حسن العاني/
أوردت مجلّة الشبكة العراقية الغرّاء في عددها ذي الرقم 416 خبراً أو معلومة تحت عنوان (نزاهة بابل ق.م)، وهي معلومة تستحق التأمل طويلاً، والانحناء إجلالاً..
• إذ جاء فيها (في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وجّه حمورابي ملك الامبراطورية البابلية، رسالة الى رئيس المجلس العقاري في مدينة لارسا البابلية ” شامس هازير” يطالبه فيها بالتحقيق في السجلات العقارية ليامونبال، بعد تلقّيه رسالة من راعٍ يدّعي فيها أنَّ مسؤولاً رفيعاً استولى على أرضه، داعياً إياه الى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة بحق يامونبال في حال ثبوت الاتهام) !!
• لم تكن سرقة القرن هي أول الغيث ولا آخره، ولكنّها استأثرت بشهرة واسعة.. ما أذهلني الى حدّ الحيرة هو أن هذه السرقات بشتى أنواعها وحجومها تفتقر الى المعادلة الموضوعية، بمعنى التكافؤ بين (نوع وحجم) السرقة، و(نوع وحجم) العقوبة… لم أسمع أنَّ حبل المشنقة التَفَّ حول رقبة حرامي عملاق بلغة المليارات.. ولم أسمع عن عقوبة مزدوجة – وهو ما يجب أن يحصل – أي السجن لمدة خمس سنوات او عشر او المؤبّد (مع استرجاع) كل دينار سرقه الحرامي من أموال اليتامى والفقراء والعراقيين، ولكنّني سمعت بأن كبار السادة الحرامية كانوا يعيشون حياة الدلال في التوقيف او الحجز او السجن، ابتداء من أشهى الأطعمة، صعوداً الى أجهزة الموبايل وأسرّة النوم الارستقراطية، وسمعتُ أن استرجاع الأموال المسروقة من حضراتهم يتمّ بالتقسيط المريح، وسمعت….
• في عددها المرقّم 416 نشرت مجلة الشبكة العراقية وفي صفحة (8)معلومة تحت عنوان (بوداني والمحاكم العراقية) – اماندو بوداني عالمة آثار أميركية – جاء فيها (لم يكن أهل بلاد الرافدين يترددون في اللجوء الى المحكمة اذا ما شعروا بالظلم، وكانوا يحتفظون بالكثير من العقود التي توثّق معاملاتهم، فاذا اشترى أحدهم بيتاً او حقلاً او استأجر عاملاً او خادماً، او اقترض قرضاً او تبنّى طفلاً، فإنَّه يلجأ الى أحد الكُتَّاب لتوثيق العقد وتدوين شروط الاتفاق)!!
• وفي العدد نفسه نقرأ خبراً عن قيام وزارة التجارة بحجب مفردات التموينية عن (25) ألف اسم وهمي.. وقد سبق لمسؤول عراقي كبير في السلطة التنفيذية أن أشار بما يشبه الاعتراف الى أن هناك قرابة (50) ألف عسكري (فضائي) يتقاضون رواتب من الدولة، وكان غير مسؤول رفيع المستوى قد ذكر أرقاماً مماثلة لفضائيين في شبكة الرعاية الاجتماعية وغيرها… ونحن نرفع قبعاتنا احتراماً لتصريحاتهم، وكنّا سنرفع قبعاتنا ورؤوسنا الى السماء لو أن العقوبة لم تكن مقتصرة على إعادة المبالغ المسروقة الى الخزينة، وكفى الله المؤمنين شرّ القتال.. فليس أكثر تشجيعاً على تضخّم أعداد الفضائيين من هذه العقوبة، وكل ما أخشاه في المستقبل أن تتحوّل العقوبة الى مكافأة تشجيعية لجهودهم المتميزة في السرقة!!