عبد الله صخي /
بعد تراجع الاهتمام بالقصة القصيرة، وانسحابها أمام تقدم الرواية في المشهد الأدبي لبلدان عديدة، عربية وأجنبية، شرعت العاصمة البريطانية في تطبيق مبادرة لإحياء ذلك الجنس الأدبي في أوساط القراء. دراسة أجريت العام الماضي أظهرت أن أكثر من ثلث البريطانيين تركوا الرواية وأخذوا يبحثون عن نصوص قصيرة لا تستغرق قراءتها وقتاً طويلاً. ولأنهم لا يحصلون على مثل تلك النصوص مطبوعة خارج منازلهم، كانوا يلجأون إلى الهاتف المحمول لتصفحه. لكنه لم يكن مقنعاً تماماً للكثيرين، خصوصاً أولئك الذين يحبون الورق. وجاء الحل من آلة (من ذلك النوع الذي تُشترى منه علب المياه والمشروبات الغازية) وضعت في محطات القطارات ليصبح بمقدور أي شخص ذاهب إلى عمله أو عائد منه الحصول على قصة قصيرة أو قصة قصيرة جداً مجاناً. فهناك قصص تستغرق قراءتها دقيقة وأخرى ثلاث دقائق ثم خمس دقائق. فما على القارئ إلا أن يكبس الزر حتى تظهر له قصة مطبوعة على الورق يتناولها ويمضي.
منذ الأيام الأولى لقي المشروع استجابة لافتة من القراء. فقال أحدهم، في تقرير صحافي، إنه توقف عن قراءة الرواية التي اعتاد عليها سابقاً بسبب طولها وبسبب الوقت الذي تستغرقه خاصة وأنه يقضي في العمل نحو عشر ساعات يومياً، بينما القصص التي توفرها الآلة لا تأخذ منه سوى دقائق. وقال آخر: “سنقرأ شيئاً جديداً، لا يمكننا الاستمرار في قراءة الكتب والمجلات والصحف فقط”، فيما عبرت قارئة عن سعادتها بأن يديها سوف تتخلصان من الهاتف المحمول، وقالت إنها تحب القراءة لكنه شيء جميل أن تقرأ نصاً في صفحة واحدة “فهذه الأيام كل ما تبحث عنه تجده في الهاتف.” ثم طبعت قصة تستغرق قراءتها دقيقة واحدة عنوانها “موت السيد روبنسن” قدمها خصيصاً للمشروع الروائي أنطوني هورويتز.
خلال أيام ارتفع عدد المهتمين باستخدام آلة القصص، وأصبح من السهل أن تشاهدا طابوراً من المنتظرين لاختيار نصوصهم في ساعات محددة من النهار خاصة في نهاية يوم العمل، فهؤلاء يفضلون القراءة أثناء رحلة العودة بالقطار إلى منازلهم والتي قد تستغرق ساعة أو ساعة ونصف.
وإذا كانت المبادرة هدفت إلى توفير المتعة والوقت فإنها لفتت الانتباه إلى أهمية فن القصة القصيرة في حياتنا، هذا الفن الذي يعاني هجران محبيه الذين تآلفوا معه لعقود طويلة.