أسلوب التفضيل !

حسن العاني /

على الرغم من أن شعوب الكرة الأرضية تتباين في لغاتها ولهجاتها ونطقها تبايناً يصل الى حد التقاطع أحياناً، وفي أحيان أخرى تقترب الكثير من المفردات والمسميات فيما بينها، كما لو كانت من جذر واحد، أو أن بعضها سطا على البعض الأخر..
أقول على الرغم من ذلك، فإن هناك مشتركات لغوية ثابتة، في مقدمتها أسلوب التفضيل كقولنا (مهم / أهم / الأهم)، ويلاحظ أن المفاضلة هي نوع من المقارنة المتدرجة من الأدنى الى الأعلى: جميل / أجمل / الأجمل.. الخ. ففي النظام السابق مثلاً كانت القضية الفلسطينية (مهمة) في طروحاته السياسية، ولكن ما هو (أهم) كان يتمثل ببناء المزيد من القصور الرئاسية التي تحول اسمها بين ليلة وضحاها الى (قصور الشعب)، وأصبح دخولها من قبل الجميع، وتمضية ليلة في حدائقها، وتناول وجبات مذهلة على موائدها، أمراً متاحاً ويسيراً بعد أن كان المرور على مبعدة ألف متر منها يعد مؤامرة تستهدف أمن البلاد. غير أن (الأهم) من فلسطين والقصور هو صدام حسين.. البطل والرمز والملهم وقائد الجمع المؤمن!!
بعد سقوط (البطل) بطريقة مذلة ومهينة، نشأت أولويات جديدة تناسب طبيعة المرحلة، فالانتخابات والأصابع البنفسجية (مهمة) لأنها عنوان الديمقراطية والحرية، ومع أن حكايات الديمقراطية والانتخابات وحرية التعبير والرأي والرأي الآخر تمثل هوية (العراق الجديد)، الذي يقتضي بذل جهود استثنائية لتحقيقه بأية وسيلة، حتى لو دعت الضرورة الى انتهاج العنف والدكتاتورية، ومع ذلك فإن هناك ماهو (أهم)، لكونه يتعلق بالمنافع الاجتماعية ورواتب الرئاسات والوزراء والوكلاء وأعضاء البرلمان وأصحاب الدرجات الخاصة، هذا غير المخصصات المنظورة وغير المنظورة، على الرغم من أن بعض الدراسات الاقتصادية المغرضة أشارت، بلغة الأرقام العلمية، الى أن ترليونات الخزينة العراقية في عام (2030) – كأقصى حد – سوف تكفي بالكاد وبصعوبة بالغة، ومع شيء من التقشف، رواتب (الكبار) ومخصصاتهم فقط، وهذا يعني أن موظفي الدولة ومنتسبيها ومتقاعديها والمشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية سيبقون من دون رواتب أو أجور أو مساعدات، منتظرين ما تجود به الدول المانحة!!
الناس مقتنعة قناعة راسخة بأن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده، وإذا ما توقفت الرواتب فأبواب الرزق مفتوحة في أفغانستان واليمن وجنوب إفريقيا والسودان وأوكرانيا والباكستان و.. ومع ذلك لا يصح أن الأفضليات تقف عند هذا الحد، فهناك (الأهم) الذي يكمن في من ستكون الحكومة من نصيبه، ومن سيكون في (المعارضة)، وفرقاء العملية السياسية جميعهم يتحدثون منذ (400 عام قبل الميلاد) باعتزاز مفضوح عن المعارضة، وقلوبهم تخفق على المناصب الحكومية!!