عبد الله صخي /
في خطوة شجاعة، أعادت الطبيبة السويدية كريستينا دوكتير جائزة نوبل للسلام إلى الجهة المانحة اعتراضاً على منح جائزة نوبل للآداب للكاتب النمساوي بيتر هاندكه لإنكاره مذبحة سربرنيتشا التي نفذها الصرب ضد المسلمين أثناء معارك البوسنه والهرسك في يوليو/تموز 1995، فيما تمسكت بالجائزة نفسها أونغ سان سوتشي رئيسة الحكومة في ميانمار (بورما سابقاً)، ودافعت عن قرار جنرالاتها بارتكاب مجازر جماعية ضد أقلية الروهينجا المسلمة.
دوكتير أعلنت قرارها أثناء مشاركتها في مظاهرة أمام الأكاديمية السويدية مع العديد من النشطاء والمحتجين على منح الجائزة لهاندكه الذي حرص دائماً على إنكار الإبادة الجماعية في سربرنيتشا والتي كان من أبرز المتورطين فيها صديقه المقرب الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش الذي عثر عليه ميتاً في زنزانته أثناء محاكمته من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
تلك المجزرة، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أبشع جريمة على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، راح ضحيتها أكثر من ثمانية آلاف من المسلمين.
كان أغلب الضحايا من الذكور، الذين تراوحت أعمارهم بين 7 سنوات و70 عاماً، وتسببت في نزوح نحو 124 ألف منهم إلى بنغلاديش.
دوكتير الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 1988 لخدمتها في مجال الإغاثة عملت في سربرنيتشا منذ عام 1990 وطالبت بسحب جائزة نوبل من هاندكه “لأنه لا يستحقها”، حسب وصفها.
وقالت: “ما دمت حية سأشهد بما رأيته بعيني ولا يمكن إنكار تلك الحرب البشعة”، ونزعت من عنقها الميدالية وهي تقول إنها تشعر بالفخر لكنها اليوم تشعر بخزي شديد منها.
وخاطبت الحاضرين: “لا يمكن أن يكون الأدب فوق جرائم الحرب، من يقول ذلك فإن يديه ملطختان بالدماء”.
زعيمة ميانمار أونغ سان سوتشي، خلال سنوات المعارضة، ظلت رهن الإقامة الجبرية 14 عاماً بقرار من السلطات العسكرية في بلادها فحصلت على جائزة نوبل للسلام كمناضلة. وحين وصلت إلى أرفع منصب في نظام ميانمار عام 2016 نسيت سنوات العزلة فوقفت مؤخراً أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي لتبرر لجنرالات الجيش الإبادة الجماعية ضد أقلية الروهينجا.
وبما أن قوانين الجهة المانحة للجائزة لا تسمح بسحبها انطلقت الاحتجاجات التي تطالب سوتشي بالتخلي عن الجائزة طوعاً إلا أنها رفضت ذلك بل تجاهلته تماماً.
الطبيبة دوكتير تصرفت انطلاقاً من موقفها الإنساني، بينما تصرفت سوتشي انطلاقاً من مصلحتها الشخصية.