الأيقونة البصَرية لبغداد

أحمد سعداوي
بالتزامن مع اختيار منظمة السياحة العربية بغداد عاصمةً للسياحة العربية في 2025، يثار في الذهن تساؤل عن المركز الحضري لبغداد، من زاويتي النظر السياحية والإعلامية، والأيقونة البصرية التي حين نراها نتذكّر المدينة المرتبطة بها على الفور.
من المفارقات أن الصورة الأيقونية لمدينة باكو، عاصمة جمهورية أذربيجان، هو متحف حيدر علييف، الرئيس السابق، الذي صمّمته المعمارية العبقرية العراقية زها حديد في 2007، واكتمل تنفيذه في 2010، وصار منذ ذلك اليوم، وبسبب التكثيف الإعلامي، يحيل مباشرة إلى المدينة، حينما تُرى صورهُ في وسائل الإعلام.
صمّم المعماري الفرنسي غوستاف إيفل برجه الشهير، واكتمل تنفيذه في31 مارس 1889. وكان الهدف من البرج هو أن يكون احتفاءً بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية، لكنه منذ ذلك اليوم صار أيقونة بصرية لمدينة باريس، وفرنسا عموماً. القيمة نفسها نجدها في برج خليفة، باعتباره مبنىً حديثاً، ولكنه يشير إلى مدينة دبي بشكل مباشر.
بالعودة إلى زها حديد، هل يكون مبنى البنك المركزي العراقي، قيد الإنشاء حالياً، الذي صمّمته المعمارية الراحلة، هو الأيقونة البصرية لمدينة بغداد؟
بالتأكيد سيضاف هذا المعلَم إلى الأيقونات البصرية لبغداد، لكنه لن يكون الوحيد، ففي الحديث عن باريس مثلاً، تقف كاتدرائية نوتردام التاريخية، مع برج إيفل العصري والحديث نسبياً، في منافسة على التمثيل الأيقوني البصري لمدينة باريس.
كذلك هو الحال مع مدن كثيرة حول العالم، حيث نجد المعلم التاريخي القديم هو ما يمثلها بصرياً، كما هو الحال مع مبنى الكوليسوم في روما، أو الأهرامات (التي تقع ضمن منطقة القاهرة الكبرى بمحافظة الجيزة)، أو مسجد قبّة الصخرة في إحالة إلى القدس، والجامع الأموي في دمشق، وكاتدرائية القديس باسيل ذات ألوان الآيس كريم في موسكو، وغيرها الكثير.
برأيي؛ أن نصب الحرية في ساحة التحرير هو ما يمثل الأيقونة البصرية الحديثة لبغداد، ينافسه بالمرتبة الثانية تمثال شهرزاد وشهريار في شارع أبي نوّاس، أما الأيقونات التاريخية فهي كثيرة، لعلّ أهمّها أضرحة الكاظمين والإمام الأعظم، والمدرسة النظامية، ومجمل المنطقة الحضرية القديمة في شارع الرشيد والمتنبي.
ما تحتاجه هذه المعالم هو تطوير الفضاء المحيط بها لاستيعاب النشاط السياحي، والتركيز الإعلامي والفنّي والثقافي لتوسيع مساحة الضوء المسلّط عليها كصور أيقونية بصرية عن مدينة بغداد.