الإنسان والحيوان

#خليك_بالبيت

يوسف المحمداوي /

أظهرت نتائج دراسة أميركية أنَّ للحيوانات القدرة على استشعار الزلازل قبل وقوعها وأنّه يمكن الاستعانة بها إلى جانب شبكات الرصد الأخرى في إطار منظومة علمية للكشف المبكر عن الزلازل، واعتمدت تلك الدراسة على رصد لأنشطة القوارض التي تنعدم تماما قبل ثلاثة أسابيع من حدوث الزلزال.
الحيوانات والنباتات في جميع دول العالم تعد محور الحياة، إذ من خلالها تسير ديمومتها وبفقدانها لا يمكن أن تستمر، وهذا الأمر ليس وليد اليوم إنما نتاج نواة الحضارة الأولى قبل آلاف السنين، وعليها بنيت معتقدات جعلت منها رموزا وآلهة تعبد، لا سيما بالحضارات السومرية والبابلية والاكدية والآشورية، ومن تلك الحضارة ترسَّختْ مفاهيم المعتقدات والتنبؤات التي تتعلق بهذا الحيوان أو ذاك، وهذا الفهم حتى نكون منصفين لا يشمل مجتمعنا فقط، وإنما هو ظاهرة شائعة في جميع مجتمعات العالم ويؤمنون بوجودها بشكل شبه مطلق، وحكايات أمهاتنا وجداتنا القديمة لا تعد ولا تحصى تنبؤاتها في هذا الموضوع، والجميع يتذكر تلك الروايات التي صرنا نؤمن بها نتيجة تحقق بعضها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، اذا أفترشت الدجاجة الأرض أو زقزقت العصافير داخل البيت، أو نزلتِ العنكبوت من السقف، وإن كنس الطفل الأرض، وإن غسلت القطة بالماء، فهذا الأمر عند والدتي دليل دامغ على قدوم ضيوف، وبكل إيمان راسخ تقوم والدتي رحمها الله بالتهيؤ والاستعداد لاستقبال ذلك الضيف المجهول، معتمدة بذلك على المكالمة الهاتفية التي جاءتها من سلوك ذلك الحيوان، ولكنّي اليوم اعتقد أنّ هذا الأمر قد علق العمل به بسبب فايروس كورونا، واذا ما تسلّلت فراشة او أي طائر إلى داخل البيت، فهذا ما ينشر الفرح عند الأهل لأن هناك خبرا سعيدا في طريقه إلى المنزل، وعلى الرغم من أسراب الطيور والفراشات التي تمرح برحاب الوطن لكن لسان حاله يقول متى يأتي الفرج؟
وللثعالب حكاياتها عند الشعوب، فيعتقد الويلزيون أنّ الشخص الذي يرى ثعلبا بمفرده فهذا مدعاة للحظ الجيد، فمتى نرى ذلك الثعلب وحيداً لننعم بالراحة ولو مؤقتا؟، لكن عندما يعبر طريقك قطيع من الثعالب وما أكثرها في العراق!، الأمر يؤدي إلى الحظ التعيس (وهذا ما حصل لبلدنا باعتقادي)، وفي أميركا ينظر إلى القط الاسود بنوع من الريبة (مع ذلك انتخبوا اوباما لقيادتهم مرتين لكونهم ينظرون إلى الواقع لا للتنبؤات)، وهناك طائر بحجم الحمامة يعرف باللغة الدارجة في العراق (الططوة) – طائر الغاق – صوته أشبه بالنواح، وكذلك نعيق الغراب الأسود يتطيّر الناس منه لاعتقادهم بأنّه نذير شؤم يخبرهم بموت أحد أفراد العائلة، لذلك تجد العديد منا حين يسمعون نعيق ذلك الطير يصيحون بأعلى أصواتهم (سجينة وملح…بالريش) لترهيبه وإجباره باعتقادهم على الفرار، ومنذ التغيير ونحن نصيح (سجينة وملح..بالريش) ولكن السكين لم تكن بالريش وإنما في القلب ما دام نعيق الغربان يملأ مسامع الوطن، وصدق علي الوردي حين قال: “الحيوان يأكلك ولا يبالي، أما الإنسان فإنّه يأكلك، ويدّعي أنّه أكلك في سبيل الله، أو سبيل الحق والحقيقة”.