يوسف المحمداوي /
“إنّنا بحاجة للخلافات أحيانا، لمعرفة ما يخفيه الآخرون في قلوبهم، قد تجد ما يجعلك في ذهول، وقد تجد ما تنحني له احتراما” هذا ما قاله شكسبير، لكن ما نفعله نحن اليوم كأدباء وكُتَّاب يخالف ما ذهب إليه الأديب الانكليزي، فالرجل قال أحيانا ونحن نديم تلك الخلافات بمناسبة وغير مناسبة وكأنَّ الخلافات هي الغاية والوسيلة للوصول إلى سبل الخلاص من معاناتنا وخيباتنا وخساراتنا.
خلافات البعض مع اتحاد أدباء وكُتَّاب العراق لأسباب تجدها مريبة وتحمل دوافع حزبية ورثها البعض كجينات من الزمن الديكتاتوري وطائفية وقومية ونفعية أحيانا، لست هنا بصدد الدفاع عن الاتحاد، ولا وجدت نفسي متملقاً أو مادحاً لأحد يوما ما بقدر ما وجدتها تؤمن بمقولة: “إذا صنعت معروفاً فاستره، وإذا صنع معك فانشره”، ولا أظن أنَّ هناك عاقلا يرفض العمل بذلك بشرط أن تكون لديه البيّنة والدليل على صدقية وإيجابية ذلك المعروف الذي قام به الاتحاد، فأي مريض لم يجد الاتحاد وفي زمن الخوف من وباء كورونا حاضراً في بيته مُقدِّماً له الدعم المادي والمعنوي، أي حالة وفاة لأديب لم تجد الاتحاد أول المشيّعين والمعزين بوفاته أو بوفاة قريب له، وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بالصور والأدلة الدامغة الدالة على ذلك الفعل، والأمر ينطبق على حالات الفرح والسرور، ناهيك عن احتفاليات التكريم والفعاليات اليومية المتنوعة التي سبقت الوباء والتي تلته من خلال نعمة المنصات، ومواكبته على إصدار مجلة الاديب العراقي فضلا عن الصحف الثقافية سواء في المركز أو المحافظات، والأمر المهم والأهم هو قيام اتحادنا بطبع عشرات العناوين لمختلف الادباء والكُتَّاب العراقيين وتوزيعها بين الأعضاء مجانا، سواء بالمقر العام أو بفروعه في المحافظات وشملت تلك الخطوة الرائعة أدباء وكُتَّاب الخارج، وأنا منذ عامين إلى يومنا هذا دخل مكتبتي ما يقارب (100) كتاب لمختلف الاجناس الادبية مجانا من منشورات الاتحاد، الذي لا يتلقّى الدعم من الحكومة ويعتمد في وارداته على ما يدخله من النادي الترفيهي وبعض المحال المؤجرة في واجهة بنايته.
واتذكر هنا حادثة تحمل حجم معاناة الأديب العراقي فقد سألني أحد الادباء عن الانفجار الذي هزّ شارع المتنبي، مستفسرا عن سلامة صاحبه بائع الفلافل الذي يعطيه أحياناً السندويج بالدين، فهو لم يسألني عن كم مكتبة أحرقت وكم من صديق استشهد! وهذه هي المحنة التي يعيشها الأديب العراقي بعد أن تخلّت عنه الدولة تماما، ولم يتبقَ لدينا سوى اتحاد الجواهري، فلنحافظ عليه بالكلمة الحق و”كفى المرء نبلا أن تعدّ معايبه” كما يقول الشاعر.