طه رشيد/
لا يختلف عاقلان على أحقية المواطن بالانتماء لطائفة أو لدين أو لعشيرة. فالناس ولدوا على فطرة آبائهم. ولكن التقوقع داخل هذه التشكيلات (الطائفة، العرق، الدين، العشيرة) والدفاع عنها أو عن إحداها ظالمة أو مظلومة فهو الذي يفتح باباً مشرعة على «الطائفية المقيتة» التي عانى منها شعبنا الأمرّين، وخرّبت أركان الدولة والمؤسسات التي نصب عليها طائفيون فاسدون لا همّ لهم سوى زيادة أرصدتهم في المصارف! زد على هذا أنهم لا يتحلون بأي مؤهل أو كفاءة يشار لها بالبنان.
وهؤلاء هم الذين يغذّون الحَقن الطائفي بخطابات وكتابات وتصريحات وأهازيج و»ردّات» لا همّ لها سوى الإثارة الطائفية، التي تشكل في مرحلتها النهائية إنتاج بؤر إرهابية يمكن أن تنفجر في أية لحظة، وهذا ينطلي على معظم المتصدرين لواجهات الطوائف والتكتلات.
ولذلك لا بد ان يرتقي العراق بقوانينه كي يعود إلى شكله الأول حين كان مصدراً للعلم والمعرفة.
وهذا يحتاج بالدرجة الأساس الى تربية النشء الجديد تربية صحيحة تبعده عن التخندقات الطائفية من خلال مناهج دراسية تتناول التاريخ والأديان والقوميات كافّة بشكل موضوعي وصولاً لرياض الأطفال ومدارس وجامعات ومؤسسات تهتم بالعلم والثقافة أولاً لبناء وطن متآخٍ مسالم وعلى الطريقة التي أخذها كبار الرموز العراقية منهجاً لهم وهي «الدين لله والوطن للجميع».
ومن أجل لجم الأصوات الطائفية النشاز لا بد من إقرار قانون يحرّم ويجرّم أية دعوة طائفية من أي كائن جاءت.
ونستطيع أن نأخذ من البلدان المتطورة في هذا المجال نموذجاً، من اليابان إلى فرنسا التي شرعت ومنذ زمن بعيد قانوناً يحرم العنصرية ويعاقب مرتكبيها بالسجن وبالغرامات المالية، والقانون يطبق على الجميع من دون أي استثناء. وكان آخر من طبق عليه هذا القانون هو أحد وزراء الحكومات الفرنسية السابقة. كان هذا الوزير يروم السفر عبر أحد المطارات وحين وصل إلى تفتيش الحقائب قال مازحاً، كم ادعى آنفاً : «كأنني في إفريقيا»! لأنه لاحظ اللون الأسمر الداكن لمعظم العاملات في قسم تفتيش الحقائب. وقد دفع الثمن غالياً حين اشتكت عليه العاملات متهمات إياه بالعنصرية بسبب قوله آنف الذكر. ولم ينفع دفاعه بأنه كان يمزح بذلك القول وعوقب وفق القانون.
ما أحوج العراق بقانون شبيه للتصدي للأصوات الطائفية والعنصرية ويطبق على الجميع من أجل مصلحة الجميع!