إجازة تفرغ

عبد الله صخي/

كتب الروائي المصري صبري موسى روايته “فساد الأمكنة” بين عامي 1968 و1969 برعاية وزارة الثقافة المصرية التي منحته إجازة تفرغ للإقامة في الصحراء الشرقية حول جبل “الدرهيب” القريب من شواطئ البحر الأحمر جنوب مصر على حدود السودان. قوبلت الرواية بعناية وحفاوة بالغتين من الدولة المصرية وفازت بجائزتها التشجيعية، ومُنح كاتبها وسام الجمهورية للفنون عام 1974.

وتردد أن موسىلم يكن بمقدوره إنجاز الرواية لولا إجازة التفرغ. في ذلك الوقت كان الكاتب العراقي يعاني من مصاعب في نشر نتاجه الأدبي. فإذا وافق الناشر الحكومي الرسمي على طبعه فسيكون المؤلف محظوظاًوإلا عليه أن يطبعه على نفقته الخاصة.
وفي هذه الحالة نراه يبحث عمن يساعده في تحمل بعض تكاليف الطبع. وكانت النقابات تنهضبتلك المهمة لهذا نقرأ على الغلاف الأول أو الثاني (في سبيل المثال) عبارة “ساعدت نقابة المعلمين على طبعه” أو “ساعدت وزارة النفط على طبعه”. وينطبق هذا على الجامعات والمؤسسات الأدبية والفنية.

بعد قرار وزارة الثقافة المصرية عام 1959بمنح إجازة تفرغ للمؤلفين تصل إلى سنة أو أكثر مدفوعة الأجر حذت وزارات ومؤسسات ثقافية عربية حذوها فالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت منح إجازة تفرغ للإنتاج الفني والأدبي لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد. ثم أخذ على عاتقه تقديم الدعم المالي للمختصين الكويتيين في مجالات الشعر والرواية والقصة والمسرحية على أن يحمل الغلاف الداخلي للكتاب المدعوم عبارة “طبع بدعم من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب”. وفي البحرين حصل الشاعر قاسم حداد على إجازة تفرغ للعمل الأدبي من وزارة إعلام بلاده عام 1997.وفي تونس أقر قانون “رخصة مبدع”الذي يمنح إجازة خالصة الأجر لمدة سنة قابلة للتجديد للمبدعين والمثقفين العاملين في القطاع العمومي للتفرغ لنشاطهم الإبداعي. إضافة إلى ذلك حظي المبدعون والفنانون وعائلاتهم منذ سنة 2002 بضمان اجتماعي يعطيهم امتيازات صحية واجتماعية.وفي بلادنا ظل الكاتب الشغيل يسرق الوقت كي ينجز نصه ويجمع المال اللازم لطبعه على نفقته الخاصة. وإذا رق قلب الناشر فسيطلب منه تحمل قسم من التكلفة. أما عبارة “ساعدت نقابة….. على طبعه” فقد توارت في ضباب الأحلام.