الاستفتاء والمصالحة

وجدان عبدالعزيز/

بما أن الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة – إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين – في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين. وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي، وهي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلمياً وبصورة دورية، والديمقراطية والحوار يشكلان منظومة استقرار المجتمعات، إذ أن الحوار يشكل قبول الآخر، الذي بدونه لا يمكن التعايش المشترك بسلام وأمان, وتبقى الأنانية والمصالح الذاتية هي الطاغية، ومعلوم أن القبول بالآخر يهيئ البيئة الصالحة لمبدأ الحوار الديمقراطي الذي يعني طرح الخلافات بحسن النية، أي عندما أسمح للمقابل أن لديه جواباً خاصاً مختلفاً عن جوابي ضمن تساؤلات مشتركة بيننا، والديمقراطية اذا لم تكن تهدف الى تسهيل الحياه المشتركة بين أفراد وجماعات مختلفة ومتشابهة في آن واحد, وأن هذه الطبيعة المزدوجة تتفق مع العمل الجماعي والحداثة والحوار والاعتراف بين المكونات للتوصل الى مجموعة القيم المشتركة في ضوء المبادئ العامة للنظام السياسي والاجتماعي كالعدالة والمساواة، فالقبول والاعتراف بالآخر الذي يتجسد في الواقع، ولا يتشوه بظاهرة التسلط والتهديد بالقوة او بالأغلبية السياسية، فمعلوم أن الحضارة الغربية الحديثة ما نمت وازدهرت الا بعدما شاعت فيها هذه المبادئ واستقرت وأصبحت روحها وثقافتها وأسلوبها حتى مع أعدائها، وهذا مالاحظناه جميعا في استقبال حشود اللاجئين لدى الدول الغربية والاهتمام بهم ورعايتهم بشتى المجالات في الحياة، وهنا تتبادر الى ذهني تساؤلات حول دعوة البارزاني للانفصال، بينما الظاهر لنا أن الإقليم يعيش حالات استقرار وتعايش والمستقبل ينبئ بالكثير من الخيرات في ظل الديمقراطية، وظل عراق فدرالي موحد، أرسم علامات استفهام وأنا أطرح قضية الديمقراطية والحوار ضمن منظومة مبادئ الدستور العراقي الذي استفتى عليه الشعب العراقي بما فيه شعب إقليم كردستان العراق .. لكن الظاهر أن قيادة الإقليم مازالت تعيش أجواء النظام السياسي العسكرتاري والذي يقوم على اللاشرعية وغياب الدستور، وغياب القانون في تنظيم علاقات المواطنة، فكيف تكون الدعوة لقيام دولة كردية دون احترام القوميات الأخرى وفق مبدأ التعايش ـ كركوك أنموذجاً ـ ..