أنا من جيلٍ بلا فضائح ..

شهد الراوي/

جيل كان يعتقد أن «الياخة الذهبية» و»القلادة السحرية» هي أثمن ما يحصل عليه أبناء الثانوية ..
كنّا نرتعد خوفاً بسبب شائعة أن تحولت إحداهن الى مسخ لأنها لم تبر بوالديها، وكانت إن هربت زميلة من زميلاتنا من سور المدرسة نحاول بشتى الوسائل التكتم على الخبر لنوبخها بعد ذلك في سرية شديدة.
أتذكر أن النميمة كانت تمشي بين أسلاك التلفونات الأرضية بين بعض النسوة وأقاربهن، وكنا نحن نعمل بمثابة الحراس على بَعضنا فلا نفضح ولا نثرثر في شائعات مريبة وذلك بسبب الذعر الذي كان يجتاح أجسادنا ونحن نستمع الى ما هو خارج عن الحياء..
أين أنتم الآن أيها الجيل الذي تهتز كل جوارحه مع ألبوم أمير الحب؟
أرجوكم عاودوا الاتصال بهذا العالم حتى لو أصبحت الأرقام «مكشوفة»، فكل شيء أصبح الآن فاضحاً ومستباحاً وسافراً ..
اتصلوا وأعلنوا حزنكم واستغرابكم البريء لما يحصل في هذه الأيام الغريبة ..
هذا الشاب شاهدت صفحته قبل أشهر، جعلني ابتسم ابتسامة قديمة تشبه البراءة المفقودة من هذا العالم ..
قلت في نفسي يا إلهي كم هو جميل ورقيق ومختلف، موهوب ومأخوذ بالمسرح، ينظر الى الوجوه المريبة نظره إعجاب وحب!
كان يعيش في عالمه الخاص، وله عين متفردة تنظر بالجمال وحده ولا شيء غيره ..
أمس، راقبت غرفته عبر التلفزيون فوجدتها رغم تواضعها البالغ مرتبة، يصفف قبعاته البسيطة بطريقة وكأنها من ماركة “لويفيتون”، يغرس الورود الاصطناعية هنا ويعلق لوحات من رسمه هناك، يثبّت مرآة متواضعة بجانبها عطوره بشكل أرستقراطي، يا إلهي ما هذا الترتيب وما هذه الأناقة المترفة ببساطة والوجه المبتهج الذي لا يزال يحتفظ ببريقه حتى بعد ان غادر هذه الحياة ..
كيف ودعتَ الدنيا وأنتَ تنظر الى المسرح الوطني بحسرة فنان في رأسه حلم النجومية ..
قتلوك يا كرار..
قتلوك لأنك جميل في زمن السوشيال ميديا، حالم في زمن الآيباد الذي يستخدمه من لا ترتجف أصابع يده عندما يسطر الشتائم والبذاءات والفضائح ..
قتلوك لأنك مازلت تعتقد أن “ الياخة الذهبية “ ستضيف الى مظهرك أناقة اخرى، ولأنك ابن الأغنيات الرومانسية ولا يهزك صوت كأنه يأتي من ضجيج المصانع يردد “ماكو صوتك عني غاب”
من قتلك يا كرار يعلم جيداً أن روحك ستطارده الى آخر مزبلة في هذا الكون ..