عامر بدر حسون /
هل تعلم أن “إدغار ألن بو”.. الشاعر والكاتب الأميركي الشهير والمولود عام 1804 كتب أطول وأصعب قصيدة له عندما كان في الخامسة عشرة من العمر؟ وأنه أصدرها في ديوان يحمل عنوان: “الأعراف”!
لقد كتب لناشر ديوانه، (ورفعاً لأي التباس محتمل بين الأعراف المذكورة في القرآن الكريم والتي ذكرت في الإنجيل)، يقول إن القصيدة مستوحاة من القرآن وشرح المفسرين القدامى لمنطقة الأعراف، وكتب حرفياً:
“مسمى الأعراف مستوحى من المسمى العربي للمكان الذي بين الجنّة والنار والذي يبقى فيه الناس بلا ثواب او عقاب.”
ما أردت لفت انتباهك له أنه كان في الخامسة عشرة من العمر وقرأ القرآن او شيئاً منه وقرأ بعض تفسيراته.. واستوقفته هذه المنطقة بما أثارته من صور في مخيلة المفسرين الأوائل..
***
ما هي الأعراف ومن هم الذين يقفون عليها؟
أغلب التفاسير القديمة تقول إنهم أناس تساوت حسناتهم وسيئاتهم وإنهم يوضعون على هذا المرتفع (الأعراف) الواقع بين الجنّة والنار ويستطيع من يقف عليه أن يرى أهل الجنّة وأهل النار وأن يتحدث إليهم!
مشهدٌ كوني لا يمكن تخيله.. وهو أثار خيال المفسرين الأوائل فانطلقوا يتحدثون عن أصحاب الأعراف بما يملكونه من خيال أو أغراض وغايات، لكن ثقافتنا المعاصرة تكاسلت او خافت الاقتراب منه واستلهامه في كثير من الأعمال الراقية.
لنعد إلى السؤال ونعرف ماقاله الأولون في الأعراف:
قال بعضهم إنهم أولاد الزنا واللقطاء!
وقال بعض آخر بل هم العلماء والفقهاء!
وقالوا إنهم مجاهدون خرجوا للغزو دون موافقة آبائهم لكنهم استشهدوا وصار أمرهم محيراً، فالجهاد يمنعهم من دخول النار لكن معصية الأب تمنعهم من دخول الجنّة!
وقالوا بل هم من الجنّ والملائكة، وقيل هم شهود عدول يشهدون لأهل الجنّة وأهل النار.
وقيل:
– هم آخر من يدخلون الجنة / هم قوم رضي عنهم أحد الأبوين وغضب الآخر. / هم العباس، والحمزة، وعلي بن أبي طالب، وجعفر ذو الجناحين، يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه. / هم علي بن أبي طالب والأئمة. / هم أصحاب الفترة وأطفال المشركين، (أصحاب الفترة هم من ماتوا دون سماعهم بوجود دين او نبي). / هم أهل الفضل من المؤمنين وقد منحوا مقام الوقوف على الأعراف تكريماً لهم كي يروا أهل الجنّة وأهل النار. / هم مساكين أهل الجنّة.
(تمت تسميتهم هكذا لأن الله يأخذهم الى نهر اسمه نهر الحياة شطآنه من الذهب وهو مكلّل باللؤلؤ وترابه من المسك فيلقون فيه حتى تتحسن ألوانهم وتنبت في نحورهم شامة بيضاء يُعرفون بها وعندها يقول لهم الله: تمنوا ما شئتم فيتمنون فيقول الله لهم لكم ما تمنيتم ومثله سبعون ضعفاً، فيدخلون الجنّة ويرى أهل الجنّة شامتهم البيضاء فيعرفون أنهم مساكين الجنّة)!
وقيل هم الأنبياء والرسل./ بل هم قوم كانت لهم صغائر لم تكفّر عنهم بالآلام والمصائب في الدنيا وليست لهم كبائر. / هم أصحاب الذنوب العظام من أهل القبلة. / هم قوم كانت عليهم ديون. / هم أهل العجب بأنفسهم.. وغير هذا كثير ومليء بالتفاصيل المثيرة.
وأعظم أمنياتي أن لا أدخل الجنّة فوراً، بل أن أقف على الأعراف أولاً لأرى ذلك المشهد الكونيّ المذهل!