا العليا الخاصة بكل إنسان موجودة في عالم آخر؛ عالم موازٍ لعالمنا ولا يمكنها اللقاء مع الأخرى مع أنها موجودة وعاشت في هذا العالم وشاهدتهُ وأخذت منه الحكمة والعبرة والدروس والمعلومات والإحساس، وبإمكانها أن تجلبه لك عندما ترجع أنت في هذا المكان.
أما أهم الغايات التي تبحث عنها الزبونات، فهي السؤال عن طاقتها وطاقة الأشخاص من حولها، هل هناك فرصة للعمل في الأشهر الثلاثة المقبلة؟ هل يوجد ارتباط بيني وبين شخص (ويقال اسمه) في الأشهر الستة المقبلة؟
إحباط وعزيمة
“لا أنكر حدوث بعض الأشياء مما قالته لي قارئة التاروت، مثلاً أن حياتي ينتابها بعض الركود، وهي في الواقع لا حراك فيها حقاً، وحدث لديّ تأثر بعوامل إيجابية مفاجئة”، هو رأي صاحبة التجربة (ختام الياسري) التي تقول:
ربما هي التسلية والبحث عن أمل بمستقبل أو حدث إيجابي هو الذي جعلني أفكر بالتاروت الذي شاهدته في برامج السوشيال ميديا، وحسب اعتقادي فإن قراءة المستقبل ليست محرَّمة إلا إذا كان فيها بعض التحريف أو جعل الواقع محصوراً بلعبة، أما الذي يجعلني أفكر بالاستماع لقراءات التاروت بصراحة، ربما لأني أمرّ بظروف محبطة، ما يجعلني أبحث عن أمل لاستشرف منه رسائل كونية لي، وفي أحيان أخرى أعدّ الأمر كلّه تسلية تميل لها أغلب النساء.. وكثير من الرجال أيضاً.
النسخة الألكترونية من العدد 362
“أون لآين -5-”