د.قاسم حسين صالح/
ثمة ظاهرة سيكولوجية عالمية هي أنّ النساء يعانين من ظاهرة اكتئاب الشتاء ويطلق عليها الباحثون مصطلح “الاضطرابات العاطفية الموسمية”.
وتعزو الدراسات أسباب هذا الاكتئاب إلى أن أشعة الشمس ومقدار الضوء التي يشعر بها المخ عن طريق الجمجمة، يؤثران على الساعة البايلوجية ويحدثان فيها تفاعلات كيمياوية تكون هي السبب في تغيّر الحالة المزاجية؛
بمعنى إن التغيرات اليومية التي تحدث بدرجة الإضاءة في أيام الشتاء تؤثر على نظام وإيقاع الجسم المتمثل بدورة النوم والإستيقاظ الطبيعية، ما يؤدي إلى الشعور بالإكتئاب.
لماذا؟
الذي يحصل تحديداً أن المساء الطويل في الشتاء وقلة الضوء يؤديان إلى زيادة في إفراز هرمون “الميلاتونين” حيث هو المسؤول عن الشعور بالنعاس والخمول والضجر ونقصان في هرمون (السيروتونين) الذي يوصف بهرمون (السعادة).
والملاحظ أن النساء تزداد رغبتهن في تناول الطعام في الشتاء ويشتهين الكربوهايدرات بشكل مفرط لاسيما الخبز والزبدة والمأكولات الدهنية دون أن يعلمن أنها تعدّ أحد أسباب حالة الاضطراب العاطفي الموسمي، وأنها ممتلئة بسعرات يومية إضافية تؤدي الى زيادة أوزانهن في الشتاء.
أما لماذا يشيع اكتئاب الشتاء بين النساء فذلك يعود إلى أن المرأة تكون أكثر حساسية من الرجل، ولأن هرموناتها تتعرض إلى تغييرات أكثر لاسيما في أوقات الدورة الشهرية، فضلاً عن تعرضها إلى ضغوط نفسية وعنف أسري واجتماعي ووظيفي. هناك حالة أخرى تنفرد بها المرأة العراقية هي شعورها بأنها حبيسة بيت لا تدخله أشعة الشمس ولا تنيره الكهرباء!
كيف تتجنبين الاكتئاب؟
ولتجنّب (اكتئاب الشتاء عند النساء) فأنه ينبغي أن يستهدف أولاً التقليل من إفراز هرمون الخمول (الميلاتونين) وزيادة إفراز هرمون السعادة (السيروتونين) وذلك بتشغيل المصابيح ذات اللون الأبيض وتدفئة البيت وتناول القهوة والمكسرات والشكولاته، ووضع العطور؛ حيث ستعمل هذه المواد المنبهه على الراحة النفسية وتحسن الحالة المزاجية للوالدة أو الزوجة أو الأخت.
ويبقى للجانب النفسي دور كبير وذلك بتشجيع المرأة على الاهتمام بأناقتها وارتداء ملابس ملونة، ومساعدتها على إعداد وجبة العشاء مثلاً ومشاهدة أفلام و مسلسلات مريحة (مو كلها غمّ وهم!).
للرجال والنساء معاً
وقد يقول الرجال: نحن أيضاً نعاني من تعكّر المزاج في الشتاء. ولهم ولهنّ نقدم أربع نصائح للتعامل مع كآبة الشتاء، نوجزها بالآتي:
1ـ ممارسة التمارين الرياضية، سواء بالانضمام إلى النوادي الرياضية أو الخروج للممارسة الرياضة بشكل يوميّ. فالمشي الصباحي للرجال بشكل خاص، والرياضة حتى داخل البيت تعدّ من أفضل الطرق للتخلص من الملل والشعور بالانقباض في الشتاء.
2ـ ارتداء الملابس والأحذية الدافئة، لأن زيادة الشعور بالبرودة في فصل الشتاء تزيد من مشاعر الكآبة، لاسيما لدى أصحاب الأجسام التي تشعر بالبرد الشديد, وبارتدائهم ما يدفئهم، يبتعد عنهم الشعور بالاكتئاب.
3ـ إشاعة ثقافة النظام الغذائي الصحيّ داخل البيت، لأن نوع الغذاء يلعب دوراً كبيراً في تقلّب المزاج, فهناك كثير من الأغذية التي تسهم في تحسين الحالة المزاجية للفرد كالخضراوات والفواكه والأسماك الغنية بالفيتامينات كفيتامين (د), والتقليل من استهلاك النشويات للحدّ من الشعور بالإكتئاب. ونزيد في توضيح هذه القضية الكيميائية بأن مادة (السيروتين) في الدماغ هي المسؤولة عن شعور الفرد بالسعادة، ولأنها تنخفض مستوياتها في الشتاء بسبب نقص أشعة الشمس، فإن تناول الدجاج والسمك والموز والأطعمة الغنية بالحامض الأميني تساعد أجسامنا على صنع السيروتين.
4ـ ضمان عدم تقلب مستويات السكر في الدم، لأن تقلّبه يؤدّي إلى التعب والشعور بالإزعاج، ويشجع على نشوء الرغبة بتناول الكعك والكيك والحلويات التي تتحول سريعاً الى سكّر، حيث هي العادة عند معظم العراقيات والعراقيين..وقت العصر!
ترى.. هل ستأخذ هذه النصائح طريقها إلى التطبيق أم أن عاداتنا وثقافتنا التقليدية ستجعلها تدخل من هذه الأذن وتخرج من الأخرى؟!