حسن العاني /
عدم التوصل الى معرفة هاتين القضيتين هما أبسط شيء في غرابة شخصيته، فقد دخل الرجل مقهانا الشعبي لأول مرة قبل أكثر من عام… ألقى التحية واتخذ له مكاناً مجاوراً لمنضدة تلعب شلّتها الورق (كونكان)، كان متفرجاً من غير أن يحشر نفسه او يتطفل، لكنه في اليوم الثاني أبدى ملاحظة كانت غاية في الدقة والصواب بحيث أبهرت اللاعبين. وفي اليوم الثالث اتسعت ملاحظاته التي رفعت رصيده من الإعجاب به الى أقصى درجة، وفي اليوم الرابع غير مكانه وجلس الى جانب مجموعة تلعب الدومينو، وسرعان ما حظي بإعجابهم للسبب نفسه، وتكرر الموقف مع لاعبي النرد، وفي أقل من شهر صار صديقاً للجميع!!
كان اللاعبون على تباين الألعاب يدعونه بإلحاح ليشاركهم اللعب وهو يعتذر، ولكنه يجالسهم ويبدي ملاحظاته هنا وهناك، وانتهى الأمر بهم الى منحه صفة الخبير او الحكم الذي يرجعون اليه، لاسيما بعد أن وجدوا فيه إنساناً واسع الثقافة والاطلاع، شديد التواضع… وبرغم مرور الأيام كان يرفض أن يدفع أحد ثمن مشروباته الساخنة او الغازية!!
قمة الإبهار في غرابة شخصيته التي أحبوها، أنه بين الحين والحين الآخر ينقل لهم خبراً لم يسمعوا به او يطلعوا عليه، وكان يقسم بشرف زوجه وبناته أن ما أخبرهم به صحيح مئة بالمئة… وما هي إلا بضعة أيام حتى يظهر أن خبره مضبوط، ووسائل الإعلام تتناقله!!
آخر أخباره أن مجموعة من الوجهاء تمثل الشعب العراقي شكلت وفداً من شتى شرائح المجتمع وطلبت مقابلة الحكومة للتداول معها عن الأضرار المادية والصحية والنفسية التي تعرض لها العراقيون نتيجة الغبار والعواصف الترابية التي ضربت مناطق العراق جميعها، ولمعرفة السبب الحقيقي وراء عدم تعرض المنطقة الخضراء الى ذرة تراب واحدة.. وأقسم بشرف زوجته وبناته على هذه المعلومة، ولم يكن أمامنا إلا أن نصدق، وننتظر رد الحكومة على الرغم من اكتشافنا أن الرجل غير متزوج!!