عامر بدر حسون/
في السبعينات قرر «صدام التكريتي» أن يتحول إلى صدام حسين!
وكعادته في نزواته، فإنه عمّم قراره الشخصي وحوّله إلى قانون ألزم العراقيين بحذف ألقابهم وعشائرهم أينما وردت.
لمَ فعل صدام ذلك؟
ربما لتكاثر التكارتة في الحكم وإيحاء هذا التكاثر بالمناطقية أو الطائفية، وربما لحرمان إخوته من أمه: برزان ووطبان وسبعاوي من مستوى الأخوة الكاملة والإعلان عن أنهم من أب آخر!
وحدثت مشكلة بمستوى الكارثة للكتّاب والصحفيين والفنانين وكل المشهورين الذين تحولت أسماؤهم إلى ماركة مسجلة:
(عبد الوهاب البياتي، فاضل العزاوي، يوسف الصائغ، صادق الصائغ، يوسف العاني، شفيق الكمالي و.. جمعة الحلفي الذي أصبح جمعة إبراهيم!)
وبعد سنوات أصدر صدام بالذات قراراً، يقضي بإضافة لقب العشيرة لكل عراقي في الوثائق الرسمية، وترأس عزت الدوري لجنة خاصة في القيادة تحكم بصحة الأنساب أو كذبها.. وصار العراقي يسير وفي رقبته شجرة العائلة الحقيقية أو المزوّرة!
وتم تعيين شيوخ مزيفين للعشائر من الموالين الذين أوكلت لهم مهمة مطاردة الهاربين من الجيش في قراهم ومناطقهم إضافة إلى ملاحقة المعارضين.
كان هذا أفضل وأقل كلفة من تكليف الانضباط العسكري أو أجهزة الأمن والحزب بالمطاردة، حيث جعل من الشيخ المزيَّف شرطياً يراقب له أبناء بيته وأقاربه وعشيرته.. والعقل الشرير نشط وخلاق في إيجاد الحلول السريعة الجدوى لكن التدميرية على المستوى البعيد!
وكان العراقيون في سوريا يخضعون في أسمائهم وألقابهم إلى القانون أو العرف السوري.. وهو التسجيل باسم كبير العائلة وليس العشيرة. وعلى هذا حمل أطفالنا في المدارس لقبهم العائلي الجديد وهو الاسم الثاني أو الثالث.
وقد أكملت ابنتاي نوار وشهرزاد دراستهما الجامعية في دمشق باسم نوار وشهرزاد حسون.. لكنهما، وما أن وصلتا الى أرض الفرنجة حتى تبدل الاسم كلياً وأعيد لهما لقباً لم تستخدماه منذ ولادتهما وأصبحتا: نوار وشهرزاد الفلاني (اسم العشيرة).
أتذكر استغرابهما وانزعاجهما من الاسم الجديد الذي قضى على «تاريخهما»، خصوصاً وأن نوار كانت تكتب وتسهم في عمل مجلتي «مجلة الأيام».. يعني شيء أشبه بما حل بصاحبي «جمعة إبراهيم» أيام صدام حسين بعد أن كان جمعة الحلفي!
وهي استطرادات ليس إلا، سببها إقدام الصديق جمعة الحلفي (وهذه المرة بقرار منه) على الإعلان في صفحته بالفيسبوك، عن رفع اسم العشيرة من اسمه واستبداله باسم أبيه.
وأظن أن لاطائل يرجى من هذا الفعل.. لكن ضيقه وبرمه من تفشي القيم العشائرية المتخلفة وتسيّدها في المجتمع ضغطا عليه فلم يجد إلا رفع اسم العشيرة والتقدم في الحياة بصدرٍ عارٍ!
العشيرة ستقاضيك اليوم أو غداً على ما تعتبره تبرؤاً منها مادام دهس دجاجة عابرة تحول عندنا الى فعل عشائري يتطلب رد فعل مماثل بالنار والحديد.. فأين ستذهب إن حصل هذا؟ وعند من ستكون «دخيل»؟!
خليك حلفيّاً مثل والدك إبراهيم الحلفي.. ودعه يفخر وهو في قبره، بأنك إضافة للعشيرة!