ياسر المتولي/
استمر قطاع التأمين بتوفير الحاضنة الآمنة لأموال المالكين من أصحاب الشركات والمواطنين من مالكي السيارات والبيوت والمصانع وورثة الراحلين إلى وقت ليس ببعيد.
القطاع المالي مثلث الأبعاد، ضلعه الأيمن المصارف، والأيسر البورصة، والضلع الثالث هو التأمين، الذي هو القاعدة التي يستند إليها ضلعا القطاع المالي. هذه الرزمة تشكل حركة المال، ليس في الدول المتقدمة فحسب، وإنما في غالبية الدول، إذ إن قطاع المصارف هو الحافظ الأمين على الأموال، المسؤول عن حركتها في الأسواق العالمية. أما البورصة فهي عبارة عن أوراق مالية (الأسهم) و(السندات) بمختلف مسمياتها ومسؤولياتها، مهمتها إدارة الأموال عبر آلية تحدد قيمة المال في حركة الأسواق، فهي مؤشر أساسي للنشاط الاقتصادي في السوق. أما التأمين فهو القاعدة التي يستند إليها الحافظ الأمين، وأداة مؤشر القيمة المصرفية (البورصة).
بتعريف بسيط لمعنى التأمين: هو “الضمانة للأموال من المخاطر التي قد تتعرض لها عبر حركتها، سواء في الحياة العامة إجمالاً، أم في حركة السوق وتحجيم الخسائر التي قد يتعرض لها المالك للمال أثناء الكوارث والحوادث المختلفة، وهي كثيرة ومتنوعة.”
وللمعلومة، فإن في الدول الأجنبية، أوروبا وأميركا على وجه الخصوص، يعد التأمين على الوحدات السكنية والسيارات إلزامياً، نظراً لكثرة الحوادث التي تتعرض لها، لكن قطاع التأمين في العراق يبدو (منسياً)، لأنه خارج التغطية!
لماذا وكيف؟ فقط لأغراض التحليل، أشير إلى أن العراق كان من البلدان المتقدمة في نشاط التأمين، حين كان يمتلك خبراء نادرين في هذا القطاع الاقتصادي المهم، حسب وصفه آنذاك بأنه قاعدة لمثلث القطاع المالي، وهم الآن – أي الخبرات العراقية – يديرون كبريات شركات التأمين في محيطنا العربي والشرق الأوسط، فضلاً عن الاستشارات التي يقدمها بعضهم الآخر للعديد من الشركات العالمية.
لقد استمر قطاع التأمين بتوفير الحاضنة الآمنة لأموال المالكين من أصحاب الشركات والمواطنين من مالكي السيارات والبيوت والمصانع وورثة الراحلين إلى وقت ليس ببعيد. لكن ما إن تصاعدات الأعمال الإجرامية لداعش والتفجيرات المستمرة، تصاعدت المخاطر وباتت صناديق التأمين غير قادرة على تعويضات المتضررين، لذا أفل نجم التأمين.
اليوم، وقد حقق العراق تطوراً ملحوظاً في توفير جانب من الأمن، وعودة العمل فيه، ودوران عجلة البناء لغد مشرق، لابد من عودة النشاط التأميني ودعمه، ولاسيما أن القاعدة والأساس المتين متوفران في عديد شركات التأمين الحكومية والأهلية، لكننا ما نزال نؤشر أن هذا القطاع الحيوي مازال منسياً، والسبب خارج التغطية، والمسؤولية يتحملها الإعلام الاقتصادي من جانب، والمالكون من الجانب الآخر. وهذا مؤشر على انعدام الثقافة التأمينية للأسف.
ومع ذلك فإننا نعتقد أن اتساع المخاطر والأحداث البيئية التي خلفها التغير المناخي، يتطلب إعادة نظر بالنشاط التأميني وقوانينه.