نرمين المفتي/
إن ثورة الحسين (ع) تعني أن يكون الإنسان حراً، مالكاً قراره، وإن كان مسؤولاً فذلك يعني أن يكون صادقاً في وعوده، مرتبطاً بشعبه ومصالحه.
أكد الإمام الحسين (عليه السلام) في وصيته، التي أمّن عليها أخاه محمد بن الحنفية، قبيل أن يغادر مكة المكرمة في الثامن من شهر ذي الحجة سنة 60 هجرية، على الإصلاح، إذ كتب فيها “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.” وبهذا الهدف الأسمى، تستمر ثورة الحسين (ع) طالما استمر الفساد، ليس الفساد المالي فقط، إنما أيضاً الفساد في السلوك والعمل والإدارة والقول والعقيدة والهدف. لم يكن أبو عبد الله (ع) باحثاً عن سلطة أو جاه، إنما أصر على أن يقول (لا) للفساد الذي حاول تثبيت نفسه، تلك الـ (لا) التي أصبحت مدرسة إنسانية لكل من يبحث عن حياة قويمة وكريمة بيد نظيفة وقلب سليم وروح لا تعرف الشر والحقد والعنصرية.
بهدف الإصلاح انتصر الدم على السيف. وبه يستمر الحسين (ع) تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، بينما لا يذكر التاريخ الفاسدين الذين حملوا سيوفهم (دفاعاً) عن فسادهم إلا باللعنة. أن تكون حسينيا لا يعني أن تكون من ديانة أو طائفة أو قومية معينة، إنما يكفي أن تكون متصالحا مع نفسك، صادقاً نظيف اليد والقلب. الإصلاح ليس كلمة فقط، إنما هو برنامج عمل لمواجهة الفساد، لا يبدأ بمحاسبة أصحاب المحتوى الهابط، ولا ينتهي بالقضاء على الفساد المالي والإداري، وبينهما الالتفات إلى مواجهة الفقر والأمية والمخدرات والإصرار على توفير حياة كريمة للجميع، ومثل هذا البرنامج يحتاج إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيداً عن المحاصصة، التي ليس من خلالها فقط يشارك الجميع في الحكومة وإدارتها ومؤسساتها، إنما بالكفاءات.
إن التنوع العراقي، الذي لطالما منح العراق هويته وثقافته المميزة، بل وكان مشاركاً في حضاراته القديمة، يمتلك الكثير من الكفاءات، والجامعات تشهد. إن ثورة الحسين (ع) تعني أن يكون الإنسان حراً، مالكاً قراره، وإن كان مسؤولاً فذلك يعني أن يكون صادقاً في وعوده، مرتبطاً بشعبه ومصالحه. نعرف أن مواجهة الفساد ليست بالمهمة اليسيرة، لكن لنا في ثورة الحسين (ع) قدوة ومثلاً، حين لم يوقفه جيش الفاسدين والمتعاونين معهم خوفاً، ولم تغره الدنيا والسلطة.